آياتٌ في «مرضات الله»
إنّ الأئمّة الطاهرين هم الأدلاّء للناس على ما يرضي الله ورسوله، ولو أن الإنسان يتقصّى هداهم ويطبّق تعاليمهم التربوية لَبلَغ مرتبة رضا الله لا محالة، وهو ما دعينا إلى تحصيله والوصول إليه، إذ قال تعالى:
(وَاللّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كانُوا مُؤْمِنينَ)(1).
وقد أفادت الآية أنّ كسب رضا الله بامتثال أوامره والاجتناب عن نواهيه هو شرط الإيمان، والأئمّة عليهم السّلام هم الأدلاّء على معرفة الله ورسوله، ومعرفة ما أتى به الرّسول ونهى عنه، وهم الأدلاّء على العبادة والطّاعة، وفي ذلك رضى الله الذي هو أكبر النعم والتوفيقات الإلهية، كما قال تعالى:
(وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنّات تَجْري مِنْ تَحْتِهَا الاَْنْهارُ خالِدينَ فيها وَمَساكِنَ طَيِّبَةً في جَنّاتِ عَدْن وَرِضْوانٌ مِنَ اللّهِ أَكْبَرُ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظيمُ)(2).
وقد وصف رضوان الله ومرضاته بالفوز العظيم في آية أخرى:
(رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظيمُ)(3).
وهذا المقام السّامي والشأن الرفيع لا يحصل إلاّ بدلالة الأئمّة الطّاهرين ولا يكون إلاّ لمن تبعهم واهتدى بهداهم.
ويشهد بذلك أيضاً ما ورد بذيل قوله تعالى:
(رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولئِكَ حِزْبُ اللّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)(4).
من أن «حزب الله» هم أمير المؤمنين وأتباعه، وقد جاء وصفهم بذلك في أحاديث الفريقين، ففي البرهان:
عن علي بن إبراهيم: قوله تعالى (أُولئِكَ حِزْبُ اللّهِ) يعني الأئمّة… .
وعن أبي نعيم الإصفهاني بإسناده عن علي قال قال سلمان: ما طلعتُ على رسول الله إلاّ وضرب بين كتفي وقال: يا سلمان، هذا وحزبه هم المفلحون(5).
وعلى الجملة، فإن بلوغ هذه المرتبة يتطلّب الإطاعة والاتباع للنبيّ وآله الأطهار، وإلاّ
(فَإِنَّ اللّهَ لا يَرْضى عَنِ الْقَوْمِ الْفاسِقينَ)(6).
وعاقبة الفاسقين النار، قال تعالى:
(وَالَّذينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا يَمَسُّهُمُ الْعَذابُ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ)(7).
وهذا ما يعكس جوهر دور الأئمّة عليهم السّلام وتأثيره على أصحاب النّفوس المستعدّة لأن تشملهم هدايتهم وتتوجه إليهم عنايتهم، فيخرجون من حضيض الفسق والتردّي في ظلمات المعاصي، إلى مستوى رضا الباري جلّ وعلا، ولا ينال ذلك إلاّ من سلّم لهم تسليماً، فإنّه من هذه المرحلة تبدأ عمليّة الإرتفاء إلى المراحل العالية، حتى يكون أهلاً لأن يُنادى بقوله تعالى:
(يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً)(8).
ثم يكون ممّن وصف حاله في قوله عزّ وجلّ:
(فَهُوَ في عيشَة راضِيَة * في جَنَّة عالِيَة)(9).
(1) سورة التوبة، الآية: 62.
(2) سورة التوبة، الآية: 72.
(3) سورة المائدة، الآية: 119.
(4) سورة المجادلة، الآية: 22.
(5) بحار الأنوار 24 / 213.
(6) سورة التوبة، الآية: 96.
(7) سورة الأنعام، الآية: 49.
(8) سورة الفجر، الآية: 28.
(9) سورة الحاقّة، الآية: 21 ـ 22.