مسألة عدم تواتر حديث الغدير:
هناك مطلب ثالث، يقوله ابن حزم الأندلسي وبعض أتباعه(1)، وترون الشيخ سليم البشري المالكي يقوله في مراجعته للسيّد شرف الدين، يقول: بأنّكم معاشر الإماميّة تذهبون إلى أنّ الإمامة من أُصول الدين، وإلى أنّ أُصول الدين لا تثبت إلاّ بالأخبار المتواترة أو الأدلّة القطعيّة، وحديث الغدير لا نوافق على تواتره، فإذن، لا تثبت بحديث الغدير إمامة علي(2).
ويتلخّص هذا الإشكال في إنكار تواتر حديث الغدير، بعد الإذعان بصحّته فإذا لم يتم تواتره لم يتم الإستدلال به على إمامة علي، لأنّ الحديث الظنّي وإنْ كان صحيحاً ومعتبراً، لا يثبت لنا أصلاً من أصول الدين، إذْ لابدّ في أُصول الدين من القطع واليقين، والحديث الظنّي لا يفيد القطع، إذن، لا يثبت به أمر قطعي.
وهذا الإشكال إشكال أساسي إن تمّ نفي تواتر حديث الغدير، لكنّنا نلزمهم بمثل تصريح الذهبي، وابن كثير، وابن الجزري، والسيوطي، والكتّاني، والزبيدي، والمتقي الهندي، والشيخ علي القاري، وغيرهم، بتواتره.
أمّا ابن حزم، فقد ذكروا في ترجمته إنّه كان من النواصب، وأيضاً: يذكرون بترجمته إنّ لسان ابن حزم وسيف الحجّاج شقيقان(3)، والأشقى منه من يتّبعه فيما يقول ويستند إلى كلماته وإلى أباطيله، وليس المجال الآن يسع لأكثر من هذا، وإلاّ لذكرت لكم بعض أباطيل هذا الرجل وكلامه المقتضي للحكم بكفره.
إذن، هذا الإشكال أيضاً يندفع باعتراف كبار أئمّة القوم بتواتر حديث الغدير.
(1) ابن تيمية في منهاج السنّة 7 / 33.
(2) المراجعات: 264، المراجعة 55.
(3) سير أعلام النبلاء 18 / 184.