تحريف الحديث:
من جملة الأساليب: تحريف الحديث، فالطبري يروي هذا الحديث في تاريخه وفي تفسيره أيضاً، فإنْ رجعتم إلى التاريخ، لرأيتم الحديث كما ذكرناه، ورووه عنه في كتبهم كصاحب ]كنز العمال[(1) وغيره، وأيضاً السيوطي في ]الدر المنثور[(2) يروي هذا الحديث عن الطبري، وينصّ صاحب كنز العمال على أنّ الطبري قد صحّح هذا الحديث، فالحديث في تاريخه كما رأيتم وسمعتم.
أمّا في تفسيره، إذا لاحظتم ]تفسير الطبري[ في ذيل هذه الآية المباركة: (وَأَنْذِرْ عَشيرَتَكَ اْلأَقْرَبينَ) تأتي العبارة بهذا الشكل: «إنّ هذا أخي وكذا وكذا»(3)، وأصل العبارة: «إنّ هذا أخي ووصيّي وخليفتي فيكم»، جاء بدل هذه العبارة: «إنّ هذا أخي وكذا وكذا».
لكنّنا لا نعلم، هل هذا من صنع الطبري نفسه، أو من النسّاخ لتفسيره، أو من الطابعين؟ هذا لا نعلمه، ولا يمكننا أنْ نرمي الطبري نفسه، لأنّه يكون من باب الرجم بالغيب، واللّه العالم.
هذا هو أُسلوب التحريف.
وأيضاً، إذا راجعتم ]الدر المنثور[ للسيوطي، ففي هذا الكتاب، ينقل الحديث عن نفس الأشخاص من ابن إسحاق، وابن جرير الطبري، وأبي نعيم، والبيهقي، وابن مردويه، وغيرهم، لكن لمّا يصل إلى هذه الجملة التي هي محلّ الإستدلال، يذكر بهذا الشكل: «فأيّكم يو آزرني على أمري هذا، فقلت وأنا أحدثهم سنّاً: أنا، فقام القوم يضحكون»(4)، ولا يوجد أكثر من هذا، يعني: إنه قد حذف من اللفظ جملة: «ويكون أخي ووصيّي وخليفتي فيكم».
وأيضاً حذفوا منه: قام القوم يضحكون وقالوا لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع وتطيع لعليّ.
وهل هذا من السيوطي نفسه أو من النسّاخ أو من الناشرين للكتاب؟ لا نعلم.
(1) مجمع الزوائد 9 / 113، كنز العمّال 13 / 131.
(2) الدرّ المنثور 6 / 324 ـ 329.
(3) تفسير الطبري 19 / 149.
(4) الدرّ المنثور 6 / 324 ـ 329.