ما قاله الأعلام في فضائل الإمام الصادق
1 ـ مالك بن أنس:
قال محمّد بن زياد الأزدي: «سمعت مالك بن أنس يقول: كنت أدخل على الصادق جعفر بن محمّد فيقدم لي مخدّة ويعرف لي قدراً ويقول: يا مالك اني احبك، فكنت أسرّ بذلك وأحمد عليه، وكان لا يخلو من احدى ثلاث خصال: اما صائماً، وإما قائماً، واما ذاكراً. وكان من عظماء العباد وأكابر الزهاد الذين يخشون الله عزّوجل، وكان كثير الحديث، طيب المجالسة، كثير الفوائد، فإذا قال: قال رسول الله، اخضر مرّة، واصفر اخرى، حتى ينكره من لا يعرفه.
ولقد حججت معه سنة فلما استوت به راحلته عند الاحرام، كان كلما همّ بالتلبية انقطع الصوت في حلقه، وكاد يخرّ من راحلته، فقلت: قل يا ابن رسول الله فلا بدّ لك من أن تقول، فقال يا ابن أبي عامر كيف أجسر أن أقول: لبيك اللهم لبيك، واخشى أن يقول عزّوجل: لا لبيك ولا سعديك»(1).
وقال: «ما رأت عين ولا سمعت اذن، ولا خطر على قلب بشر، أفضل من جعفر بن محمّد الصادق فضلا وعلماً وعبادةً وورعاً»(2).
وكان كثير الحديث، طيب المجالسة، كثير الفوائد(3).
وقال: اختلفت اليه زماناً فما كنت أراه الاّ على ثلاث خصال، اما مصلّ وإما صائم وإما يقرأ القرآن وما رأيته يحدث الاّ على طهارة»(4).
وقال: «ان الرجل الصادق لا يصيبه خرف الشيخوخة، ولا يفقد وعيه عند الحشرجة، ومن يكون أصدق قولا ممن لقبه الخصوم والأولياء والتاريخ كله بالصادق. وهو الإمام الصادق أبو عبد الله رضي الله تعالى عنه وعن آبائه الأكرمين الأبرار الأطهار»(5).
2 ـ أبو حنيفة:
قال أبو حنيفه: «ما رأيت أفقه من جعفر بن محمّد»(6).
وقال: لو لا جعفر بن محمّد ما علم الناس مناسك حجّهم(7).
قال شمس الدين محمّد الجزري: «وثبت عندنا أن كلا من الإمام مالك وأبي حنيفة صحب الإمام أبا عبد الله جعفر بن محمّد الصادق، حتى قال أبو حنيفة: ما رأيت أفقه منه وقد دخلني منه من الهيبة ما لم يدخلني للمنصور»(8).
قال رشيد الدين محمّد بن علي بن شهر آشوب: «ذكر أبو القاسم النجّار في مسند أبي حنيفة، قال الحسن بن زياد: سمعت أبا حنيفة وقد سئل: من أفقه من رأيت؟ قال: جعفر بن محمّد لما أقدمه المنصور بعث إلي فقال يا أبا حنيفة ان الناس قد فتنوا بجعفر بن محمّد فهيىء له من مسائلك الشداد فهيأت له أربعين مسألة، ثم بعث الي أبو جعفر وهو بالحيرة فأتيته فدخلت عليه وجعفر جالس عن يمينه فلما بصرت به دخلني من الهيبة لجعفر ما لم يدخلني لأبي جعفر، فسلمت عليه فأومأ الي فجلست ثم التفت اليه فقال: يا أبا عبد الله هذا أبو حنيفة، قال: نعم أعرفه، ثم التفت الي فقال: يا أبا حنيفة ألق على أبي عبد الله من مسائلك، فجعلت ألقي عليه فيجيبني فيقول: أنتم تقولون كذا، وأهل المدينة يقولون كذا: ونحن نقول كذا، فربما تابعناكم وربما تابعناهم وربما خالفا جميعاً، حتى أتيت على الأربعين مسألة فما أخلّ منها بشيء، ثم قال أبو حنيفة: أليس أن اعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس»(9).
