أدّلة جواز المتعة
الاستدلال بالقرآن:
هناك آية في القرآن الكريم يُستدلّ بها على حلّيّة المتعة وإباحتها في الشريعة الإسلاميّة، قوله تعالى: (فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً)(1).
هذه الآية نصّ في حليّة المتعة والنكاح المنقطع، النكاح الموقّت بالمعنى الذي ذكرناه.
القائلون بدلالة هذه الآية المباركة على المتعة هم كبار الصحابة وكبار علماء القرآن من الصحابة، وعلى رأسهم أمير المؤمنين عليه السلام، وعبد اللّه بن عباس، وعبد اللّه بن مسعود، وأُبيّ بن كعب، وهذه الطبقة الذين هم المرجع في فهم القرآن، في قراءة القرآن، في تفسير القرآن عند الفريقين.
ومن التابعين: سعيد بن جبير، ومجاهد، وقتادة، والسدّي.
فهؤلاء كلّهم يقولون بأنّ الآية تدلّ على المتعة وحلّيّة النكاح الموقّت بالمعنى المذكور.
وحتى أنّ بعضهم كتب الآية في مصحفه المختصّ به بهذا الشكل: «فما استمتعتم به منهنّ إلى أجل فآتوهنّ أجورهنّ»، أضاف «إلى أجل» إلى الآية المباركة.
وهذا فيه بحث ليس هنا موضعه، من حيث أنّ هذا هل يدلّ على تحريف القرآن أو لا يدل؟ أو أنّ هذا تفسير أو تأويل؟
بل رووا عن ابن عبّاس أنّه قال: واللّه لأنزلها اللّه كذلك، يحلف ثلاث مرّات: واللّه واللّه واللّه لأنزلها اللّه كذلك، أي الآية نزلت من اللّه سبحانه وتعالى وفيها كلمة «إلى أجل»، والعهدة على الراوي وعلى ابن عبّاس الذي يقول بهذا وهو يحلف.
وعن ابن عبّاس وأُبيّ بن كعب التصريح بأنّ هذه الآية غير منسوخة، هذا أيضاً موجود.
فلاحظوا هذه الأُمور التي ذكرت في: [تفاسير] الطبري(2) والقرطبي(3) وابن كثير(4) و[الكشّاف](5) و[الدر المنثور](6) في تفسير هذه الآية، وفي [أحكام القرآن] للجصّاص(7)، و[سنن] البيهقي(8)، و[شرح النووي على صحيح مسلم](9)، و[المغني] لابن قدامة(10).
وهذا البحث الذي أطرحه الليلة عليكم، إنّما هو خلاصة لما كتبته أنا في مسألة المتعة وليس بشيء جديد، وكلّما أنقله لكم فإنّما هو نصوص روايات، ونصوص كلمات، ليس لي دخل في تلك النصوص لا زيادة ولا نقيصة، وربّما تكون هناك بعض التعاليق والملاحظات، ربّما يكون هناك بعض التوضيح، وإلاّ فهي نصوص روايات عندهم وكلمات من علمائهم فقط.
فهذا هو الاستدلال بالكتاب، بل ذكر القرطبي في ذيل هذه الآية أنّ القول بدلالتها على نكاح المتعة هو قول الجمهور، قال: قال الجمهور: المراد نكاح المتعة الذي كان في صدر الإسلام(11).
(1) سورة النساء (4): 24.
(2) تفسير الطبري 5 / 19.
(3) تفسير القرطبي 5 / 130.
(4) تفسير ابن كثير 1 / 486.
(5) تفسير الزمخشري 1 / 519.
(6) الدرّ المنثور 2 / 140.
(7) أحكام القرآن 2 / 184.
(8) سنن البيهقي 7 / 205.
(9) صحيح مسلم بشرح النووي 9 / 179.
(10) المغني في الفقه 7 / 571.
(11) تفسير القرطبي 5 / 130.