مسألة أن علياً عليه السّلام لم يكن في حجة الوداع:
ولعلّكم تتعجّبون أو تضحكون ممّن يقول ـ قبل كلّ شيء ـ : بأنّ عليّاً لم يكن في حجة الوداع، وأنه كان في اليمن في ذلك الوقت، فكلّ الأحاديث التي ورد فيها أنّه أخذ بيد عليّ وجعل يعرّفه إلى الناس ويقول: «فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه» هذه الأحاديث كلّها كاذبة، لأنّ عليّاً كان باليمن، تستغربون لو قلت لكم أنّ القائل بهذا القول هو الفخر الرازي.
لكن من حسن الحظ أنّ مثل ابن حجر المكّي صاحب الصواعق(1) يردّ هذا الكلام، وكذا شرّاح الحديث الذين يرجع إليهم في فهم الأحاديث.
وهذا ديدني في بحوثي، أرجعُ إلى مثل المنّاوي صاحب فيض القدير في شرح الجامع الصغير، الشارح للجامع الصغير، وإلى الشيخ علي القاري شارح الشفاء للقاضي عياض، وصاحب المرقاة في شرح المشكاة، إلى الزرقاني المالكي صاحب شرح المواهب اللدنيّة، أرجعُ إلى هؤلاء لأنّهم شرّاح الحديث، والعلماء الكبار فيه، وكلماتهم حجّة في بيان معانيه، أرجع إليهم إحتجاجاًبكلماتهم وإلزاماً للقوم بأقوال علمائهم.
يقول الشيخ علي القاري في ]المرقاة في شرح المشكاة[(2) بأنّ هذا القول باطل، لثبوت أنّ عليّاً رجع من اليمن، وكان مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله في حجة الوداع.
وفي حديث اُخرج في المسانيد والصحاح بقضيّة الخروج من الإحرام، إنّ عليّاً كان مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم في حجّة الوداع(3).
فقول الفخر الرازي بأنّ عليّاً كان في اليمن في ذلك الوقت، يدلّ من جهة أُخرى على صحّة هذا الحديث، وتماميّة دلالته على إمامة أمير المؤمنين.
(1) الصواعق المحرقة: 25.
(2) المرقاة في شرح المشكاة 10 / 476.
(3) مسند أحمد 2 / 28، 3 / 185 و305 وغيره.