قال الحسن بن زياد: «سمعت أبا حنيفة وقد سئل عن أفقه من رأيت قال: جعفر بن محمّد»(10).
وقال: «لو لا السنتان لهلك النعمان»(11).
3 ـ الشافعي وأحمد بن حنبل:
قال ابن حجر: «قال اسحاق بن راهويه: قلت للشافعي: كيف جعفر بن محمّد عندك؟ قال: ثقة»(12).
قال ابن أبي الحديد: «أما الشافعي فقرأ على محمّد بن الحسن فيرجع فقهه.. الى أبي حنيفة، وأما أحمد بن حنبل فقرأ على الشافعي فيرجع فقهه أيضاً الى أبي حنيفة، وأبو حنيفة قرأ على جعفر بن محمّد»(13).
دخل سفيان الثوري على الإمام الصادق عليه السّلام يوماً فسمع منه كلاماً أعجبه فقال: هذا والله يا ابن رسول الله الجوهر فقال له: بل هذا خير من الجوهر وهل الجوهر الاّ حجر(14).
قال زيد بن علي: «في كل زمان رجلٌ منا أهل البيت يحتج الله به على خلقه وحجة زماننا ابن أخي جعفر لا يضل من تبعه ولا يهتدي من خالفه»(15).
قال عمرو بن المقدام: «كنت إذا نظرت الى جعفر بن محمّد علمت أنه من سلالة النبيين»(16).
قال اسماعيل بن علي بن عبد الله بن عباس: «دخلت على أبي جعفر المنصور يوماً.. فقال لي: ما علمت ما نزل بأهلك؟ فقلت: وما ذاك يا أمير المؤمنين؟ قال: فان سيدهم وعالمهم وبقية الأخيار منهم توفي، فقلت: ومن هو يا أميرالمؤمنين؟ قال: جعفر بن محمّد… فقال لي: ان جعفراً كان ممن قال الله فيه (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا) وكان ممن اصطفى الله وكان من السابقين بالخيرات»(17).
قال ابن أبي العوجاء ـ وهو الملحد المشهور ـ ما هذا بشراً وان كان في الدنيا روحاني يتجسّد إذا شاء ويتروح إذا شاء فهو هذا، وأشار إلى الصادق عليه السّلام(18).
قال اليافعي: «السيد الجليل سلالة النبوة ومعدن الفتوة أبو عبد الله جعفر الصادق»(19).
قال ابن حبان: كان من سادات أهل البيت فقهاً وعلماً وفضلا يحتج بحديثه(20)…
قال الحافظ يحيى بن معين: ثقة مأمون(21).
قال أبو حاتم: ثقة لا يسأل عن مثله(22).
قال ابن أبي حاتم عن أبيه: ثقة لا يسأل عنه(23).
قال ابن عدي: «ولجعفر أحاديث ونسخ وهو من ثقاة الناس كما قال يحيى ابن معين»(24).
قال الساجي: «كان صدوقاً مأموناً إذا حدث عنه الثقات فحديثه مستقيم»(25).
قال الحسن بن علي بن زياد الوشاء: «ادركت في هذا المسجد (مسجد الكوفة) تسعمائة شيخ كل يقول: حدثني جعفر بن محمّد»(26).
قال الجاحظ: «جعفر بن محمّد الذي ملأ الدنيا علمه وفقهه ويقال ان أبا حنيفة من تلامذته وكذلك سفيان الثوري وحسبك بهما في هذا الباب»(27).
