الطريق الرابع:
المعارضة بأحاديث يروونها في كتبهم، يعارضون بها حديث الثقلين، والمعارضة كما تعلمون بحث على القاعدة وأسلوب مقبول، المعارضة معناها أنّ هناك حديثاً صحيحاً في سنده وتامّاً في دلالته، يعارض هذا الحديث الصحيح التام دلالةً، ولذا، فنحن الطلبة نقول: المعارضة فرع الحجية، فلابدّ وأنْ يكون الخبران كلاهما حجة، فإذا كانا تامّين سنداً ودلالةً فيتعارضان، فيكون أحدهما صدقاً والآخر كذباً، فإنْ تمكنّا من ترجيح أحدهما على الآخر فهو، وإلاّ فهما يتعارضان ويتساقطان، فالبحث عن طريق المعارضة بحث على القاعدة.
لكنْ بأيّ شيء يعارض حديث الثقلين وهو حديث الوصيّة بالقرآن وأهل البيت؟ إنّهم يزعمون معارضة حديث الثقلين بأشياء، أهمّها:
حديث الإقتداء بالشيخين وهو حديث يروونه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله أنّه قال: «إقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر»(1) هذا الحديث موجود في بعض كتبهم، فإذا كان حديث الثقلين أي الوصيّة بالكتاب والعترة، دالاًّ على وجوب الإقتداء بالقرآن والعترة، فهذا الحديث يدلّ على وجوب الإقتداء بالشيخين، إذن، يقع التعارض بين الحديثين.
الحديث الآخر المهم الذي يحاول بعض كتّاب عصرنا أنْ يعارض به حديث الثقلين، أي الوصيّة بالكتاب والعترة، هو حديث الثقلين والوصية بالكتاب والسنّة، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله: «إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب اللّه وسنّتي»(2)، فحديث الوصيّة بالكتاب والعترة يدلّ على وجوب الإقتداء بالكتاب والعترة، الأخذ والتمسّك بهما، وهذا الحديث يقول بوجوب الأخذ والتمسّك بالكتاب والسنّة، إذن، يقع التعارض بين الحديثين.
وهذا هو الطريق الرابع لردّ حديث الوصية بالقرآن والعترة.
أمّا الحديث الأوّل، فسنبحث عنه إنْ شاء اللّه في إحدى الليالي الآتية، حيث سنتعرض لأدلّة القوم على إمامة الشيخين، وقد خصّصنا ليلةً للبحث عن تلك الأدلّة.
وأمّا حديث الثقلين والوصية بالكتاب والسنّة، فقد كتبت فيه رسالة مستقلّة مفردة، وهي مطبوعة، فمن شاء فليرجع إليها.
فهذا هو الطريق الرابع.
وقد كان الطريق الأول: التضعيف، والطريق الثاني: دعوى نكارة المتن، والطريق الثالث: تحريف الحديث، والطريق الرابع: المعارضة.
وهل من فائدة في هذه الطرق؟ وأيّ فائدة؟ بل المتعيّن هو:
(1) مسند أحمد 5 / 382 و380 و399 و402.
(2) كنز العمّال 1 / 172.