«الخير» مفهوماً و مصداقاً
ثم إنّ الخير كلّه بيد الله… قال تعالى:
(قُلِ اللّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْء قَديرٌ)(1).
و«الخير» يقابل «الشر» كما هو واضح، والظاهر أنّ عبارة الراغب الإصفهاني أحسن ما قيل في مصاديق «الخير» إذ قال:
الخير ما يرغب فيه الكلّ، كالعقل مثلاً والعدل والفضل والشيء النافع(2).
وذلك: لأنّ العقل يدلّ الإنسان على ما فيه خيره وصلاحه لدنياه وآخرته ويمنعه عمّا يباعده عن الله، ولذا أمر سبحانه في غير موضع من كتابه المجيد بالتعقّل. وكذلك العدل، فإنّ كلّ أحد يرغب فيه والله يأمر به إذ يقول:
(إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالاِْحْسانِ…)(3).
وكذلك العلم، وما أكثر الأوامر في طلبه وتحصيله.
وكذلك الاتّصاف بالصفات الحسنة والتنزّه عن السيّئات، ولذا قال تعالى:
(وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ…)(4).
بل لقد وصفت هذه الاُمّة بالخيريّة إنْ كانت آمرة بالمعروف وناهية عن المنكر، في قوله عزّ وجلّ:
(كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّة أُخْرِجَتْ لِلنّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ…)(5).
وحتّى المال إذا استعين به على معرفة الله وطاعته، وصرف في سبيل رضاه عزّ وجلّ، ولذا عبّر عنه بـ«الخير» في قوله تعالى:
(… إِنْ تَرَكَ خَيْرًا…)(6).
(1) سورة آل عمران، الآية: 26.
(2) المفردات في غريب القرآن: 160.
(3) سورة النحل، الآية: 90.
(4) سورة آل عمران، الآية: 104.
(5) سورة آل عمران، الآية: 110.
(6) سورة البقرة، الآية: 180.