مع ابن تيمية:
وأمّا ابن تيميّة، فقد أراح نفسه بأحسن من هذا، وأراد أنْ يريح الآخرين أيضاً، قال: هذا الحديث كذب عند أهل المعرفة بالحديث، فما من عالم يعرف الحديث إلاّ وهو يعلم أنّه كذب موضوع، ولهذا لم يروه أحد منهم في الكتب التي يرجع إليها في المنقولات، لأنّ أدنى من له معرفة بالحديث يعلم أنّ هذا كذب(1).
إنّ هذا الأُسلوب من الكلام يدلّ بشكل آخر على صحّة هذا الحديث، وتماميّة الإستدلال به، أي لولا صحّة هذا الحديث وتماميّة دلالته على مدّعى الإمامية، لما التجأ ابن تيميّة إلى أن يقول هذا الكلام، وبهذه الصّورة، وأن يتهجّم على العلماء من الشيعة ـ والسنّة أيضاً ـ لرواياتهم هذا الحديث، لأنّه يقول: إنّ أدنى من له معرفة بالحديث يعلم أنّ هذا كذب.
إذن، فأحمد بن حنبل مع علمه بكون هذا الحديث كذباً يرويه أكثر من مرّة في مسنده! ومحمّد بن جرير الطبري في تاريخه يروي هذا الخبر مع علمه بأنّه كذب! والنسائي أيضاً! وأبو بكر البزّار كذلك! وو…، وهؤلاء كبار أئمّة أهل السنّة وأعلام محدّثيهم، يروون مثل هذا الحديث وهم يعلمون أنّه كذب!!
ولو أمكن للإنسان أن يرتاح بمثل هذه الأساليب، فلكلّ منكر أن ينكر في أيّ بحث من البحوث، في أيّ مسألة من المسائل، سواء في أُصول الدين أو في فروع الدين، أو في قضايا أُخرى وعلوم أُخرى، يكتفي بالإنكار، وبالنفي، والتكذيب.
لكن هذا الأُسلوب ليس له قيمة في سوق الإعتبار، يسمع ولا يعتنى به، ولا جدوى له ولا فائدة، لذلك لابدّ من أساليب أُخرى.
(1) منهاج السنّة 7 / 302.