الأئمّة أحياء
ولابدّ هنا من الإشارة إلى ما نعتقده كما تدلّ عليه الآيات والروايات وغيرها من الأدلّة، من حياة الأنبياء والأوصياء والشهداء عند الله، وأنّهم يعرفون زوّارهم ويعلمون بأُمورهم، وينظرون إليهم… .
روى الشيخ ابن قولويه في كتاب كامل الزيارات عن الصّادق عليه السّلام في حديث له حول سيدنا أبي عبدالله الحسين عليه السّلام قال:
وإنه لينظر إلى زوّاره، فهو أعرف بهم وبأسمائهم وأسماء آبائهم وما في رحالهم، من أحدهم بولده. وإنه لينظر إلى من يبكيه فيستغفر له ويسأل أباه الاستغفار له ويقول له: أيها الباكي، لو علمت ما أعدّ الله لك لفرحت أكثر مما حزنت. وإنه ليستغفر له من كلّ ذنب وخطيئة(1).
وهذه عقيدة سائر الفرق من المسلمين أيضاً، ولذا يزورون قبور الأنبياء والأولياء والصالحين من عباد الله، وقد أفرد بعض علماء الجمهور كالحافظ جلال الدين السيوطي هذه المسألة بالتأليف، ورووا عن رسول الله صلّى الله عليه وآله فيها أحاديث صريحة:
كقوله صلّى الله عليه وآله: من زارني بعد وفاتي…(2).
وقوله صلّى الله عليه وآله: من سلّم عليّ من عند قبري سمعته…(3).
فهي عقيدة جميع الفرق إلاّ شرذمة عرفت بخروجها عن عقائد المسلمين واتّبعت ابن تيمية الحراني وابن عبدالوهّاب النجدي.
ولعلّ أفضل كلام في الباب هو ما أفاده الشيخ المفيد البغدادي رحمه الله حيث قال:
وإنّ رسول الله والأئمّة من عترته خاصّةً، لا يخفى عليهم بعد الوفاة أحوال شيعتهم في دار الدنيا بإعلام الله تعالى لهم ذلك، حالاً بعد حال، ويسمعون كلام المناجي لهم في مشاهدهم المكرّمة العظام، بلطيفة من لطائف الله تعالى يبينهم بها من جمهور العباد، وتبلغهم المناجاة من بُعد، كما جاءت به الرواية(4).
(1) كامل الزيارات: 206، أمالي الطوسي: 55.
(2) كامل الزيارات: 13.
(3) بحار الأنوار 10 / 441.
(4) أوائل المقالات: 72.