إثبات التواتر اللفظي لحديث الغدير:
ذكرنا أنّ هذا الحديث من الأحاديث المتواترة، بل لقد تجاوز حدّ التواتر بأضعاف مضاعفة، والتواتر كما تعلمون على أقسام:
تارة التواتر لفظي.
وتارة التواتر إجمالي.
وتارة التواتر معنوي.
وبقرينة ذكر جماعة من علماء القوم هذا الحديث في كتبهم المتعلّقة بالأحاديث المتواترة، يظهر أنه بهذا اللفظ متواتر، وهذا شيء مهم، لأنّهم في كتب الحديث وعلم دراية الحديث ـ إذا راجعتم ـ يقولون بأنّ المتواتر اللفظي في الأحاديث النبويّة قليل جدّاً، حتّى أنّهم يحصرون التواتر اللفظي بحديث «إنّما الأعمال بالنيّات» فقط، وربّما أضافوا إلى هذا الحديث حديثاً آخر، هكذا يدّعون، ويقولون بأنّ الأحاديث الواصلة إلينا من رسول اللّه هي وإن كانت متواترة إلاّ أنّها متواترة معنى أو إجمالاً، هذا في أكثر الأحاديث الواصلة إلينا التي يمكننا أن ننسبها إليه صلّى اللّه عليه وآله بالقطع واليقين.
إلاّ أنّ حديث الغدير بهذا اللّفظ متواتر، على أثر كثرة الرواة والمخرجين له في الطبقات والأعصار المختلفة، ولابدّ من الدقّة في هذه النقطة فإنّها أمر مهم.
فانتهينا، إذن، من لفظ الحديث ومتنه، وانتهينا من سنده، وأنّه متواتر قطعاً.
وقد نصّ الشيخ عبدالعزيز الدهلوي صاحب كتاب ]التحفة الإثنا عشرية[. هذا الكتاب الذي طبع مختصره بالعربية بقلم الآلوسي البغدادي، ونشره بعض أعداء الدين مع تعاليق شحنها بالسباب والشتائم، وبالشحناء والبغضاء لأهل البيت ولشيعتهم.
يقول المولوي عبدالعزيز الدهلوي في كتابه المذكور: إنّ الحديث إذا وصل حدّ التواتر وأصبح قطعي الصدور عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، كان بمنزلة الآية من الآيات القرآنيّة، فكما أنّ القرآن الكريم مقطوع الصدور من اللّه سبحانه وتعالى ولا ريب في ذلك حين وصل إلينا بالتواتر القطعي ولا يجوز الردّ أو الإبطال للفظ واحد من ألفاظه، ومن فعل فهو كافر، كذلك كلّ حديث يروى عن رسول اللّه بأسانيد تفيد القطع واليقين وصل إلى حدّ التواتر.
إذن، أصبح قوله صلّى اللّه عليه وآله: «من كنت مولاه فهذا علي مولاه» بمثابة آية في القرآن الكريم من حيث أنّه مقطوع الصدور ويحرم تكذيبه وردّه.
Menu