دلالة حديث الولاية على العصمة
وهذه ألفاظ رسول اللّه في حق علي عليه السّلام، تارة يقول: «إنّ عليّاً لا يفعل إلاّ ما يؤمر به»، أو «إنّما يفعل ما أُمر به».
هذه العبارة تدلّ دلالة واضحة على العصمة.
العبارة هذه في الحقيقة صغرى لكبرى، أو مصداق لآية مباركة وهي قوله عزّ من قائل: (بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ * لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ)(1).
وفي خطبة لأمير المؤمنين عليه السّلام يرويها شيخ الطائفة أبو جعفر الطوسي رحمة اللّه عليه في ]مصباح المتهجّد[، رأيت من المناسب أنْ أقرأ لكم هذه القطعة من تلك الخطبة يقول الشيخ: إنّ أمير المؤمنين خطب هذه الخطبة في يوم الغدير:
«وإنّ اللّه اختصّ لنفسه بعد نبيّه صلّى اللّه عليه وآله من بريّته خاصةً، اختصّ منهم ـ أي من الخلائق بعد النبي ـخاصة علاهم بتعليته، وسما بهم إلى رتبته، وجعلهم الدعاة بالحق إليه والأدلاء بالرشاد عليه، لقرن قرن وزمن زمن، أنشأهم في القدم قبل كلّ مدر ومبر، وأنواراً أنطقها لتحمده، وألهمها شكره وتمجيده، وجعلهم الحجج على كلّ معترف له بملكة الربوبية وسلطان العبودية، واستنطق بها الخراسات بأنواع اللغات، بخوعاً له بأنّه فاطر الأرضين والسماوات، وأشهدهم على خلقه، وولاّهم ما شاء من أمره، جعلهم تراجمة مشيّته وألسنة إرادته، عبيداً لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون، يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم، ولا يشفعون إلاّ لمن ارتضى، وهم من خشيته مشفقون»(2).
فهذه مراتب من كان لا يفعل إلاّ بما يؤمر به، عبادٌ مكرمون، أي مقرّبون، لا يسبقونه بالقول، أي لا يقولون قبل أنْ يقول اللّه سبحانه وتعالى، هذا بالقول، وأمّا في الفعل والعمل: لا يفعلون إلاّ ما يؤمرون.
فحديثنا يدلّ على العصمة.
وهذه في الجهة الأُولى من جهات البحث.
(1) سورة الأنبياء (21): 26، 27.
(2) مصباح المتهجّد: 753.