المقصود من «أهل البيت»
ثم إنّ عنوان «أهل البيت» أصبح مصطلحاً في الكتاب والسنّة، وعَلَماً بين المسلمين للنّبي والمعصومين من أهله عليهم الصّلاة والسّلام.
لقد اتخذ عنوان «أهل البيت» في القرآن والسنة صفة اصطلاحية.
فبالرغم من أن القرآن نزل بلسان عربيّ مبين، إلاّ أن له خطاباً خاصّاً ينفرد به واُسلوباً متميّزاً، ومن جملة مفردات الخطاب القرآني الخاصّ، مصطلح «أهل البيت»، فقد انحصر كتاباً وسنّةً بالرسول الأكرم محمّد صلّى الله عليه وآله، وأمير المؤمنين عليٍّ المرتضى والصّدّيقة الطّاهرة فاطمة الزهراء والأئمّة عليهم الصّلاة والسّلام.
لقد استوفى هذا المصطلح حقّه بالبحث والدراسة منِ قبل المحقّقين في مواضعه الخاصّة به. وقد تناولنا طرفاً من ذلك في ذيل آية التطهير في كتابنا الكبير (نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار)(1).
ونتعرّض هنا لبعض ما ذكرناه هناك، ونحيل التفصيل إلى موضعه، فنقول:
ربّما يقال ـ كما عن بعض أهل السنّة ـ أن المراد هم الأشخاص الذين كانوا يسكنون في بيت رسول الله صلّى الله عليه وآله، حتى النساء والجواري والغلمان، وذلك، لأن كلمة «الأهل» اُطلقت في القرآن الكريم على الزوجة وحدها، إذ قال تعالى في قصّة موسى عليه السّلام:
(وَسارَ بِأَهْلِهِ)(2).
ونحن نعلم أنه لم يكن مع موسى إلاّ زوجته، وقد اُطلقت كلمة «الأهل» وليس المراد غيرها، مضافاً إلى أن هذه الكلمة تأتي في اللّغة بمعنى الزوجة وسكّان الدار.
إنا لا ننكر هذا، ولكنّ الكلام في عنوان «أهل البيت» المركّب من «الأهل» و«البيت»، فإنّا ـ على ضوء الكتاب والسنّة وخاصّةً آية التطهير وما ورد بذيلها صحيحاً، وكذا سائر الاستعمالات من الأئمّة والصّحابة والتابعين وعموم المسلمين نظماً ونثراً ـ نقول:
إنّ المقصود من «أهل البيت» متى ما اُطلق ليس المعنى اللّغوي، بل لقد أصبح عَلَماً أو لقباً ذا مصداقيّة حصريّة، لأنا لم نجد في الكتاب والسنّة وسائر الاستعمالات الصحيحة مصداقاً له إلاّ محمّداً وآل محمّد، ونكتفي هنا بشاهدين:
أحدهما: قول النّبي صلّى الله عليه وآله في آية التطهير: «اللهم هؤلاء أهل بيتي»(3).
والآخر: قول زيد بن أرقم ـ فيما أخرجه مسلم ـ أنه لمّا سئل عن معنى «أهل بيتي عترتي» في حديث الثقلين وأنه يشمل الأزواج أوْ لا؟ قال: لا…(4).
نعم، متى شمل العنوان ذريّة أهل العصمة فهو من باب (أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرّيَّتَهُمْ)(5).
(1) نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار 20 / 73.
(2) سورة القصص، الآية: 29.
(3) جامع الأصول 10 / 100.
(4) صحيح مسلم 2 / 238.
(5) سورة الطور، الآية: 21.