بسم اللّه الرحمن الرحيم
الحمد للّه رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وآله الطاهرين، ولعنة اللّه على أعدائهم أجمعين من الأولين والآخرين.
موضوع بحثنا حديث الطير.
وهو أيضاً من الأحاديث التي نستدلّ بها على إمامة أمير المؤمنين عليه السّلام، إنّه حديثٌ سعى المخالفون لإخفائه ومنع نقله وانتشاره بين المسلمين، حتّى أدّى ذلك إلى جهل كثير من الناس ـ وربّما من أبناء الحق ـ بهذا الحديث الذي رواه أكثر من عشرة من الصحابة.
ولابدّ من البحث حول هذا الحديث في جهات عديدة.
الجهة الاُولى
رواة حديث الطير وأسانيده
نبدأ بأسماء الصحابة الذين وصلتنا رواياتهم لهذا الحديث الشريف، وهم:
أولاً: علي أمير المؤمنين عليه السّلام، ويوجد حديثه عند ابن عساكر(1)، وغيره من كبار المحدّثين، وأشار إليه الحاكم النيسابوري في المستدرك(2).
ثانياً: سعد بن أبي وقّاص، وحديثه يوجد في حلية الأولياء(3) لأبي نعيم الحافظ الإصفهاني.
ثالثاً: أبو سعيد الخدري، وحديثه يوجد في تاريخ ابن كثير(4)، وغيره، وأشار إليه الحاكم في المستدرك(5).
رابعاً: أبو رافع، وحديثه يوجد عند ابن كثير(6).
خامساً: أبو الطفيل المكّي، وأخرج حديثه الحافظ ابن عقدة، والحاكم النيسابوري(7)، وغيرهما.
سادساً: جابر بن عبداللّه الأنصاري، ويوجد حديثه عند ابن عساكر، وابن كثير(8).
سابعاً: حبشي بن جنادة، ويوجد حديثه عند ابن كثير(9).
ثامناً: يعلى بن مرّة، ويوجد حديثه عند الخطيب البغدادي، وابن كثير(10).
تاسعاً: عبداللّه بن عباس، وحديثه عند الطبراني(11).
عاشراً: سفينه مولى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله، ويوجد حديثه عند ابن عساكر(12)، وأشار إليه الحاكم النيسابوري(13).
الحادي عشر: عمرو بن العاص، ويوجد حديثه في كتاب له إلى معاوية بن أبي سفيان، روى ذلك الكتاب الخطيب الخوارزمي في كتاب المناقب(14).
الثاني عشر: أنس بن مالك، وهو المشهور برواية هذا الحديث، لأنّه صاحب القصّة.
وهذا الحديث الشريف وارد من طرق أصحابنا، عن الأئمّة الأطهار عليهم السّلام، وعن بعض الأصحاب، حتّى أنّ أبا الشيخ الحافظ الإصفهاني روى هذا الحديث عن الإمامين الباقر والصادق عليهما السّلام في كتابه، وهو من كبار حفّاظ أهل السنّة.
فهؤلاء رواة هذا الحديث من الصحابة.
وأمّا رواته من التابعين، فإنّ التابعين الرواة لهذا الحديث عن أنس بن مالك فقط يبلغون حدود التسعين رجلاً.
ومن رواته من أئمّة المذاهب:
1 ـ أبو حنيفة.
2 ـ أحمد بن حنبل.
3 ـ مالك بن أنس.
4 ـ الإمام الأوزاعي، ذلك الفقيه الكبير الذي كان يعدّ مذهبه مذهباً مستقلاً من بين المذاهب، إلى أن حصروا المذاهب في الأربعة المشهورة.
ومن رواته جماعة كبيرة من مشايخ البخاري ومسلم.
وكثير من رواته من رجال الصحاح الستّة عند أهل السنّة.
ولنذكر أسماء أشهر مشاهير رواة هذا الحديث من أئمة الحديث وكبار الحفّاظ في القرون المختلفة:
1 ـ شعبة بن الحجّاج، أمير المؤمنين في الحديث، كما يلقّبونه(15).
2 ـ الأوزاعي، الإمام المعروف.
3 ـ مالك بن أنس، إمام المذهب.
4 ـ أبو حنيفة، صاحب المذهب.
5 ـ أحمد بن حنبل، صاحب المذهب.
6 ـ أبو عاصم النبيل، شيخ البخاري.
7 ـ أحمد بن حنبل.
8 ـ عبدالرزاق الصنعاني، شيخ البخاري.
9 ـ البخاري نفسه، يروي هذا الحديث، لكن لا في صحيحه، بل في تاريخه الكبير(16)، وسنذكر نصّ حديثه فيما بعد.
10 ـ البلاذري، صاحب أنساب الأشراف.
11 ـ أبو حاتم الرازي، الذي هو من أقران البخاري ومسلم.
12 ـ الترمذي، صاحب الصحيح.
13 ـ أبو بكر البزّار، صاخب المسند.
14 ـ النسائي، صاحب الصحيح.
15 ـ أبو يعلى الموصلي، صاحب المسند.
16 ـ محمّد بن جرير الطبري، صاحب التاريخ والتفسير المعروفين.
17 ـ ابن أبي حاتم، صاحب التفسير، والمحدّث الكبير الذي يعدّونه من الأبدال(17).
18 ـ ابن عبدربّه، في العقد الفريد.
19 ـ أبو الحسين المحاملي، صاحب الأمالي.
20 ـ أبو العباس ابن عُقدة، له كتاب في حديث الطير.
21 ـ المسعودي المؤرخ، صاحب مروج الذهب.
22 ـ أبو القاسم الطبراني، صاحب المعاجم الثلاثة.