قال أبو جعفر محمّد بن علي الرضا عليه السّلام: حدثني أبي الرضا علي بن موسى عليه السّلام قال: سمعت أبا الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام يقول: «دخل عمرو بن عبيد البصري على أبي عبدالله عليه السّلام فلما سلم وجلس عنده تلاهذه الآية قول الله عزّوجل (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الاِْثْمِ)(28) ثم أمسك فقال له أبو عبد الله عليه السّلام: ما أسكتك، قال: أحب أن أعرف الكبائر من كتاب الله عزّوجل فقال: نعم يا عمرو، أكبر الكبائر الشرك بالله، يقول الله عزوجل: (إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَار)(29) وبعده اليأس من روح الله، لأن الله عزّوجل يقول: (وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ)(30). والأمن من مكر الله عزّوجل، لأن الله عزّوجل يقول: (فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ) ومنها عقوق الوالدين. لأن الله عزّوجل جعل العاق جباراً شقياً في قوله حكاية عن عيسى عليه السّلام (وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً)(31) وقتل النفس التي حرم الله بالحق، لأن الله عزّوجل يقول: (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا)(32) إلى آخر الآية، وقذف المحصنات، لأن الله تبارك وتعالى يقول (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الُْمحْصَنَاتِ الْغَافِلاَتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالاْخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ)(33) وأكل مال اليتيم لقوله عزّوجل: (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً)(34) والفرار من الزحف، لأن الله عزّوجل يقول: (وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَال أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَة فَقَدْ بَاء بِغَضَب مِّنَ اللّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ)(35) وأكل الربا، لأن الله عزّوجل يقول: (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ)(36) والسحر لأن الله عزّوجل يقول (وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَق)(37) والزنا لأن الله عزّوجل يقول: (وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً * إِلاَّ مَن تَابَ)(38)، واليمين الغموس لأن الله عزّوجل يقول: (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلا أُوْلَئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ)(39) الآية، والغلول يقول الله عزّوجل: (وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)(40) ومنع الزكاة المفروضة، لأن الله عزّوجل يقول: (يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ)(41) وشهادة الزور وكتمان الشهادة، لأن الله عزّوجل يقول: (وَالَّذِينَ لاَ يَشْهَدُونَ الزُّورَ)(42) الآية ويقول: (وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ)(43) وشرب الخمر لأن الله عزّوجل عدل بها عبادة الأوثان، وترك الصلاة متعمداً أو شيئاً مما فرض الله عزّوجل، لأن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: من ترك الصلاة متعمداً من غير علة، فقد برىء من ذمة الله وذمة رسوله. ونقض العهد وقطيعة الرحم، لأن الله عزّوجل يقول: (أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ)(44) قال: فخرج عمرو بن عبيد وله صراخ من بكائه وهو يقول: هلك والله من قال برأي ونازعكم في الفضل والعلم»(45).
قال سفيان بن سعيد: «سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمّد الصادق وكان والله صادقاً كما سمّي»(46).
أقول: عرفت مما مر عليك مقام الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليه السّلام عند هؤلاء الاعلام، ونصّهم جميعاً على وثاقته وصحة ما يرد عنه، وأن كثيراً من الثقات وأئمة المذاهب أخذوا عنه، فلنسأل البخاري عن سبب عدم ايراده حديثاً واحداً عن الإمام الصادق في (صحيحه) الذي قالوا عنه «أنه أصح كتب الحديث»، إذ كيف ينقل عن الخوارج والمرجئة والمشبّهة في (صحيحه) ولا يشير ـ ولو مرة ـ الى بحر العلم الزاخر؟ وهل يساعد الوجدان السليم على هذا التعنّت؟.
4 ـ ما قال أعلام المؤلفين:
قال الشهرستاني: «أبو عبد الله جعفر بن محمّد الصادق وهو ذو علم غزير في الدين، وأدب كامل في الحكمة، وزهد بالغ في الدنيا، وورع تام عن الشهوات.
وقد أقام بالمدينة مدة يفيد الشيعة المنتمين إليه، ويفيض على الموالين له أسرار العلوم، ثم دخل العراق وأقام بها مدة، ما تعرض للإمامة قط، ولا نازع أحداً في الخلافة قط، ومن غرق في بحر المعرفة لم يطمع في شط، ومن تعلى الى ذروة الحقيقة لم يخف من حط. وقيل: من أنس بالله توحش عن الناس، ومن استأنس بغير الله نهبه الوسواس»(47).
قال ابن حجر: «وخلف محمّد بن علي ستة أولاد أفضلهم وأكملهم جعفر الصادق، ومن ثم كان خليفته ووصيه، ونقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان وانتشر صيته في جميع البلدان. وروى عنه الأئمة الأكابر»(48).
قال أبو نعيم: «الإمام الناطق ذو الزمام السابق أبو عبد الله جعفر بن محمّد الصادق. أقبل على العبادة والخضوع وآثر العزلة والخشوع ونهى عن الرئاسة والجموع»(49).
