ما قاله الاعلام في فضائل موسى بن جعفر
هارون الرشيد يعترف بإمامته:
قال المأمون: «كنت أجرأ ولد أبي عليه ]وكان المأمون متعجباً من إكبار أبيه لموسى بن جعفر وتقديره له[ قال: قلت لأبي: يا أميرالمؤمنين، من هذا الرجل الذي أعظمته وأجللته، وقمت من مجلسك اليه فاستقبلته وأقعدته في صدر المجلس، وجلست دونه؟ ثم أمرتنا بأخذ الركاب له؟ قال: هذا إمام الناس، وحجة الله على خلقه وخليفته على عباده، فقلت: يا أميرالمؤمنين، أو ليست هذه الصفات كلها لك وفيك؟. فقال: أنا إمام الجماعة في الظاهر والغلبة والقهر، وموسى بن جعفر إمام حق، والله يا بني انه لأحقّ بمقام رسول الله صلّى الله عليه وآله مني ومن الخلق جميعاً، والله لو نازعتني هذا الأمر لأخذتُ الذي فيه عيناك، فان الملك عقيم»(1).
وروى ابن قولويه بإسناده عن علي بن حسان عن بعض أصحابنا قال: «حضرت أبا الحسن الأول عليه السّلام، وهارون الخليفة وعيسى بن جعفر وجعفر بن يحيى بالمدينة وقد جاءوا إلى قبر النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم، فقال هارون لأبي الحسن عليه السّلام: تقدم، فأبى، فتقدم هارون فسلم وقام ناحية، فقال عيسى بن جعفر لأبي الحسن عليه السّلام تقدم، فأبى، فتقدم عيسى بن جعفر فسلم ووقف مع هارون، فقال جعفر لأبي الحسن عليه السّلام: تقدم، فأبى، فتقدم جعفر، فسلم ووقف مع هارون، وتقدم أبو الحسن فقال «السلام عليك يا أبة، أسأل الله الذي اصطفاك واجتباك وهداك وهدى بك أن يصلّي عليك» فقال هارون لعيسى: سمعت؟ قال: نعم فقال هارون: أشهد أنه ابوه حقاً»(2).
المأمون العباسي:
قال المأمون: «قال لي أبي هارون الرشيد: يا بني، هذا وارث علم النبيين، هذا موسى بن جعفر بن محمّد، ان اردت العلم الصحيح فعند هذا، قال المأمون: فحينئذ انغرس في قلبي محبتهم»(3).
روى الحافظ البرسي: «ان الرشيد لما حج دخل المدينة فاستأذن عليه الناس، فكان آخر من أذن له موسى بن جعفر عليه السّلام، فلما أدخل عيه دخل وهو يحرك شفتيه، فلما قرب اليه قعد الرشيد على ركبتيه وعانقه ثم أقبل عليه وقال: كيف أنت يا أبا الحسن؟ كيف عيالك؟ كيف عيال أبيك؟ كيف أنتم؟ كيف حالكم؟ وهو يقول: خيرٌ، خيرٌ. فلما قام أراد الرشيد أن ينهض فأقسم عليه أبو الحسن فقعد، ثم عانقه وخرج، فلما خرج قال له المأمون: من هذا الرجل؟ قال: يا بني، هذا وارث علوم الأولين والآخرين، هذا موسى بن جعفر فان أردت علماً حقاً فعند هذا»(4).
وقال فيه أبو حاتم: «ثقة صدوق إمام من أئمة المسلمين»(5).
قال يحيى بن الحسن بن جعفر النسّابة: «كان موسى بن جعفر يدعى العبد الصالح، من عبادته واجتهاده»(6).
قال ابن الجوزي: «كان يدعى العبد الصالح لأجل عبادته واجتهاده وقيامه بالليل، وكان كريماً حليماً إذا بلغه عن رجل أنه يؤذيه بعث اليه بمال»(7).
قال الذهبي: «وكان موسى من أجواد الحكماء، ومن العباد الأتقياء، وله مشهد معروف ببغداد»(8).
قال سبط ابن الجوزي: «ويدعى بالعبد الصالح لعبادته واجتهاده وقيامه بالليل… وكان موسى جواداً حليماً، وانما سمي الكاظم لأنه كان إذا بلغه عن أحد شيء بعث اليه بمال»(9).
قال الخطيب: «كان سخياً كريماً وكان يبلغه عن الرجل أنه يؤذيه فيبعث اليه بصرّة فيها ألف دينار، وكان يصرّ الصرر ثلاثمائة دينار وأربعمائة دينار ومائتي دينار ثم يقسمها بالمدينة وكان مثل صرر موسى بن جعفر إذا جاءت الإنسان الصرة فقد استغنى.
