كرامات الإمام العسكري
روى ابن الصبّاغ المالكي باسناده عن عيسى بن الفتح، قال: «لما دخل علينا أبو محمّد الحسن السجن، قال لي: يا عيسى لك من العمر خمس وستون سنة وشهر ويومان، قال: وكان معي كتاب فيه تاريخ ولادتي، فنظرت فيه فكان كما قال، ثم قال لي: هل رزقت ولداً فقلت: لا قال: اللهم ارزقه ولداً يكون له عضداً فنعم العضد الولد ثم أنشد:
من كان ذا عضد يدرك ظلامته *** انّ الذليل الذي ليست له عضد
فقلت له: يا سيدي، وأنت لك ولد؟ فقال: والله سيكون لي ولد يملأ الأرض قسطاً وعدلا واما الآن فلا، ثم أنشد متمثّلا:
لعلّك يوماً ان تراني كأنما *** بنيّ حواليّ الأسود اللواجد
فان تميماً قبل أن يلد الحصى *** أقام زماناً وهو في الناس واحد»(1)
وروى عن اسماعيل بن محمّد بن علي بن إسماعيل بن علي بن عبدالله بن العباس، قال: «قعدت لأبي محمّد الحسن على باب داره حتى خرج فقمت في وجهه وشكوت اليه الحاجة والضرورة واقسمت انى لا أملك الدرهم فما فوقه، فقال: تقسم وقد دفنت مائتي دينار…»(2).
وروى بإسناده عن محمّد بن حمزة الدوري، قال: «كتبت على يدي أبي هاشم داود بن القاسم وكان لي مواخياً الى أبي محمّد الحسن أسأله أن يدعو الله لي بالغنى وكنت قد بلغت وقلّت ذات يدي وخفت الفضيحة، فخرج الجواب على يده: أبشر فقد أتاك الغنى عن الله تعالى مات ابن عمك يحيى بن حمزة وخلّف مائة ألف درهم ولم يترك وارثاً سواك وهي واردة، عليك بالاقتصاد واياك والاسراف. فورد عليّ المال والخبر بموت ابن عمي كما قال عن ايّام قلايل وزال عني الفقر، فأدّيت حق الله تعالى وبررت اخواني وتماسكت بعد ذلك وكنت مبذراً»(3).
روى الطبرسي باسناده عن أبي هاشم، قال: «كنت عند أبي محمّد عليه السّلام فاستؤذن لرجل من أهل اليمن فأذن له فإذا هو رجل جميل طويل جسيم فسلّم عليه بالولاية فردّ عليه بالقبول، وأمره بالجلوس، فجلس الى جنبي، فقلت في نفسي: ليت شعري من هذا؟ فقال أبو محمّد: هذا من ولد الاعرابية صاحبة الحصاة التي طبع آبائي عليها، ثمّ قال: هاتها فأخرج حصاة وفي جانب منها موضع أملس فأخذها وأخرج خاتمه فطبع فيها فانطبع وكأني اقرأ الخاتم الساعة «الحسن بن علي» فقلت لليماني: رأيته قطّ قبل هذا؟ فقال: لا والله واني منذ دهر حريص على رؤيته حتى كان الساعة أتاني شاب لست أراه قال: قم فادخل فدخلت، ثم نهض وهو يقول:(رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ)(4) (ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْض)(5) أشهد ان حقك لواجب كوجوب حق أمير المؤمنين والأئمة من بعده صلوات الله عليهم أجمعين، واليك انتهت الحكمة والإمامة، وانك ولي الله الذي لا عذر لأحد في الجهل به فسألت عن اسمه. فقال: اسمي مهجع بن الصلت بن عقبة بن سمعان بن غانم ابن أم غانم وهي الأعرابية اليمانية صاحبة الحصاة التي ختم فيها أميرالمؤمنين عليه السّلام.
قال أبو هاشم الجعفري في ذلك:
بدرب الحصا مولى لنا يختم الحصى *** له الله أصفى بالدليل وأخلصا
وأعطاه آيات الإمامة كلّها *** كموسى وفلق البحر واليد والعصا
وما قمّص الله النبيين حجّة *** ومعجزة الاّ الوصيين قمّصا
وان كنت مرتاباً بذاك فقصره *** من الأمر ان تتلو الدليل وتفحصا
قال أبو عبد الله ابن عيّاش: هذه أم غانم صاحبة الحصاة غير تلك صاحبة الحصاة وهي أم الندى حبابة بنت جعفر الوالبية الأسدية وهي غير صاحبة الحصاة الأولى التي طبع فيها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وأميرالمؤمنين فانها أم سليم وكانت وارثة الكتب فهن ثلاثة، ولكل واحدة منهن خبر»(6).
(1) الفصول المهمة ص288.
(2) الفصول المهمة ص286 وتقدم عن الكافي ج1 ص426.
(3) الفصول المهمة ص285.
(4) سورة هود: 73.
(5) سورة آل عمران: 34.
(6) اعلام الورى ص371.