الرجوع إلى ابن شاكر الكتبي:
وصاحب [فوات الوفيات] ابن شاكر الكتبى المولود سنة 686، أي بعد الواقعة بثلاثين سنة، والمتوفى سنة 764، يترجم الخليفة العبّاسي ويترجم نصير الدين الطوسي كليهما في كتابه، ولا يذكر شيئاً من دخل الخواجة في حوادث بغداد أبداً، وبترجمة الخليفة يقول:
كان متيناً متمسّكاً بمذهب أهل السنّة والجماعة على ما كان عليه والده وجدّه، ولم يكن على ما كانوا عليه من التيقّظ والهمّة، بل كان قليل المعرفة والتدبير والتيقّظ، نازل الهمّة، محبّاً للمال، مهملاً للأُمور، يتّكل فيها على غيره، ولو لم يكن فيه إلاّ ما فعله مع الملك الناصر داود في الوديعة لكفاه ذلك عاراً وشناراً، واللّه لو كان الناصر من الشعراء، وقد قصده وتردّد عليه على بعد المسافة ومدحه بعدّة قصائد، كان يتعيّن عليه أن ينعم عليه بقريب من قيمة وديعته من ماله، فقد كان في أجداد المستعصم باللّه من استفاد منه آحاد الشعراء أكثر من ذلك.
[كأنّما كانت عنده وديعة لشخص، وهذه الوديعة تصرّف فيها ولم يرجعها إلى صاحبها، يذكر هذه القضيّة، إلى غير ذلك من الأُمور التي كانت تصدر عنه، ممّا لا يناسب منصب الخلافة، ولم يتخلّق بها الخلفاء قبله].
فكانت هذه الأسباب كلّها مقدّمات لما أراد اللّه تعالى بالخليفة والعراق وأهله، وإذا أراد اللّه تعالى أمراً هيّأ أسبابه.
[ولم يذكر سائر أعمال هذا الخليفة وأسلافه، من الخلاعة والمجون والاستهتار بالدين وشرب الخمر ومجالس اللهو واللعب… كلّ ذلك أسباب لانقراض الحكومة أيّ حكومة تكون].
قال: واختلفوا كيف كان قتله، قيل: إنّ هولاكو لمّا ملك بغداد أمر بخنقه، وقيل رفس إلى أن مات، وقيل كذا إلى آخره واللّه أعلم بحقيقة الحال، وكانت واقعة بغداد وقتل الخليفة من أعظم الوقائع(1).
ولم يذكر شيئاً يتعلّق بالخواجة نصير الدين الطوسي أبداً.
(1) فوات الوفيات 2 / 230.