عبادة علي بن الحسين
قال ابن طلحة الشافعي: «مناقبه ومزاياه كثيرة، منها أنه عليه السلام كان إذا توضأ للصلاة يصفر لونه، فيقول له أهله: ما هذا الذي يعتادك عند الوضوء؟ فيقول: تدرون بين يدي من أريد أقوم؟. وإذا قام إلى الصلاة أخذته الرعدة، ويقول: أريد أن أقوم بين يدي ربي وأناجيه فلهذا تأخذني الرعدة، ووقع الحريق والنار في البيت الذي هو فيه، وكان ساجداً في صلاته فجعلوا يقولون: يا ابن رسول الله النار، يا ابن رسول الله النار، فما رفع رأسه من سجوده حتى أطفئت، فقيل له: ما الذي ألهاك عنها؟ فقال: نار الآخرة. وقيل: كان سبب تلقبه بزين العابدين أنه كان ليلة في محرابه قائماً في تهجده فتمثل له الشيطان في صورة ثعبان ليشغله عن عبادته، فلم يلتفت اليه فجاء الى إبهام رجله فالتقمها فلم يلتفت اليه فألمه فلم يقطع صلاته، فلما فرغ منها وقد كشف الله له فعلم أنه شيطان فسبه ولطمه، وقال: اخسأ يا ملعون، فذهب وقام إلى اتمام ورده فسمع صوتاً ولا يرى قائله وهو يقول: أنت زين العابدين ـ ثلاثاً ـ فظهرت هذه الكلمة واشتهرت لقباً له»(1).
وقال ابن حجر: المكي: «كان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة»(2).
قال الشيخ محمد الصبان: «كان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة حتى مات ولقب بزين العابدين لكثرة عبادته وحسنها»(3).
وقال أبو عبد الله عليه السّلام: «كان أبي يقول: كان علي بن الحسين إذا قام في الصلاة كأنه ساق شجرة لا يتحرك منه شيء الاّ ما حرّكه الريح منه»(4).
وقال عليه السلام: «كان علي بن الحسين صلوات الله عليهما إذا قام في الصلاة تغير لونه، فإذا سجد لم يرفع رأسه حتى يرفض عرقاً»(5).
وقال أبان بن تغلب: «قلت لأبي عبد الله عليه السّلام: اني رأيت علي بن الحسين عليه السّلام في الصلاة غشي لونه لون آخر، فقال لي: والله ان علي بن الحسين كان يعرف الذي يقوم بين يديه»(6).
قال أبو حمزة الثمالي: «رأيت علي بن الحسين عليهما السلام يصلي فسقط رداؤه عن أحد منكبيه، قال: فلم يسوِّه حتى فرغ من صلاته قال: فسألته عن ذلك فقال: ويحك أتدري بين يدي من كنت؟ ان العبد لا يقبل من صلاته إلا ما أقبل عليه منها بقلبه»(7).
قال الباقر عليه السّلام: «كان علي بن الحسين يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة وكانت الريح تميله بمنزلة السنبله، وكانت له خمسمائة نخلة وكان يصلي عند كل نخلة ركعتين وكان إذا قام في صلاته غشي لونه لون آخر، وكان قيامه في صلاته قيام عبد ذليل بين يدي الملك الجليل، كانت أعضاؤه ترتعد من خشية الله، وكان يصلي صلاة مودع يرى أنه لا يصلي بعدها أبداً»(8).
قال ابن شهر آشوب: «وروي أنه كان إذا قام الى الصلاة تغير لونه وأصابته رعدة وحال أمره فربما سأله عن حاله من لا يعرف أمره في ذلك فيقول: اني أريد الوقوف بين يدي ملك عظيم وكان إذا وقف في الصلاة لم يشغل بغيرها ولم يسمع شيئاً لشغله بالصلاة»(9).
وقال: «كان له خريطة فيها تربة الحسين إذا قام في الصلاة تغير لونه فإذا سجد لم يرفع رأسه حتى يرفضّ عرقاً»(10).
كما كان لجعفر بن محمّد بن علي الصادق عليهم السلام خريطة ديباج صفراء فيها تربة أبي عبد الله الحسين، فكان إذا حضرت الصلاة صبه على سجادته وسجد عليه، ثم قال: ان السجود على تربة أبي عبدالله عليه السّلام يخرق الحجب السبع.
قال الصادق عليه السّلام: «ولقد دخل أبو جعفر على أبيه عليه السّلام فإذا هو قد بلغ من العبادة ما لم يبلغه أحد، وقد اصفر لونه من السهر ورمضت عيناه من البكاء ودبرت جبهته من السجود وورمت قدماه من القيام في الصلاة قال: فقال أبو جعفر: فلم أملك حين رأيته بتلك الحال من البكاء فبكيت رحمة له وإذا هو يفكر، فالتفت الي بعد هنيئة من دخولي فقال: يا بني اعطني بعض تلك الصحف التي فيها عبادة علي، فأعطيته فقرأ فيها يسيراً ثم تركها من يده تضجراً وقال: من يقوى على عبادة علي بن أبي طالب»(11).
قال الزهري: «كان علي بن الحسين عليه السّلام إذا قرأ (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)يكررها حتى يكاد أن يموت»(12).
(1) مطالب السؤول في مناقب آل الرسول عليهم السلام ص204، ورواه السيد شهاب الدين أحمد في توضيح الدلائل في تصحيح الفضائل ص773 مع فرق، وسبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص ص325.
(2) الصواعق المحرقة ص119، قال الشيخ عبد الحسين الأميني: «لقد تظافر النقل بأن كلا من مولانا أمير المؤمنين والإمام السبط الشهيد الحسين وولده الطاهر علي زين العابدين كان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة ولم تزل العقائد متطامنةً على ذلك والعلماء متسالمين عليه…» الغدير ج5 ص25.
(3) اسعاف الراغبين بهامش نور الأبصار للشبلنجي ص218.
(4) فروع الكافي للكليني ج3 باب الخشوع في الصلاة رقم 4 و5 ص300.
(5) فروع الكافي للكليني ج3 باب الخشوع في الصلاة رقم 4 و5 ص300.
(6 و 7) علل الشرائع للشيخ الصدوق ج1 باب 165 ص231 رقم 7 و8.
(8 و 9) المناقب لابن شهر آشوب ج4 ص150.
(10) قال جمال الدين محمّد بن مكرم: «وفي حديث البراق أنه استصعب على النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ثم ارفض عرقاً وأقر: أي جرى عرقه وسأل ثم سكن وانقاد وترك الاستصعاب ومنه حديث الحوض: حتى يرفض عليهم أي يسيل» (لسان العرب ج7 ص156 كلمة رفض).
(11) المناقب لابن شهر آشوب ج4 ص149.
(12) وسائل الشيعة ج4 ص813 باب جواز تكرار الآية في الصلاة الفريضة وغيرها.