الدليل العاشر:
ما رووه عن علي عليه السّلام في فضل الشيخين، منها الرواية التي ذكرها هؤلاء أنّه قال: خير الناس بعد النبيين أبو بكر ثمّ عمر ثمّ عمر ثمّ اللّه أعلم(1).
ليس هذا اللفظ وحده، بل لهم أحاديث أُخرى، وألفاظ أُخرى أيضاً ينقلونها عن علي في فضل الشيخين، لكن:
أوّلاً: أبو بكر نفسه يعترف بأنّه لم يكن خير الناس، ألم يقل: ولّيتكم ولست بخيركم؟
وهذا موجود في ]الطبقات[ لابن سعد(2).
أو: أقيلوني فلست بخيركم، كما في المصادر الكثيرة(3).
وثانياً: ذكر صاحب ]الإستيعاب[ بترجمة أمير المؤمنين(4) سلام اللّه عليه، وكذا ذكر ابن حزم في كتاب ]الفصل[(5)، وذكر غيرهما من كبار الحفّاظ: إنّ جماعة كبيرة من الصحابة كانوا يفضّلون عليّاً على أبي بكر.
فإذا كان علي بنفسه يعترف بأفضليّة الشيخين منه، كيف كان أولئك يفضّلون عليّاً عليهما؟
لقد ذكروا أسماء عدّة من الصحابة كانوا يقولون بأفضليّة علي، منهم: أبو ذر، وسلمان، والمقداد وعمّار، و…، وعلي يعترف بأفضليّة الشيخين منه!!
هذه أخبار مكذوبة على أمير المؤمنين عليه السّلام.
إذن، لم نجد دليلاً من أدلّة القوم سالماً من الطعن والجرح والإشكال، إمّا سنداً ودلالة، وإمّا سنداً، على ضوء كتبهم وكلمات علمائهم.
فتلك الأحاديث من الأحاديث الموضوعة التي لا أساس لها، باعترافهم، لا سيّما حديث «اقتدوا باللذين من بعدي».
والمهم: قضيّة الصلاة، فصلاة أبي بكر في حياة رسول اللّه قد تشعر بإمامته بعده، لكن رسول اللّه عزله عن المحراب، وصلّى تلك الصلاة بنفسه، إن صحّ خبر إرساله أبا بكر إلى الصلاة.
مضافاً: إلى أنّ إمامة الشيخين يجب أن تبحث من ناحية أُخرى، وهي: أنّ هناك موانع، أنّ هناك قضايا تمنع من أن يكونا إمامين للمسلمين، تلك القضايا كثيرة ومذكورة في الكتب، ولم يكن من منهجنا التعرض لتلك القضايا.
(1) المصنّف للصنعاني 3 / 448، كنز العمّال 13 / 8 رقم 36098.
(2) طبقات ابن سعد 3 / 182.
(3) مجمع الزوائد 5 / 183، شرح نهج البلاغة 1 / 168، 17 / 155، تاريخ الخلفاء: 54.
(4) الإستيعاب 3 / 1090.
(5) الفصل في الملل والنحل 3 / 32 و70.