قال ابن عنبة: «ويقال له عمود الشرف ومناقبه متواترةٌ بين الأنام مشهورة بين الخاص والعام، وقصده المنصور الدوانيقي بالقتل مراراً فعصمه الله منه»(50).
قال ابن الصباغ المالكي: «كان جعفر الصادق من بين إخوانه خليفة أبيه ووصيه، والقائم بالإمامة من بعده برز على جماعة بالفضل وكان أنبههم ذكراً وأجلّهم قدراً نقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان وانتشر صية وذكره في ساير البلدان ولم ينقل العلماء عن أحد من أهل بيته ما نقل عنه من الحديث»(51).
قال البستاني: «جعفر الصادق وهو ابن محمّد الباقر بن علي زين العابدين ابن الحسين بن علي بن أبي طالب، أحد الأئمة الاثني عشر على مذهب الإمامية، وكان من سادات أهل البيت ولقب بالصادق لصدقه في مقالته وفضله عظيم، وله مقالات في صناع الكيمياء والزجر والفال، وكان تلميذه جابر بن حيان قد ألف كتاباً يشتمل على ألف ورقة تتضمن رسائل جعفر الصادق وهي 500 رسالة واليه ينسب كتاب الجفر وسيذكر.
وكان جعفر أديباً تقياً ديّناً حكيماً في سيرته، قيل: أوصى ولده موسى الكاظم بقوله: يا بني احفظ وصيتي تعش سعيداً، وتمت حميداً، يا بني ان من قنع بما قسم له استغنى، ومن مد عينيه الى ما في يد غيره مات فقيراً، ومن لم يرض بما قسم الله لم اتّهم الله في قضائه، ومن استصغر زلّة نفسه استعظم زلّة غيره، ومن استعظم زلّة نفسه استصغر زلّة غيره، يا بني من كشف حجاب غيره انكشفت عورات بيته، ومن سلّ سيف البغي قتل به، ومن احتفر لأخيه بئراً سقط فيها، ومن داخل السفهاء حقر، ومن خالط العلماء وقرّ، ومن دخل مداخل السوء اتّهم، يا بني، قل الحق لك أو عليك، وإياك والنميمة فانها تزرع الشحناء في قلوب الرجال، يا بني إذا طلبت الجود فعليك بمعادنه»(52).
قال كمال الدين محمّد بن طلحة الشافعي: «أبو عبد الله جعفر الصادق ابن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام وهو من عظماء أهل البيت وساداتهم عليهم السلام، ذو علوم جمّة، وعبادة موفورة، وأوراد متواصلة، وزهادة بيّنة وتلاوة كثيرة، يتتبع معاني القرآن الكريم ويستخرج من بحره جواهره ويستفتح عجائبه، ويقسم أوقاته على أنواع الطاعات بحيث يحاسب عليها نفسه، رؤيته تذكّر الآخرة، واستماع كلامه يزهد في الدنيا، والاقتداء بهدايته يورث الجنة، نور قسماته شاهد أنه من سلالة النبوة، وطهارة أفعاله تصدع بأنه من ذرية الرسالة. نقل عنه الحديث واستفاد منه العلم جماعة من أعيان الأئمة واعلامهم مثل: يحيى بن سعيد الأنصاري، وابن جريج، ومالك ابن أنس، والثوري، وابن عيينة، وأبي حنيفه، وشعبة، وأيوب السختياني وغيرهم، وعدّوا أخذهم عنه منقبة شرّفوا بها وفضيلة اكتسبوها»(53).
قال عبد الرحمن ابن الجوزي: «كان مشغولا بالعبادة عن حب الرياسة»(54).
قال الشبلنجي: «وكان جعفر الصادق رضي الله عنه مجاب الدعوة وإذا سأل الله شيئاً لم يتم قوله الاّ وهو بين يديه»(55).
قال ابن حجر العسقلاني: «جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب فقيه صدوق»(56).
قال السويدي: «كان بين اخوته خليفة أبيه ووصيه نقل عنه من العلوم ما لم ينقل عن غيره، وكان إماماً في الحديث وله مناقب كثيرة»(57).
