و هنا ملاحظات مختصرة على هذا الكلام:
أوّلاً: إذا لم يكن لعلي في هذا الإستخلاف فضل ومقام، وكان هذا الإستخلاف أضعف من استخلاف غيره من الإستخلافات السابقة، فلماذا تمنّى عمر أنْ يكون هذا الإستخلاف له؟ ولماذا تمنّى سعد بن أبي وقّاص أن يكون هذا الإستخلاف له؟
ثانياً: قوله: «إنّ عليّاً خرج يبكي…»، هذا كذب، علي خرج يبكي لعدم حضوره في تلك الغزوة، ولما سمعه من المنافقين، لا لأنّ النبي صلّى اللّه عليه وآله خلّفه في النساء والصبيان.
وبعبارة أُخرى: قول علي لرسول اللّه: أتخلّفني في النساء والصبيان، كان هذا القول قبل خروج رسول اللّه في الغزوة، قبل أنْ يخرج، وبكاء علي وخروجه خلف رسول اللّه والتقاؤه به وهو يبكي، كان بعد خروج رسول اللّه، وإنّما خرج ـ وكان يبكي ـ لِما سمعه من المنافقين، لا لأنّ هذا الإستخلاف كان ضعيفاً، فالقول بأنّه لمّا استخلف مع النساء والصبيان جعل يبكي ويعترض على رسول اللّه لهذا الإستخلاف، افتراء عليه.
وثالثاً: ذكره الحديث الذي شبّه فيه رسول اللّه أبا بكر بإبراهيم، وشبّه فيه عمر بنوح، وقوله: هذا الحديث في الصحيحين، هذا كذب، فليس هذا الحديث في الصحيحين، ودونكم كتاب البخاري ومسلم، ويشهد بذلك نفس كتاب منهاج السنّة، في هذه الطبعة الجديدة المحقّقة التي حقّقها الدكتور محمّد رشاد سالم، المطبوعة في السعوديّة في تسعة أجزاء، راجعوا عبارته هنا، إذْ يقول محقّقه في الهامش: إنّ هذا الحديث إنّما هو في مسند أحمد، ويقول محقّقه ـ أي محقّق المسند وهو الشيخ أحمد شاكر في الطبعة الجديدة ـ : هذا الحديث ضعيف.
وهو أيضاً في مناقب الصحابة لأحمد بن حنبل، المطبوع في جزئين في السعودية أخيراً، فراجعوا لتروا المحقق يقول في الهامش: إنّ سنده ضعيف.
فالحديث ليس في الصحيحين، ليعارض به حديث المنزلة الموجود في الصحيحين، وإنّما هو في بعض الكتب، وينصّ المحققون في تعاليقهم على تلك الكتب بضعف هذا الحديث.
وكأنّ ابن تيميّة ما كان يظنّ أن ناظراً ينظر في كتابه، وأنّه سيراجع الصحيحين، ليظهر كذبه ويتبيّن دجله.
وأمّا ما في كلامه من الطعن لأمير المؤمنين، فكما ذكرنا، نحيل الأمر إلى اللّه سبحانه وتعالى، وهو أحكم الحاكمين.
Menu