«الصحيح» في الاصطلاح
إن «الصحيح» في مصطلح قدماء الأصحاب وإنْ كان يختلف عنه في مصطلح المتأخّرين، إلاّ أن المقصود عند الجميع واحد، وتوضيح ذلك:
إنّ «الصحيح» عند القدماء هو كلّ خبر حصل الوثوق بصدوره، أمّا عند المتأخّرين ـ القائلين بتنويع الخبر إلى الصّحيح والموثّق والضعيف وغير ذلك ـ فهو خبر الثقة عن مثله، وهكذا، عن المعصوم، فهم وضعوا هذا الشرط كي يحصل الوثوق بصدوره.
وعلى الجملة، فالكلّ يريدون تفريق الحجّة عن اللاّحجة من الأخبار، ومن المعلوم، أنّ الخبر الحجة هو الموثوق بصدوره، وقد أوضح هذا المطلب صاحب كتاب مقباس الهداية في علم الدراية إذ قال:
«وقد زعم القاصرون من الأخباريين اختصاص هذا الإصطلاح بالمتأخّرين الذين أوّلهم العلاّمة رحمه الله ـ على ما حكاه جمع منهم الشيخ البهائي رحمه الله في مشرق الشمسين ـ أو ابن طاووس ـ كما حكاه بعضهم ـ فأطالوا التشنيع عليهم بأنّه اجتهاد منهم وبدعة.
ولكنّ الخبير المتدبّر يرى أنّ ذلك جهل منهم وعناد، لوجود أصل الإصطلاح عند القدماء، ألا ترى إلى قولهم: لفلان كتاب صحيح، وقولهم: أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عن فلان، وقول الصّدوق رحمه الله: كلّ ما صحّحه شيخي فهو عندي صحيح، وقولهم: فلان ضعيف الحديث، ونحو ذلك.
فالصّادر من المتأخّرين تغيير الإصطلاح إلى ما هو أضبط وأنفع، تسهيلاً للضبط وتمييزاً لما هو المعتبر منها عن غيره»(1).
(1) مقباس الهداية في علم الدراية: 32.