قال الشعراني: «وكان سلام الله عليه إذا احتاج الى شيء قال: يا رباه أنا احتاج إلى كذا، فما استّتم دعائه الاّ وذلك الشيء بجنبه موضوع»(58).
قال الذهبي: «جعفر بن محمّد بن علي ابن الشهيد الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي الإمام أبو عبد الله العلوي المدني الصادق أحد السادة الأعلام… مناقب هذا السيد جمّة…»(59).
قال ابن خلكان: «وكان من سادات أهل البيت ولقب بالصادق لصدقه في مقالته… وكان تلميذه أبو موسى جابر بن حيان الصوفي الطرسوسي قد ألف كتاباً يشتمل على ألف ورقة تتضمّن رسائل جعفر الصادق وهي خمسمائة رسالة»(60).
قال الزركلي: «كان من أجلاّء التابعين وله منزلة رفيعة في العلم.أخذ عنه جماعة، منهم الإمامان أبو حنيفة ومالك، ولقب بالصادق لأنه لم يعرف عنه الكذب قط. له أخبار مع الخلفاء من نبي العباس وكان جريئاً عليهم صدّاعاً بالحق»(61).
قال محمّد فريد وجدي: «أبو عبد الله جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن علي زين العابدين ابن الحسين بن علي بن أبي طالب هو أحد الأئمة الاثني عشر على مذهب الامامية كان من سادات أهل البيت النبوي، لقب الصادق لصدقه في كلامه كان من أفاضل الناس»(62).
قال سترشتين (النصراني): «جعفر بن محمّد ويلقب أيضاً بالصادق سادس أئمة الاثني عشرية… وخلف في الإمامة أباه محمّداً الباقر ولم يكن له شأن ما في عالم السياسة»(63).
قال محمّد أبو زهرة: «وان الإمام الصادق قد قضى حياته دائماً في طلب الحق، لم يرن على قلبه غشاوة من ريب، ولم تتدرن أفعاله بمقتضيات السياسة وعوجائها، ولذا لما مات أحس العالم الإسلامي كله بفقده وكان له ذكر عطر على كل لسان… وقد أجمع كل العلماء على فضله»(64).
وقال أيضاً: «ما أجمع علماء الإسلام على اختلاف طوائفهم في أمر، كما أجمعوا على فضل الإمام الصادق وعلمه، فأئمة السنة الذين عاصروه تلقوا عنه وأخذوا عنه… ولذلك نطقت ألسنة العلماء جميعاً بفضله، وبذلك استحق الإمامة العلمية في عصره، كما استحقها أبوه وجده من قبله وكما استحقها عمه زيد رضي الله عنهم أجمعين، فقد كانوا جميعاً أئمة الهدى يقتدى بهم يقتبس من أقوالهم، وقد عكفوا على علم الاسلام عكوف العابد على عبادته فخلفوا علماً، وخلفوا رجالا وتناقل الناس علمهم وتحدثوا به»(65).
(1) الخصال ج1 ص77.
(2) المناقب لابن شهر آشوب ج4 ص248.
(3) دائرة المعارف الاسلامية الشيعية ج2 ص71.
(4) تهذيب التهذيب ج2 ص104.
(5) الإمام الصادق لمحمّد أبو زهرة ص64 رقم 48.
(6) تذكرة الحفاظ ج1 ص166.
(7) من لا يحضره الفقيه ج2 ص519 رقم 3112.
(8) اسنى المطالب ص55.
(9) المناقب ج4 ص255.
(10) دائرة المعارف الاسلامية الشيعية ج2 ص71.
(11) من أمالي الإمام الصادق عليه السّلام لمحمّد الخليلي ج4 ص157.
(12) تهذيب التهذيب ج2 ص103.
(13) شرح نهج البلاغة ج1 ص18 بتحقيق محمّد أبو الفضل إبراهيم.
(14) المناقب لابن شهر آشوب ج4 ص248.
(15) المصدر ص277.
(16) حلية الأولياء ج3 ص193.
(17) تاريخ اليعقوبي ج3 ص121.