23 ـ أبو الشيخ الاصفهاني، صاحب كتاب طبقات المحدّثين بإصفهان.
24 ـ ابن السقا الواسطي، هذا الحافظ الكبير من علماء القرن الرابع، وسنذكر قصّته في حديث الطير.
25 ـ أبو حفص ابن شاهين، له كتاب في حديث الطير.
26 ـ أبو الحسن الدارقطني، صاحب كتاب العلل.
27 ـ أبو عبداللّه الحاكم النيشابوري، صاحب المستدرك، وله كتاب بطرق حديث الطير.
28 ـ أبو بكر ابن مردويه، له كتاب في طرق حديث الطير.
29 ـ أبو نعيم الأصفهاني، صاحب حلية الأولياء وغيره من الكتب، له كتاب في طرق حديث الطير.
30 ـ أبو طاهر ابن حمدان الخراساني، المحدّث الكبير، له كتاب في طرق حديث الطير.
31 ـ أبو بكر البيهقي، صاحب السنن الكبرى.
32 ـ ابن عبدالبر، صاحب الإستيعاب.
33 ـ الخطيب البغدادي، صاحب تاريخ بغداد.
34 ـ محي السنّة البغوي، صاحب مصابيح السنّة.
35 ـ رزين العبدري، صاحب الجمع بين الصحاح الستّة.
36 ـ أبو القاسم ابن عساكر، صاحب تاريخ دمشق.
37 ـ ابن الأثير الجزري، صاحب جامع الأُصول.
38 ـ وأيضاً أخوه ابن الأثير الآخر، صاحب أُسد الغابة.
39 ـ الخطيب التبريزي، صاحب مشكاة المصابيح.
40 ـ أبو الحجّاج المزّي، صاحب تهذيب الكمال وكتاب تحفة الأشراف.
41 ـ شمس الدين الذهبي، صاحب المؤلفات المعروفة المشهورة.
42 ـ ابن كثير الدمشقي، صاحب التفسير والتاريخ.
43 ـ أبو بكر الهيثمي، صاحب مجمع الزوائد.
44 ـ شمس الدين ابن الجزري، صاحب المؤلفات.
45 ـ ابن حجر العسقلاني، صاحب المؤلفات، شيخ الإسلام، والفقيه المحدث الرجالي المعروف.
46 ـ جلال الدين السيوطي، أيضاً صاحب المؤلفات المشهورة.
47 ـ ابن حجر المكي، صاحب الصواعق.
48 ـ شاه ولي اللّه الدهلوي، محدّث الهند.
وكما عرفتم في خلال ذكر أسماء الرواة هؤلاء: إنّ جماعة من الأعلام ومن كبار المحدّثين ألّفوا كتباً خاصة تتعلّق بطرق حديث الطير، وهؤلاء هم:
1 ـ الطبري، صاحب التفسير والتاريخ.
2 ـ ابن عقدة.
3 ـ الحاكم النيسابوري.
4 ـ ابن مردويه.
5 ـ أبو نعيم.
6 ـ أبو طاهر ابن حمدان.
7 ـ الذهبي، فإنه يذكر في كتابه تذكرة الحفّاظ بترجمة الحاكم النيسابوري: أنّ له كتاباً ـ أي الذهبي ـ في طرق حديث الطير(18).
فهؤلاء رواة هذا الحديث بنحو الإجمال من الصحابة، وأشرنا إلى أنّ عدد التابعين الرواة لهذا الحديث عن أنس بن مالك وحده يبلغون حدود التسعين رجلاً، وذكرنا أشهر مشاهير علماء الحديث في القرون المختلفة الرواة لحديث الطير، ثم أسماء من أفرد أسانيده بالتأليف.
وحديث الطير موجود في عدّة من الصحاح، كصحيح الترمذي(19)، وصحيح النسائي(20)، وصحيح ابن حبّان، وأيضاً موجود في المختارة للضياء المقدسي، وفي المستدرك للحاكم(21)، وفي الجمع بين الصحيحين، وفي الجمع بين الصحاح.
كما أنّ لهذا الحديث أسانيد صحيحة هي أكثر من عشرين سنداً عدا أسانيده في الصحاح.
ولا أظن أنّ من يقف على هذه الأسامي، وهذه الأسانيد، يشك في صدور هذا الحديث عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله، وحينئذ ننتقل إلى الجهة الثانية.
(1) تاريخ مدينة دمشق 42 / 245 و432.
(2) المستدرك على الصحيحين 3 / 130 ـ 131.
(3) حلية الأولياء 4 / 356.
(4) البداية والنهاية 7 / 353.
(5) المستدرك على الصحيحين 3 / 131.
(6) البداية والنهاية 7 / 353.
(7) أنظر: كفاية الطالب: 368.
(8) تاريخ مدينة دمشق 42 / 244 ـ 245.
(9) البداية والنهاية 7 / 354.
(10) تاريخ بغداد 11 / 376.
(11) المعجم الكبير 10 / 343 رقم 10667.
(12) ترجمة الإمام على عليه السّلام لابن عساكر 2 / 133 رقم 643.
(13) المستدرك على الصحيحين 3 / 131.
(14) المناقب للخوارزمي: 200.
(15) أنظر: الكاشف للذهبي 1 / 485 رقم 2278.
(16) التاريخ الكبير 1 / 357 رقم 1122، 2 / 2 رقم 1488.
(17) تذكرة الحفّاظ 3 / 830.
(18) تذكرة الحفّاظ 3 / 1042 ـ 1043.
(19) سنن الترمذي 5 / 300 رقم 3805.
(20) سنن النسائي 5 / 107 رقم 8398 .
(21) المستدرك على الصحيحين 3 / 130 ـ 132.