مسألة مجيء «المولى» بمعنى «الأُولى»
عمدة الإشكال: مسألة المولى ومجيء هذه الكلمة بمعنى «الأُولى».
يقول الشيخ عبدالعزيز الدهلوي صاحب كتاب ]التحفة الإثنا عشرية[: بأنّ لفظة مولى لاتجيء بمعنى الأولى بإجماع أهل اللغة(1).
فهو ينفي مجي المولى بمعنى الأولى، ويدّعي إجماع أهل اللغة على هذا النفي.
نقول في الجواب:
أوّلاً: قد لا نستدلّ بالحديث المشتمل على لفظ المولى، ونستدلّ بالأحاديث الأُخرى التي جاءت بلفظ «الولي» و«الأمير» ونحو ذلك من الألفاظ.
وثانياً: نقول بأنّ الحديث يفسّر بعضه بعضاً، فالألفاظ الأُخرى رافعة للإبهام المدّعى وجوده في هذا اللفظ، ولا تبقى حينئذ مشكلة.
والجواب الثالث: الآية الكريمة الموجودة في سورة الحديد في القرآن الكريم(2)، والأحاديث الصحيحة الموجودة حتّى في الصحيحين، الدالّة على مجيء كلمة المولى بمعنى الأولى.
لكنّ الورود في بحث مجيء المولى بمعنى الأولى على ضوء القرآن والحديث والأشعار العربية وغير ذلك، يتطلّب وقتاً، ونحن لا يسعنا أن ندخل في ذلك البحث على وجه التفصيل، غاية ما هناك نكتفي الآن بذكر أسامي عدّة من كبار علماء اللغة والتفسير والأدب ـ وهم من أهل السنّة ـ يصرّحون وينصّون على مجيء مولى بمعنى الأولى، فمنهم:
1 ـ أبو زيد الأنصاري، اللغوي المعروف.
2 ـ أبو عبيدة البصري معمر بن المثنى.
3 ـ أبو الحسن الأخفش.
4 ـ أبو العباس ثعلب.
5 ـ أبو العباس المبرّد.
6 ـ أبو إسحاق الزجّاج.
7 ـ أبو بكر ابن الأنباري.
8 ـ أبو نصر الجوهري، صاحب كتاب صحاح اللغة.
9 ـ جاراللّه الزمخشري، صاحب الكشّاف.
10 ـ الحسين البغوي، صاحب التفسير ومصابيح السنّة.
11 ـ أبو الفرج ابن الجوزى الحنبلي.
12 ـ البيضاوي، صاحب التفسير المعروف.
13 ـ النسفي، صاحب التفسير المعروف.
14 ـ أبو السعود العمادي، صاحب التفسير المعروف.
وأيضاً، ممّن ينصّ على مجيء المولى بمعنى الأولى من العلماء الكبار الذين سجّلت أسماءهم هنا:
15 ـ شهاب الدين الخفاجي، الذي ذكرته لكم.
وبعض المحشّين والمعلّقين من كبار الأساتذة في تعاليقهم على تفسير البيضاوي.
ويكفي هذا المقدار للجواب عن هذه الشبهة.
إذن، يتلخص الجواب عن هذه الشبهة بالقرآن الكريم، فنفس كلمة المولى موجودة فيه وقد فُسّرت بالأولى، في سورة الحديد قوله تعالى: (هِيَ مَوْلاكُمْ) أي النار (وَبِئْسَ الْمَصيرُ)(3) يفسّرون الكلمة بـ : هي أولى بكم وبئس المصير، والأحاديث أيضاً كثيرة، والأشعار العربيّة الفصيحة موجودة، وكلمات اللغويين أيضاً موجودة، ومن شاء التفصيل فليرجع إلى كتابنا الكبير(4).
(1) مختصر التحفة الإثنا عشرية: 159.
(2) سورة الحديد (57): 15.
(3) سورة الحديد (57): 15.
(4) نفحات الأزهار، قسم حديث الغدير، الجزء 8 .