قال محمّد بن عبد الله البكري: قدمت المدينة أطلب بها ديناً فأعياني فقلت: لو ذهبت الى أبي الحسن موسى بن جعفر فشكوت ذلك اليه، فأتيته بنقمى(10) في ضيعته فخرج الي ومعه غلام له معه منسف فيه قديد مجزع ليس معه غيره، فأكل وأكلت معه، ثم سألني عن حاجتي فذكرت له قصتي فدخل فلم يقم الاّ يسيراً حتى خرج الي فقال لغلامه: اذهب ثم مدّ يده الي فدفع الي صرّة فيها ثلاثمائة دينار ثم قام فولى فقمت فركبت دابّتي وانصرفت»(11).
قال ابن حجر الهيتمي: «موسى الكاظم وهو وارثه ]جعفر بن محمّد الصادق[ علماً ومعرفةً وكمالا وفضلا، سمي بالكاظم لكثرة تجاوزه وحلمه، وكان معروفاً عند أهل العراق بباب قضاء الحوائج عند الله وكان أعبد أهل زمانه وأعلمهم وأسخاهم»(12).
وقال ابن خلكان: «كان سخياً كريماً وكان يسمع عن الرجل أنه يؤذيه فيبعث اليه بصرة فيها ألف دينار، وكان يصرّ الصرر ثلاثمائة دينار واربعمائة دينار ومائتي دينار، ثم يقسمها بالمدينة»(13).
قال محمّد بن طلحة الشافعي: «هو الإمام الكبير القدر، العظيم الشأن، الكثير التهجد، الجادّ في الاجتهاد المشهود له بالكرامات، المشهور بالعبادة، المواظب على الطاعات، يبيت الليل ساجداً وقائماً ويقطع النهار متصدقاً وصائماً، ولفرط حلمه وتجاوزه عن المعتدين عليه دعي كاظماً، كان يجازي المسيء إليه بإحسانه، ويقابل الجاني عليه بعفوه عنه، ولكثرة عبادته كان يسمى العبد الصالح، ويعرف في العراق بباب الحوائج الى الله لنجح مطالب المتوسلين إلى الله به، كراماته تحار منها العقول وتقضي بأنّ له عند الله تعالى قدم صدق لا يزول»(14).
قال ابن الصباغ المالكي: «قال بعض أهل العلم: الكاظم هو الإمام الكبير القدر، والأوحد الحجة الحبر، الساهر ليله قائماً، القاطع نهاره صائماً، المسمى لفرط حلمه وتجاوزه عن المعتدين كاظماً، وهو المعروف عند أهل العراق بباب الحوائج الى الله وذلك لنجح قضاء حوائج المسلمين»(15).
قال الشيخ محمّد الصبان: «أما موسى الكاظم فكان معروفاً عند أهل العراق بباب قضاء الحوائج عند الله وكان من أعبد أهل زمانه ومن أكابر العلماء الأسخياء.. ولقب بالكاظم لكثرة تجاوزه وحلمه»(16).
قال ابن عنبة: «وكان… عظيم الفضل رابط الجأش، واسع العطاء، لقّب بالكاظم لكظمه الغيظ وحلمه، وكان يخرج في الليل وفي كمّه صرر من الدراهم فيأتي من لقيه ومن أراد برّه، وكان يضرب المثل بصرّة موسى، وكان أهله يقولون: عجباً لمن جاءته صرة موسى فشكا القلة»(17).
قال خير الدين الزركلي: «موسى بن جعفر الصادق بن محمّد الباقر: أبو الحسن سابع الأئمة الاثني عشر عند الإمامية، كان من سادات بني هاشم ومن أعبد أهل زمانه وأحد كبار العلماء الأجواد»(18).
(1) عيون اخبار الرضا ج1 ص91 رقم 11.
(2) كامل الزيارات باب 3 ص18.
(3) عيون أخبار الرضا ج1 ص93 رقم12.
(4) مشارق أنوار اليقين ص94.
(5 و 6) تهذيب التهذيب ج10 ص340 رقم 597.
(7) صفة الصفوة ج2 ص184 رقم 191.
(8) ميزان الاعتدال ج4 ص202 رقم 8855.
(9) تذكرة الخواص ص348.
(10) نقمى بالتحريك والقصر: موضع من أعراض المدينة الى جنب أحد، كان لآل أبي طالب.
(11) تاريخ بغداد ج13 ص27.
(12) الصواعق المحرقة ص121 وذكره القندوزي في ينابيع المودة ص362.
(13) وفيات الأعيان ج4 ص393 رقم 717.
(14) مطالب السؤول ص225 مخطوط.
(15) الفصول المهمة ص131، وذكره الشبلنجي في نور الأبصار ص173.
(16) اسعاف الراغبين المطبوع بهامش نور الأبصار ص226.
(17) عمدة الطالب ص196.
(18) الاعلام ج8 ص270.