مع ابن تيمية:
بل لو رجعتم إلى ]منهاج السنّة[ لوجدتم عبارات ابن تيميّة مشحونة بالبغض والعداءو التنقيص والطعن في علي عليه السّلام، لأقرأ لكم بعض عباراته، يقول:
كان النبي كلّما سافر في غزوة أو عمرة أو حجّ، يستخلف على المدينة بعض الصحابة، حتّى أنّهم ذكروا استخلاف رسول اللّه ابن أم مكتوم في بعض الموارد، ولا يدّعى لابن اُم مكتوم مقام لاستخلاف النبي إيّاه في تلك الفترة.
يقول ابن تيميّة: فلمّا كان في غزوة تبوك، لم يأذن في التخلّف عنها وهي آخر مغازيه، ولم يجتمع معه الناس كما اجتمعوا معه فيها، أي في المغازي الأُخرى، فلم يتخلّف عنه إلاّ النساء والصّبيان أو من هو معذور لعجزه عن الخروج أو من هو منافق، ولم يكن في المدينة رجال من المؤمنين أقوياء يستخلف عليهم، كما كان يستخلف عليهم في كلّ مرّة، لقد كان الباقون عجزة وأطفال وصبيان ونسوان، هؤلاء لم يكن حاجة لأنْ يستخلف عليهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم رجلاً مهمّاً وشخصيّةً من شخصيّاته الملتفّين حوله، بل كان هذا الإستخلاف أضعف من الإستخلافات المعتادة منه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم.
أي استخلاف علي في تبوك كان أضعف من استخلاف ابن أُم مكتوم في بعض موارد خروجه من المدينة المنوّرة.
يقول: لأنّه لم يبق في المدينة رجال كثيرون من المؤمنين أقوياء يستخلف عليهم، فكان كلّ استخلاف قبل هذا يكون على أفضل ممّن استخلف عليه عليّاً، فلهذا خرج إليه علي يبكي ويقول: أتخلّفني مع النساء و الصبيان؟ فبيّن له النبي أنّي إنّما استخلفتك لأمانتك عندي، وأنّ الإستخلاف ليس بنقص ولا غضّ،، فإنّ موسى استخلف هارون على قومه، والملوك وغيرهم إذا خرجوا في مغازيهم أخذوا معهم من يعظم انتفاعه به ومعاونته له، ويحتاجون إلى مشاورته والإنتفاع برأيه ولسانه ويده وسيفه، فلم يكن رسول اللّه محتاجاً إلى علي في هذه الغزوة، حتّى يشاوره أو أن يستفيد من يده ولسانه وسيفه، فأخذ معه غيره، لأنّهم كانوا ينفعونه في هذه القضايا.
يقول: وتشبيه الشيء بالشيء يكون بحسب ما دلّ عليه السياق، ولا يقتضي المساواة في كلّ شيء، ألا ترى إلى ما ثبت بالصحيحين من قول النبي في حديث الأُسارى لمّا استشار أبا بكر فأشار بالفداء، واستشار عمر فأشار بالقتل، قال: سأُخبركم عن صاحبيكم، مثلك يا أبا بكر مثل إبراهيم، ومثلك يا عمر مثل نوح، فقوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم لهذا: مثلك مثل إبراهيم وعيسى، وقوله لهذا: مثلك مثل نوح وموسى، أعظم من قوله: أنت منّي بمنزلة هارون من موسى.
هذا كلام ابن تيميّة، أي: قطعة من كلامه، وإنّا لنسأل اللّه سبحانه وتعالى أنْ يعامل هذا الرجل بعدله، وأن يجازيه بكلّ كلمة ما يستحقّه.
Menu