معاني التحريف
إنّ للتحريف معاني عديدة:
التحريف بالترتيب:
هناك معنى للتحريف لا خلاف بين المسلمين في وقوعه في القرآن الكريم، فيتّفق الكلّ على أنّ القرآن الموجود ليس تدوينه بحسب ما نزل، فيختلف وضع الموجود عن تنزيله وترتيبه في النزول، وهذا ما ينصّ عليه علماء القرآن في كتبهم، فراجعوا إن شئتم كتاب [الإتقان] لجلال الدين السيوطي، ترونه يذكر أسامي سور القرآن الكريم بحسب نزولها(1).
وأيّ غرض كان عندهم من هذا الذي فعلوا؟ لماذا فعلوا هكذا؟ هذا بحث يجب أن يطرح، فقد قلت لكم إنّ المجلس الواحد لا يكفي.
ترتيب السور وترتيب الآيات يختلف عمّا نزل عليه القرآن الكريم، ترون آية المودة(2) مثلاً ـ الواردة في حقّ أهل بيت النّبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، في رواية الفريقين ـ وضعت في غير موضعها، آية التطهير(3) وضعت في غير موضعها، ترون الآية (الْيَوْمَ أَكْمَلْت لَكُمْ دِينَكُمْ)(4) قد وضعت في غير موضعها، سورة المائدة التي هي بإجماع الفريقين آخر ما نزل من القرآن الكريم، ترونها ليست في آخر القرآن، بل في أوائل القرآن، ما الغرض من هذا؟ فهذا نوع من التحريف لا ريب في وقوعه، وقد اتفق الكلّ على وقوعه في القرآن.
(1) الاتقان في علوم القرآن 1 / 96 ـ 98.
(2) (ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللّهُ عِبَادَهُ الّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَات قُلْ لاّ أسْئَلُكُمْ عَلَيهِ أجْراً إلاّ المَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنَاً إنَّ اللّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ); (سورة الشورى (42): 23).
(3) (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ولا تَبَرُّجْنَ تَبَرُّجَ الجاهليةِ الأولى وَأقِمْنَ الصلاةَ وآتينَ الزَّكاةَ وَأطِعنَ اللّهَ وَرَسسوله إنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أهْلَ البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهيِراً); (الأحزاب (33): 33).
(4) سورة المائده (5): 3.