الأئمّة أعلام التقى بذواتهم و إرشاداتهم
أقول: إنّ الأئمّة عليهم السّلام أعلامٌ للتقى بذواتهم المقدّسة، لأنّهم طاهرون مطهّرون، وكلّ أفعالهم وتروكهم أمارات لمعرفة ما هو موافق للتقوى وما هو مناف. وبعبارة اخرى، إنهم بذواتهم المقدّسة ميزان ومعيار للتقوى، ولذا قال أمير المؤمنين لمّا سئل عن قوله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ حَقَّ تُقاتِهِ):
«والله ما عمل بها غير أهل بيت رسول الله، نحن ذكرنا الله فلا ننساه، ونحن شكرناه فلا نكفره، ونحن أطعناه فلا نعصيه…(1).
وقد عمل الأئمّة على وقاية المجتمع والأفراد من المخاطر والمآثم باُسلوبين:
أحدهما: تعريف القبائح والمساوئ وبيان آثارها الدنيويّة والاخرويّة حتّى تجتنب ولا ترتكب. وبعبارة اخرى: عملوا على تربية المؤمنين وإيجاد الملكات الفاضلة فيهم لتحول دون التفكير في المعصية.
والآخر: موعظة من ابتلي بشيء من المآثم والمفاسد وإرشاده والعمل على إصلاحه، حتى يقلع عنه ويرجع إلى هداه ويطهر من الآثار السيّئة المترتّبة… .
فالأئمّة عليهم السّلام بالمعنيين وفي الحالتين أعلام التقى، فمدرسة أهل البيت مدرسة التربية الإسلامية الصّحيحة، ينهل منها الدارسون بمقدار استعداداتهم ليرتقوا سلّم الآدميّة، ولذا ترى التفاوت بين أصحابهم والمتّصلين بهم في المرتبة، كما لا يخفى على من دقق النظر في أحوالهم، ولذا ورد عنهم عليهم السّلام كون الآية المذكورة منسوخةً بقوله تعالى: (فَاتَّقُوا اللّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)كما ذكر الطبرسي(2)، ولعلّه من هذا الباب قول سيّد العابدين علي بن الحسين عليه السّلام:
والله لو علم أبو ذر ما في قلب سلمان لقتله(3).
ولكن كونهم «أعلام التقى» يفيد بلوغهم أعلى المراتب، وإلاّ لما نصبوا لهذا الأمر العظيم… ويشهد بذلك ما ورد بذيل قوله تعالى:
(وَعَلامات وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ)(4).
فعن أبي عبدالله عليه السّلام قال: النجم رسول الله صلّى الله عليه وآله، والعلامات هم الأئمّة عليهم السّلام(5).
(1) بحار الأنوار 38 / 63.
(2) مجمع البيان 2 / 805 ، والآية في التغابن: 16.
(3) الكافي 1 / 401.
(4) سورة النحل، الآية: 16.
(5) الكافي 1 / 206.