الرجوع إلى من شهد الواقعة: ابن الفوطي:
لعلّ خير كتاب يمكننا الرجوع إليه بالدرجة الأُولى كتاب [الحوادث الجامعة]، وهو تأليف العلاّمة ابن الفوطي.
أذكر لكم باختصار عن بعض المصادر المعتبرة ترجمة ابن الفوطي الحنبلي البغدادي المتوفى سنة 723:
ترجم له الذهبي قائلاً: ابن الفوطي العالم البارع المتفنّن المحدّث المفيد، مؤرخ الآفاق، مفخر أهل العراق، كمال الدين أبو الفضائل عبدالرزاق بن أحمد بن محمّد بن أبي المعالي الشيباني ابن الفوطي، مولده في المحرّم سنة 642 ببغداد، وأُسر في الوقعة وهو حَدَث ـ أُسر في الوقعة: وقعة بغداد ـ ثمّ صار إلى أُستاذه ومعلّمه خواجة نصير الدين الطوسي في سنة 660، فأخذ منه علوم الأوائل، ومهر على غيره في الأدب، ومهر في التاريخ والشعر وأيام الناس، وله النظم والنثر، والباع الأطول في ترصيع تراجم الناس، وله ذكاء مفرط، وخط منسوب رشيق، وفضائل كثيرة، سمع الكثير، وعني بهذا الشأن(1).
ويعبّر عنه صاحب [فوات الوفيات] ابن شاكر الكتبي، عندما يعنونه بـ : الشيخ الإمام المحدّث المؤرّخ الأخباري الفيلسوف(2).
وأمّا ابن كثير، فيذكر ابن الفوطي في [تاريخه] قائلاً: الإمام المؤرّخ كمال الدين ابن الفوطي أبو الفضل عبدالرزاق، ولد سنة 642 ببغداد، وأُسر في واقعة التتار، ثمّ تخلّص من الأسر، فكان مشرفاً على الكتب بالمستنصريّة، وقد صنّف تأريخاً في خمس وخمسين مجلّداً، وآخر ـ أي كتاباً آخر ـ في نحو عشرين، وله مصنّفات كثيرة، وشعر حسن، وقد سمع الحديث من محي الدين ابن الجوزي، وتوفي في ثالث المحرّم في السنة التي ذكرناها(3).
فهذا العالم المؤرّخ، الذي شاهد القضيّة، وحضرها، وأُسر فيها، وهو إمام مؤرّخ معتمد، يذكره علماء أهل السنّة بالثناء الجميل، ويذكرون كتبه في التاريخ، هذا الرجل له كتاب الحوادث الجامعة، في هذا الكتاب يتعرّض لقضيّة سقوط بغداد على يد هولاكو، وليس لخواجة نصير الدين اسم في هذه القضيّة ولا ذكر أبداً، يذكرون أنّه قد ألّف كتابه هذا بعد الواقعة بسنة واحدة، أي أنّ سنة 657 تاريخ تأليف كتاب الحوادث الجامعة.
(1) تذكرة الحفّاظ 4 / 1493.
(2) فوات الوفيات 2 / 319.
(3) البداية والنهاية 14 / 122.