بسم اللّه الرحمن الرحيم
الحمد للّه رب العالمين، والصّلاة والسّلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين، ولعنة اللّه على أعدائهم أجمعين من الأولين والآخرين.
قال اللّه عزّوجلّ: (وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمّا صَبَرُوا)(1).
موضوع بحثنا في هذه الليلة إمامة بقيّة الأئمّة عليهم السّلام.
بعد أن فرغنا من بيان الأدلّة بنحو الإختصار والإيجاز من الكتاب والسنّة والعقل على إمامة أمير المؤمنين سلام اللّه عليه، وبحثنا أيضاً عن أدلّة القوم على إمامة أبي بكر، كان لابدّ من التعرض للبحث عن إمامة بقية الأئمّة سلام اللّه عليهم.
القول بإمامة الحسن المجتبى بعد أمير المؤمنين، والحسين سلام اللّه عليه بعد الحسن، وعلي بن الحسين السجاد، ومحمّد بن علي الباقر، وجعفر بن محمّد الصادق، وموسى بن جعفر الكاظم، وعلي بن موسى الرضا، ومحمّد بن علي الجواد، وعلي بن محمّد الهادي، والحسن بن علي العسكري، والإمام المهدي صلوات اللّه عليهم أجمعين.
القول بإمامة هؤلاء الأئمّة هو من ضرورات مذهب الشيعة الإماميّة الإثني عشرية، فلو أنّ أحداً يشككّ في إمامة أحدهم أو يشك، يكون بذلك خارجاً عن هذا المذهب، فالقول بإمامة الأئمة من ضروريات هذا المذهب، وهذه الطائفة تسمّى بالطائفة الاثني عشرية بهذه المناسبة، وبعد أن كان هذا الإعتقاد من ضروريات هذا المذهب لا تبقى حاجة للبحث عن أدلة هذا الإعتقاد في داخل المذهب.
ومع ذلك، فهناك كتب كثيرة ألّفها علماء الطائفة في إثبات إمامة هؤلاء الأئمّة سلام اللّه عليهم، عن طريق النص، وعن طريق العصمة، وعن طريق الأفضليّة.
وقد ذكرنا منذ اليوم الأوّل: أنّ طريق إثبات الإمامة لإمام، إمّا يكون بالأفضليّة، وإمّا بالنص، وإمّا بالعصمة.
والحق: اجتماع الأدلّة الثلاثة في إمامة أمير المؤمنين وسائر الأئمّة الطاهرين، ولا سيّما على صعيد النصوص الواردة في إمامة الأئمة سلام اللّه عليهم، فقد ثبت نصّ الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام على الحسن عليه السّلام وهكذا على الحسين عليه السّلام إلى أخر الأئمّة، وثبت نصّ رسول اللّه على إمامة كلّ هؤلاء.
والكتب المؤلّفة في خصوص النصوص كثيرة، بإمكانكم الرجوع إلى كتاب ]كفاية الأثر في النص على الأئمّة الإثني عشر[، وهكذا كتاب ]الإنصاف في النصّ على الأئمّة الأشراف[، كتاب ]إثبات الهداة بالنصوص والمعجرات[، وغير هذه الكتب المؤلّفة في هذا الباب.
وهل بالإمكان إثبات إمامة بقية الأئمّة على ضوء أدلّة أهل السنّة؟ وهل يمكن أن نستند إلى كتب أهل السنّة المشهورة ورواياتهم في إثبات إمامة بقيّة الأئمّة عليهم الصلاة والسلام أوْ لا؟
التحقيق أنّنا يمكننا إثبات إمامة بقيّة الأئمّة أيضاً على ضوء كتب أهل السنّة فقط، وعن طريق النصّ والعصمة والأفضليّة كلّها، وقد تتعجّبون وتستغربون من هذا الذي أدّعيه الآن، ولكن لا تستعجلوا، وسترون أنّ أيّ باحث محقّق حرّ منصف يستمع إلى ما أقوله في هذه الليلة، لا يمكنه أن يناقش في شيء ممّا أذكره، اللهمّ إلاّ أنْ يتعصّب، وليس لنا مع التعصّب والمتعصّب بحث.
الأئمّة اثنا عشر
إنّنا نسأل أهل السنّة ونراجع كتبهم، ونفحص في رواياتهم، عمّا إذا كان عندهم شيء عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم في الإمامة، وعدد الأئمة بعد رسول اللّه، هل هناك دليل على حصر الأئمّة بعد رسول اللّه في عدد معيّن أو لا يوجد دليل؟ وإذا كان يوجد دليل فما هو ذلك العدد؟ ومن هم أُولئك الأئمّة الذين دلّت عليهم وعلى إمامتهم تلك الأدلّة؟
الجواب واضح تماماً، فحديث الأئمّة إثنا عشر أو الخلفاء من بعدي إثنا عشر، هذا الحديث مقطوع الصدور، اتفق عليه الشيخان وغيرهما من أئمّة الحديث، وأخرجوه بطرق وأسانيد معتبرة، ورووه عن عدة من الصحابة، أقرأ لكم نصوصاً من هذا الحديث، وأرجو الدقّة في ألفاظ هذه النصوص، والتأمّل فيما تختلف فيه هذه الألفاظ، والتوصل إلى نتيجة قطعية على ضوء الدقّة في هذه النصوص.
(1) سورة السجدة (32): 34.