«البركة» لغة
و«البركة» ـ كما قال الراغب ـ : ثبوت الخير الإلهي في الشيء(1).
وفي المصباح المنير: البركة الزيادة والنماء…(2).
فأهل البيت عليهم السّلام مساكن الخير الالهي المتزايد والنامي… .
لقد تكرر ذكر «البركة» في القرآن الكريم، يقول تعالى:
(وَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكًا)(3).
وصف الماء بـ«المبارك»، ثم قال في آية أخرى:
(وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَر فَأَسْكَنّاهُ فِي الاَْرْضِ)(4).
فالماء المبارك نزل من السّماء وأسكن في الأرض لأنْ يكون سبباً لزيادة الخير والنفع الناس كما قال:
(أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسَلَكَهُ يَنابيعَ فِي الاَْرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوانُهُ)(5).
بل قال في آية أخرى:
(وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْء حَيّ)(6).
ثم فسّر «الماء المعين» في قوله تعالى:
(قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتيكُمْ بِماء مَعين)(7).
بالإمام عليه السّلام… فعن الإمام موسى بن جعفر عليه السّلام في هذه الآية:
إذا غاب عنكم إمامكم فمن يأتيكم بإمام جديد؟(8)
فالأئمّة عليهم السّلام مساكن الخير الإلهي بجميع أنواعه وأصنافه، وهم السبب للحياة الماديّة والمعنويّة. يقول الراغب الإصفهاني في مفهوم «الخير»:
ولمّا كان الخير الإلهي يصدر من حيث لا يحسّ وعلى وجه لا يحصى ولا يحصر، قيل لكلّ ما يشاهد منه زيادة غير محسوسة: هو مبارك وفيه بركة(9).
فهذا شرح: ومساكن بركة الله.
وقد يكون إشارةً إلى قوله تعالى:
(رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَميدٌ مَجيدٌ)(10).
وقد روى الشيخ الكليني بإسناده عن أبي عبيدة الحذاء عن أبي جعفر عليه السّلام قال:
مرّ أمير المؤمنين عليه السّلام بقوم فسلّم عليهم، فقالوا: عليك السّلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته ورضوانه. فقال لهم أمير المؤمنين: لا تجاوزوا بنا مثل ما قالت الملائكة لأبينا إبراهيم عليه السّلام. إنما قالوا (رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ)(11).
هذا، وقد اُضيفت «البركة» إلى «اسم الجلالة» المستجمع لجميع الكمالات، ولعلّه للإشارة إلى أنّ عندهم جميع الخيرات والكمالات الإلهيّة، وأنهم السّبب لنموّها وتزايدها بين الخلائق.
ومن الواضح أن كلّ من كان اتّصاله بهم أزيد وأشدّ، كان انتفاعه من بركاتهم وفيوضاتهم أكثر وأنفع… .
(1) المفردات في غريب القرآن: 44.
(2) المصباح المنير: 45.
(3) سورة ق، الآية: 9.
(4) سورة المؤمنون، الآية: 18.
(5) سورة الزمر، الآية: 21.
(6) سورة الأنبياء، الآية: 30.
(7) سورة الملك، الآية: 30.
(8) الكافي 1 / 274، كتاب الغيبة للنعماني: 176.
(9) المفردات في غريب القرآن: 44.
(10) سورة هود، الآية: 73.
(11) الكافي 2 / 472.