الأئمّة ساسة البشر و الملائكة
وبما ذكرنا ظهر معنى كونهم «ساسة العباد» وخلاصته:
إنّ الأئمّة المعصومين يقدّمون برنامجاً دقيقاً وخطّةً محكمة لحياة الإنسان الماديّة والمعنويّة، مما يصلح شؤونه ويرتّب أُموره ويوجب سعادته في الدنيا والآخرة.
لكنّ هذه الحقيقة غير منحصرة بالبشر، لأن «العباد» يعم «الملائكة» كذلك، فقد قال الله عزّ وجلّ:
(وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثًا…).(1)
فالأئمّة عليهم السّلام ساسة الملائكة كذلك، ويشهد بذلك ما ورد في أحاديث الفريقين عن رسول الله صلّى الله عليه وآله:
«عن ابن عبّاس، عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، أنّه قال: كنت نوراً بين يدي الله تعالى قبل أن يخلق الله آدم عزّ وجلّ بألفي عام، يسبّح ذلك النور فتسبح الملائكة بتسبيحه، فلمّا خلق الله تعالى آدم ألقى ذلك النور في صلبه فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: فأهبطني الله تعالى إلى الأرض في صلب آدم وجعلني في صلب نوح وقذفني في صلب إبراهيم، ثمّ لم يزل تعالى ينقلني من الأصلاب الكريمة والأرحام الطاهرة حتّى أخرجني بين أبوي لم يلتقيا على سفاح قطّ»(2).
ورواه الديار بكري باختلاف يسير، قال: «عن ابن عبّاس، عن النبيّ، أنّه قال: «كنت نوراً بين يدي الله قبل أن يخلق الله عزّ وجلّ آدم بألفي عام، يسبّح الله ذلك النور، وتسبّح الملائكة بتسبيحه، فلمّا خلق الله آدم ألقى ذلك النور في صلبه، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: فأهبطني الله إلى الأرض في صلب آدم، وجعلني في صلب نوح في السفينة، وقذف بي في النار في صلب إبراهيم، ثمّ لم يزل ينقلني من الأصلاب الكريمة والأرحام الطاهرة، حتّى أخرجني من أبوي، لم يلتقيا على سفاح قطّ»(3).
وروى أبو عبدالله محمّد بن العبّاس بن ماهيار في كتابه (ما نزل من القرآن في أهل البيت) بسنده عن أشياخ من آل عليّ بن أبي طالب، قالوا:
«قال عليّ عليه السّلام في بعض خطبه: إنا آل محمّد كنا أنواراً حول العرش، فأمرنا الله تعالى بالتسبيح فسبّحنا وسبّحته الملائكة بتسبيحنا، ثمّ أهبطنا إلى الأرض فأمرنا بالتسبيح فسبّحنا فسبّحته أهل الأرض بتسبيحنا، فإنا لنحن الصّافون وإنا لنحن المسبّحون»(4).
وروي الحسن بن محمّد الديلمي عن ابن مهران:
«سُئل عبدالله بن العبّاس عن تفسير قول الله تعالى: (وَإِنّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ * وَإِنّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ)(5) قال: كنا عند رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، فأقبل عليّ بن أبي طالب، فما رآه النبيّ صلي الله عليه وآله وسلّم تبسم في وجهه، وقال: مرحباً بمن خلقه الله تعالى قبل كلّ شيء، خلقني الله وخلق عليّاً قبل أن يخلق آدم بهذه المدّة، خلق نوراً فقسّمه نصفين: فخلقني من نصفه، وخلق عليّاً من النصف الآخر قبل الأشياء، فنّورها من نوري ونور علي، ثمّ جعلنا من يمين العرش، ثمّ خلق الملائكة فسبّحنا فسبّحت الملائكة، وهلّلنا فهلّلت الملائكة، وكبّرنا فكبّرت الملائكة، وكان ذلك من تعليمي وتعليم عليّ»(6).
ورواه شرف الدين النجفي
«عن محمّد بن زياد، قال: سأل ابن مهران عبدالله بن العبّاس عن تفسير قوله تعالى: (وَإِنّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ * وَإِنّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ) فقال ابن عبّاس: إنّا كنّا عند رسول الله صلّى الله عليه وآله…»(7).
(1) سورة الزخرف، الآية: 19.
(2) المنتقى من سيرة المصطفى ـ مخطوط.
(3) تاريخ الخميس 1 / 21.
(4) بحار الأنوار 24 / 88، تأويل الآيات الظاهرة: 488.
(5) سورة الصافات، الآية: 166.
(6) إرشاد القلوب 2 / 195.
(7) تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة: 448.