النظر في أدلّة تحريم المتعة
لقد ذكروا في الدفاع عن عمر بن الخطاب وعن تحريمه للمتعة ثلاثة وجوه، ولم أجد أكثر من هذه الوجوه.
الوجه الأوّل:
إنّ المحرّم لمتعة النساء هو رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلم، فالمتعة كانت في حياته الكريمة محرّمة، إلاّ أنّه لم يقل بهذا الحكم الشرعي للناس ولم يعلنه، وإنّما أعلم به عمر بن الخطّاب فقط، فلمّا تولّى عمر الأمر ـ أي أمر الخلافة ـ أعلن عن هذا الحكم.
هذا ما ينتهي إليه الفخر الرازي(1) بعد أنْ يحقّق في المسألة، ويشرّق ويغرّب، لاحظوا نصّ عبارته: فلم يبق إلاّ أن يقال: ـ أي الأقوال الأُخرى والوجوه الأُخرى كلّها مردودة في نظره ـ كان مراده ـ أي مراد عمر ـ أنّ المتعة كانت مباحة في زمن الرسول صلّى اللّه عليه وآله وسلم وأنا أنهى عنها، لما ثبت عندي أنّه ـ أي النبي ـ نسخها.
والأصرح من عبارته كلام النووي(2) في توجيه هذا التحريم يقول: محمول ـ أي تحريمه للمتعة ـ على أنّ الذي استمتع على عهد أبي بكر وعمر لم يبلغه النسخ، وإنّما بلغ النسخ عمر بن الخطّاب فقط.
وكأنّ رسول اللّه همس في أُذن عمر بن الخطّاب بهذا الحكم الشرعي، وبقي هذا الحكم عنده وحده إلى أن أعلن عنه في أواخر أيّام حياته.
(1) تفسير الرازي 10 / 50.
(2) صحيح مسلم بشرح النووي 9 / 183.