الشّيخ نصير الدين الطوسي وسقوط بغداد
بسم اللّه الرحمن الرحيم
الحمد للّه ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين، ولعنة اللّه على أعدائهم أجمعين من الأوّلين والآخرين.
سألتم عن دور الحكيم الإلهي الشيخ المحقق العظيم الخواجة نصير الدين الطوسي في سقوط بغداد على يد هولاكو.
لأنّه قد ينسب في بعض الكتب إلى هذا الشيخ العظيم أنّ له ضلعاً في سقوط بغداد على يد المشركين، وما ترتّب على هذه الحادثة من آثار سيّئة بالنسبة إلى الإسلام والمسلمين، من قتل النفوس، وتخريب البلاد، والمدارس العلميّة، وغير ذلك… .
افتراء ابن تيمية على
الشيخ نصير الدين الطوسي
لعلّ من أشدّ الناس على الشيخ نصير الدين الطوسي رحمه اللّه في هذه القضيّة هو ابن تيميّة، ممّا يثير الشك ويدعو إلى البحث عمّا إذا كان السبب الأصلي لأتّهام هذا الشيخ بهذا الأمر هو الاختلاف العقائدي، وما كان للشيخ نصير الدين الطوسي من دور في نشر المذهب الشيعي ودعمه بالأدلّة والبراهين، ولا سيّما بتأليفه كتاب [تجريد الاعتقاد]، هذا الكتاب الذي أصبح من المتون الأصليّة والأوليّة في الحوزات العلميّة كلّها، وكان يدّرس وما زال، ولذا كثرت عليه الشروح والحواشي من علماء الشيعة والسنّة، وحتّى أنّ كتاب المواقف للقاضي الإيجي، وكتاب المقاصد للسعد التفتازاني، هذان الكتابان أيضاً إنّما أُلّفا نظراً إلى ما ذكره الخواجه نصير الدين في كتاب التجريد، ويحاولون أن يردّوا عليه آراءه وأفكاره، ولربّما يذكرون اسمه بصراحة، وقد عثرنا على مورد في أحد تلك الكتب حيث جاء التصريح باسم الشيخ نصير الدين الطوسي مع التهجّم عليه وسبه، أعني كتاب [شرح المقاصد].
وأمّا ابن تيميّة، فإنّما يتعرّض للخواجة نصير الدين الطوسي بمناسبة أنّ العلاّمة الحلّي ـ تلميذ الخواجة ـ ينقل عن أُستاذه استدلالاً لدعم المذهب الشيعي وإثبات عقيدة الإماميّة، على أساس حديثين صحيحين واردين في كتب الفريقين.
ينقل العلاّمة رحمه اللّه عن أُستاذه أنّه سئل عن المذهب الحقّ بعد رسول اللّه، فأجاب بأنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلم قد أخبر في الحديث المتفق عليه بأنّ الأُمّة ستفترق من بعده على ثلاث وسبعين فرقة، وهذا الحديث متّفق عليه.
قال: فمع كثرة هذه الفرق قال رسول اللّه: فرقة ناجية والباقي في النار.
ثمّ إنّ رسول اللّه عيّن تلك الفرقة الناجية بقوله: «إنّما مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركبها نجا».
وهذا الاستدلال لا يمكن لأحد أن يناقش فيه، لا في الحديث الأول، ولا في الحديث الثاني، ولا في النتيجة المترتبة على هذين الحديثين.
وحينئذ نرى ابن تيميّة العاجز عن إظهار أيّ مناقشة وإبداء أيّ إيراد علمي في مقابل هذا الاستدلال، نراه يتهجّم على الشيخ نصير الدين، ويسبّه بما لا يتفوّه به مسلم بالنسبة إلى فرد عادي من أفراد الناس.
ولا بأس بأن أقرأ لكم نصّ ما قاله ابن تيميّة في الشيخ نصير الدين الطوسي: