عبادة الإمام العسكري
روى الشبلنجي عن أبي هاشم داود بن قاسم الجعفري: «قال: وكان الحسن عليه السّلام يصوم في السجن فإذا أفطر أكلنا معه من طعامه»(1).
روى الكليني بإسناده عن علي بن عبد الغفار، قال: «دخل العباسيون على صالح بن وصيف، ودخل صالح بن علي وغيره من المنحرفين عن هذه الناحية على صالح بن وصيف عندما حبس أبا محمّد، فقال لهم صالح: وما أصنع؟ قد وكّلت به رجلين من اشرّ من قدرت عليه فقد صارا من العبادة والصلاة والصيام الى أمر عظيم، فقلت لهما: ما فيه؟ فقالا: ما تقول في رجل يصوم النهار ويقوم الليل كله لا يتكلم ولا يتشاغل، وإذا نظرنا اليه ارتعدت فرائصنا ويداخلنا ما لا نملكه من أنفسنا، فلما سمعوا ذلك انصرفوا خائبين»(2).
قال علي بن محمّد عن بعض أصحابنا قال: « سلّم أبو محمّد عليه السّلام الى نحرير(3) فكان يضيّق عليه ويؤذيه، قال: فقالت له امرأته: ويلك اتّق الله، لا تدري من في منزلك؟ وعرّفته صلاحه، وقالت: اني أخاف عليك منه، فقال: لأرميّنه بين السباع، ثم فعل ذلك به فرئي قائماً يصلي وهي حوله»(4).
قال ابن شهر آشوب: «روى ان يحيى بن قتيبة الأشعري أتاه بعد ثلاث مع الاستاد، فوجداه يصلي والأسود حوله فدخل الاستاد الغيل(5) فمزّقوه وأكلوه وانصرف يحيى في قومه الى المعتمد فدخل المعتمد على العسكري وتضرع اليه وسأل أن يدعو له بالبقاء عشرين سنة في الخلافة، فقال عليه السّلام: مدّ الله في عمرك، فأجيب وتوفي بعد عشرين سنة»(6).
قال السيد ابن طاووس: «قنوت مولانا الوفي الحسن بن علي العسكري عليهما السلام: يا من غشي نوره الظلمات، يامن أضاءت بقدسه الفجاج المتوعرات، يا من خشع له أهل الأرض والسماوات، يا من بخع له بالطاعة كل متجبر عات، يا عالم الضمائر المستخفيات، وسعت كل شيء رحمة وعلماً، فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك، وقهم عذاب الجحيم، وعاجلهم بنصرك الذي وعدتهم، انك لا تخلف الميعاد. وعجّل اللهم اجتياح أهل الكيد وأويهم الى شرّ دار في أعظم نكال وأقبح متاب.
اللهم انك حاضر أسرار خلقك، وعالمٌ بضمائرهم ومستغن لو لا الندب باللجأ الى تنجز ما وعدته اللاجي عن كشف مكامنهم، وقد تعلم يا ربّ ما أسرّه وابديه وأنشره وأطويه وأظهره وأخفيه، على متصرفات أوقاتي وأصناف حركاتي من جميع حاجاتي، وقد ترى يا رب ما قد تراطم فيه أهل ولايتك، واستمرّ عليهم من أعدائك غير ظنين في كرم ولا ضنين بنعم، ولكن الجهد يبعث على الاستزادة وما أمرت به من الدعاء، إذا أخلص لك اللجاء يقتضي إحسانك شرط الزيادة، وهذه النواصي والأعناق خاضعةٌ لك بذلّ العبودية والاعتراف بملكة الربوبية داعيةٌ بقلوبها ومحصّنات اليك في تعجيل الإنالة، وما شئت كان وما تشاء كائنٌ، أنت المدعو المرجو المأمول المسؤول، لا ينقصك نائلٌ وان اتّسع ولا يلحفك سائل وان ألح وضرع ملكك ولا يلحقه التنفيد وعزّك الباقي على التأييد وما في الاعصار من مشيتك بمقدار، وأنت الله لا اله الاّ أنت الرؤوف الجبار. اللهم أيّدنا بعونك، واكنفنا بصونك، وانلنا منال المعتصمين بحبلك، المستظلّين بظلّك»(7).
(1) نور الأبصار ص195.
(2) الكافي ج1 ص429 رقم 23، ورواه الطبرسي في اعلام الورى ص379.
(3) كان نحرير خادماً للخليفة يرعى سباعه وكلابه.
(4) الكافي ج1 ص430 رقم 26.
(5) الغيل: موضع الأسد.
(6) المناقب ج4 ص430.
(7) مهج الدعوات ص77.