«الذريّة» لغةً
قال ابن فارس:
«ذرّ أصل واحد يدلّ على لطافة وانتشار، ومن ذلك الذّرّ: صغار النمل، الواحدة ذرّة… ومن الباب ذرّت الشمس ذروراً إذا طلعت، وهو ضوء لطيف منتشر»(1).
وهو كلام ظريف يتذوّقه أهل الدّقة، مما يعطينا خصوصيتين:
الاولى: اللّطافة والصِّغر.
الثانية: الانتشار.
أقول: المعنى الذي تشتمل عليه كلمة الذرية، لا تعطيه كلمة الأولاد، مهما بدت الكلمتان مترادفتين، وهو ما أوضحه الراغب في مفرداته بما نصّه:
«الذريّة أصلها الصغار من الأولاد، واِن كان يقع على الصّغار والكبار معاً في التعارف، ويستعمل للواحد والجمع، وأصله الجمع. قال تعالى: (ذُرّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْض)(2).
وقال: (ذُرّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوح)(3).
وقال: (إِنّي جاعِلُكَ لِلنّاسِ إِمامًا قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتي)(4).
فالذريّة ـ بناءً على ذلك ـ أخصّ من الأولاد.
كما أن الظّاهر تبادر الأولاد مع الفصل من لفظ «الذريّة»، وكلّما زادت الفاصلة وجد المصداق تطابقاً أكثر.
فظهر أخصيّة «الذريّة» من «الأولاد» من جهتين.
والظاهر أنه لا يعتبر في «الذريّة» صغر السنّ، فمن الممكن أن يعمّر الحفيد أكثر من جدّه، لأن وجود الفصل بينهما هو المصحّح لإطلاق «الذريّة» عليه، ومن هنا قال الراغب:
وإنْ كان يقع على الصغار والكبار معاً في التعارف.
(1) معجم مقاييس اللغة 2 / 343.
(2) سورة آل عمران، الآية: 34.
(3) سورة الاسراء، الآية: 3.
(4) سورة البقرة، الآية: 124، المفردات في غريب القرآن: 178.