(18) من أمالي الإمام الصادق عليه السّلام لمحمّد الخليلي ج4 ص157.
(19) أعيان الشيعة ج4 ق2 ص31.
(20) تهذيب التهذيب ج2 ص104.
(21) المصدر ص103.
(22) تذكرة الحفاظ ج1 ص166.
(23 و 24) تهذيب التهذيب ج2 ص103.
(25) تهذيب التهذيب ج2 ص104.
(26) تنقيح المقال ج1 ص294.
(27) من أمالي الإمام الصادق عليه السّلام لمحمّد الخليلي ج4 ص157 رقم 5.
(28) سورة النجم: 31.
(29) سورة المائدة: 72.
(30) سورة يوسف: 87.
(31) سورة مريم: 32.
(32) سورة النساء: 93.
(33) سورة النور: 23.
(34) سورة النساء: 10.
(35) سورة الانفال: 16.
(36) سورة البقرة: 275.
(37) سورة البقرة: 102.
(38) الفرقان: 68ـ69ـ70.
(39) سورة آل عمران: 77.
(40) آل عمران: 161.
(41) سورة التوبة: 35.
(42) سورة الفرقان: 72.
(43) سورة البقرة: 283.
(44) سورة الرعد: 25.
(45) عيون اخبار الرضا عليه السّلام ج1 ص285 رقم 33.
(46) معاني الأخبار للشيخ الصدوق ص385 رقم 30.
(47) الملل والنحل ج1 ص166.
(48) الصواعق المحرقة ص120.
(49) حلية الأولياء ج3 ص192.
(50) عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب ص195.
(51) الفصول المهمّة ص222.
(52) دائرة المعارف للبستاني ج6 ص478 وقال ص487 قال ابن قتيبة: «الجفر جلد جفر كتب فيه الإمام جعفر الصادق لآل البيت كل ما يحتاجون الى علمه وكل ما يكون الى يوم القيامة وإلى هذا الجفر أشار المعري بقوله:
لقد عجبوا لأهل البيت لما *** أتاهم علمهم في مسك جفر
ومرآة المنجم وهي صغرى *** أرته كل عامرة وقفر
(53) مطالب السؤول ص218 مخطوط.
(54) صفة الصفوة ج2 ص168 رقم 186.
(55) نور الأبصار ص170.
(56) من أمالي الإمام الصادق عليه السّلام لمحمّد الخليلي ج4 ص157.
(57 و 58) المصدر ص157 رقم 9 وص158 رقم13.
(59) تذكرة الحفاظ ج1 ص166 رقم 162.
(60) وفيات الأعيان ج1 ص291.
(61) الاعلام ج2 ص121.
(62) دائرة المعارف ج3 ص109.
(63) دائرة المعارف الإسلامية ج6 ص473.
وقال السيد هاشم معروف الحسني: «ومجمل القول أن الإمام الصادق عليه السّلام قد انصرف عن الخلافة والسياسة ولم يشترك بما رافق انهيار حكم الأمويين من تلك الأحداث التي لم تسلم منها بقعة من بقاع الدولة الاسلامية في شرق الأرض وغربها في حين أن الفئات المتصارعة التي برزت على المسرح سياسياً عسكرياً يوم ذاك كانت تتمنى كل فئة منها أن ينحاز لجانبها لتتستّر به في سبيل أهدافها ومصالحها، ولكنه آثر اعتزال تلك الأجواء المشحونة بالأحداث مغتنماً فرصة انصرف الحاكمين والطامعين الى معالجة مشاكلهم التي ألهت البيتين الأموي والعباسي عنه وعن عامة العلويين الذين كانوا يتعرضون بين الحين والأخر للتنكيل والمطاردة وشتى صنوف التعذيب، آثر اعتزال كل ذلك الى ما يعنيه من أمر الاسلام وشريعة الاسلام. واستطاع أن يحقق خلال سنوات معدودات من المكاسب لخير الاسلام وشريعة الاسلام ما لم يتهيأ لغيره أن يحقّقه فيما مضى وما سيأتي من بعده». (سيرة الأئمة الاثني عشر ج2 ص244).
(64) الإمام الصادق ص65 و68.
(65) الإمام الصادق ص65 و68.