الثاني: طرح البحث على صعيد الروايات وتارة على صعيد الأقوال
في كلّ بحث، تارة يطرح البحث على صعيد الروايات، وتارة يطرح البحث على صعيد الأقوال، وهذا فيه فرق كثير، علينا أن ننتبه إلى أنّ الأقوال غير الروايات، والروايات غير الأقوال، فقد تكون هناك روايات وأصحاب المذهب الرواة لتلك الروايات لا يقولون بمضامينها ومداليلها، وقد يكون هناك قول وروايات الطائفة المتفق عليها تنافي وتخالف ذلك القول.
إذن، يجب دائماً أن يكون الإنسان على التفات بأنّه كيف يطرح البحث، وما هو بحثه، وما هي الخطوط العامّة للبحث، وما هو الموضوع الذي يبحث عنه، وكيف يريد البحث عن ذلك الموضوع، هذا كلّه، لأجل أن يكون البحث موضوعيّاً، أن يكون البحث علميّاً، فلا يكون فيه تهجّم أو تعصّب أو خروج عن الإنصاف.
فالنقطة التي أُؤكّد عليها دائماً هي: أنّ أبناء المذهب الواحد إذا اختلفوا في رأي، عليهم أن يطرحوا البحث فيما بينهم بحيث لا ينتهي إلى الإضرار بالمذهب، وأيضاً، الطائفتان من المسلمين، إذا اختلفتا في رأي، في قضيّة، في مطلب، عليهما أن يبحثا عن ذلك الموضوع بحيث لا يضرّ بالإسلام كلّه، بحيث لا يضّر القرآن كلّه.
أيصح أنّك إذا بحثت مع سنّي حول شيء من شؤون الخلافة مثلاً، وأراد أن يتغلّب عليك فيضطرّ إلى إنكار عصمة النبي مثلاً، هذا ليس أُسلوب البحث، هذا خطأمن الباحث، وقد شاهدناه كثيراً في بحوث القوم، وهو من جملة نقاط الضعف المهمّة الكبيرة عندهم، أنهم إذا تورّطوا، وخافوا من الإفحام، نفوا شيئاً ممّا لا يجوز نفيه، أو أنكروا أصلا مسلّماً من أُصول الإسلام.
وعلى كلّ حال، فهذه أُمور أحببت أنْ أُذكّركم بها; لأنّها تفيد دائماً، وفي بحثنا أيضاً مفيدة جدّاً.
لا يمكن أن ننسب إلى السنّة كلّهم أنّهم يقولون بنقصان القرآن، هذا لا يجوز، كما لا يجوز للسنّي أن ينسب إلى الطائفة الشيعية الإثني عشرية أنّها تقول بنقصان القرآن، هذا لا يجوز.
ثمّ على كلّ باحث أن يفصل بين الروايات، وبين الأقوال، وهذا شيء مهم جدّاً، ففي مسألة تحريف القرآن بمعنى النقصان، تارة نبحث عن الموضوع على صعيد الروايات، وتارة نبحث عن الموضوع على صعيد الأقوال، والروايات والأقوال تارةً عند السنّة، وتارة عند الشيعة الإمامية الإثني عشرية.
Menu