الإمام الكاظم و هارون
وفي كتاب الإحتجاج في حديث قال هارون للإمام موسى بن جعفر عليه السّلام:
لِمَ جوّزتم للعامّة والخاصّة أن ينسبوكم إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله، ويقولوا لكم: يا بني رسول الله، وأنتم بنو عليّ، وإنّما ينسب المرء إلى أبيه، وفاطمة إنّما هي وعاء، والنبيّ جدّكم من قبل اُمّكم.
فقلت: يا أمير المؤمنين، لو أنّ النّبيّ نشر فخطب إليك كريمتك، هل كنت تجيبه؟
قال: سبحان الله، ولم لا أجبه، بل أفتخر على العرب والعجم وقريش بذلك؟
فقلت له: لكنّه لا يخطب إليّ ولا اُزوّجه.
فقال: ولم؟
فقلت: لأنّه ولدني ولم يلدك.
فقال: أحسنت يا موسى! ثمّ قال: كيف قلتم إنّا ذريّة النّبيّ والنّبيّ لم يعقّب، وإنّما يعقّب الذكر لا الاُنثى، وأنتم ولد الإبنة ولا يكون ولدها عقباً له؟
فقلت: أسألك بحقّ القرابة والقبر ومن فيه، إلاّ أعفيتني عن هذه المسألة.
فقال: لا أو تخبرني بحجّتكم فيه يا ولد علي! وأنت يا موسى يعسوبهم، وإمام زمانهم، كذا اُنهي إليّ، ولست أعفيك في كلّ ما سألتك عنه، حتّى تأتيني فيه بحجّة من كتاب الله، وأنتم تدّعون معشر ولد علي أنّه لا يسقط عنكم منه شيء ألف ولا واو إلاّ تأويله عندكم، واحتججتم بقوله عزّ وجلّ: (ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْء)واستغنيتم عن رأي العلماء وقياسهم.
فقلت: تأذن لي في الجواب؟
قال: هات.
فقلت: أعوذ بالله من الشّيطان الرّجيم بسم الله الرّحمن الرّحيم: (وَمِنْ ذُرّيَّتِهِ داوُودَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسى وَهارُونَ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنينَ * وَزَكَرِيّا وَيَحْيى وَعيسى وَإِلْياسَ كُلٌّ مِنَ الصّالِحينَ) من أبو عيسى يا أمير المؤمنين؟
فقال: ليس لعيسى أب.
فقلت: إنّما أحلقناه بذراري الأنبياء عليهم السّلام من طريق مريم عليها السّلام، وكذلك ألحقنا بذراري النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم من قبل اُمّنا فاطمة.
أزيدك يا أمير المؤمنين؟
قال: هات.
قلت: قول الله عزّ وجلّ: (فَمَنْ حَاجَّكَ فيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللّهِ عَلَى الْكاذِبينَ) ولم يدّع أحد أنّه أدخله النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم تحت الكساء عند مباهلة النصارى إلاّ عليّ بن أبي طالب عليه السّلام وفاطمة، والحسن والحسين; أبناءنا: الحسن والحسين، ونسائنا: فاطمة، وأنفسنا: عليّ بن أبي طالب عليه السّلام.
على أنّ العلماء قد أجمعوا على أنّ جبرئيل قال يوم اُحد: «يا محمّد إنّ هذه لهي المواساة من علي». قال: «لأنّه منّي وأنا منه». فقال جبرئيل: وأنا منكما يا رسول الله ثمّ قال: لا سيف إلاّ ذوالفقار ولا فتى إلاّ علي، فكان كما مدح الله عزّ وجلّ به خليله عليه السّلام إذ يقول: (قالُوا سَمِعْنا فَتىً يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ إِبْراهيمُ)إنّا نفتخر بقول جبرئيل أنّه منّا.
فقال: أحسنت يا موسى!…»(1).
(1) الإحتجاج على أهل اللّجاج 2 / 392.