تأويل ما ينافي العصمة في الكتاب و السنة:
وحينئذ، لابد من تأويل كلّ ما يخالف هذه القاعدة العقلية المستندة إلى الكتاب والسنّة والإجماع، كلّما يخالف هذه القاعدة في القرآن الكريم بالنسبة إلى أنبياء اللّه سبحانه وتعالى، وكذلك الأمر في كلّ آية في القرآن هناك أدلّة قطعيّة على خلاف ظاهرها من العقل أو النقل، لابدّ من تأويل ظاهر تلك الكلمة، وإلاّ فالآيات الدالّة بظاهرها على التجسيم ـ مثلاً ـ موجودة في القرآن الكريم.
إذن، لابدّ من حمل كلّ ما يخالف بظاهره عصمة الأنبياء في القرآن الكريم، لاحظوا عبارة السيد المرتضى رحمه اللّه في كتاب ]الذخيرة[ يقول: ولا يجوز أن يبعث من يوجب علينا اتّباعه وتصديقه وهو على صفة تنفّر عنهم، وقد جنّب الأنبياء عليهم السّلام الفظاظة والغلظة الشنيعة وكثيراً من الأمراض، لأجل التنفير (وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ).
لماذا يمدح اللّه سبحانه وتعالى نبيّه بأنه ليس فظّاً غليظ القلب؟ لأن هذه الحالة تنفّر الناس (لانفضّوا من حولك). فإذا كان ساهياً، أو كان ناسياً، أو كان لاهياً وغير ذلك، لانفضّوا من حوله أيضاً.
يقول رحمه اللّه: وقد تكلّمنا على الآيات التي يتعلّق بها المبطلون في جواز المعاصي من الأنبياء، وبيّنا الصحيح في تأويلها في كتابنا المفرد ]تنزيه الأنبياء والأئمة[(1).
نعم، لابدّ من تأويل كلّ ما جاء مخالفاً بظاهره لما قرّره العقل والعلم وأجمع عليه العلماء.
(1) الذخيرة في علم الكلام: 338.