الطريق الثالث:
وتبقى الطريقة الأخيرة، وهي ردّ حديث المنزلة وعدم قبول صحّة هذا الحديث، مع كونه في الصحيحين وغيرهما كما عرفتم.
وهذا الطريق مشى عليه كثير من علمائهم، ممّا يدلّ على فشلهم في الطرق الأُخرى، بعد عدم تمكّنهم من إبطال هذا الحديث بمناقشات علمية.
يقول أبو الحسن سيف الدين الآمدي: إنّ هذا الحديث غير صحيح.
وابن حجر المكي ينقل كلامه في ]الصواعق المحرقة[(1).
وتجدون الإعتماد أيضاً على رأي الآمدي هذا في ]شرح المواقف[(2)للشريف الجرجاني.
ويقول القاضي الإيجي في الجواب عن حديث المنزلة: إنّه لا يصحّ الإستدلال به من جهة السند(3).
وهكذا غير هؤلاء الذين ذكرتهم، يردّون هذا الحديث بعدم صحّة سنده، وغير واحد منهم يعتمد على كلام الآمدي.
لكن الآمدي يذكره الذهبي في ]ميزان الإعتدال[ ونصّ عبارته: قد نفي من دمشق لسوء اعتقاده، وصحّ عنه أنّه كان يترك الصلاة(4).
وأقول: إنْ كان ترك الصلاة عيباً مسقطاً للعدالة، وموجباً لسقوط الشخص وكلامه ورأيه في القضايا العلمية، فلماذا يعتمدون عليه وينقلون كلامه؟
ولكنْ عندي كثيرون من حفّاظ الحديث وكبار أئمّتهم الرواة للسنّة النبويّة، الأُمناء على الدين، يذكرون بتراجمهم أنّهم كانوا يتركون الصلاة، ولو اتّسع الوقت لذكرت لكم بعضهم، وذكرت بعض عباراتهم في الثناء عليهم وتبجيلهم وتوثيقهم وتعظيمهم، ممّا يدلّ على أنّ ترك الصلاة التي هي عمود الدين عند المسلمين ليس بطعن في شخص من هؤلاء.
(1) الصواعق المحرقة: 73.
(2) شرح المواقف للجرجاني 8 / 362.
(3) المصدر.
(4) ميزان الإعتدال 3 / 358 رقم 3652.