رسالة الحقوق
آثاره القيمة كثيرة، ومن آثاره المدونة: الصحائف السجادية تتفجر منها العلوم والمعارف، ولو لم يخلف الاّ الصحيفة الكاملة لكفى.
ومنها: خطبه ورسائله وكلماته التي طفحت بالحكمة والهداية والمعارف.
ومنها: رسالة الحقوق(1) التي رواها الشيخ الأقدم الصدوق قدس سره بإسناده عن أبي حمزة الثمالي قال: هذه رسالة علي بن الحسين عليهما السلام الى بعض أصحابه: أعلم أن لله عزّوجل عليك حقوقاً محيطة بك في كل حركة تحركتها أو سكنة سكنتها أو حال حلتها، أو منزلة نزلتها، أو جارحة قلبتها، أو آلة تصرفت فيها. فأكبر حقوق الله الله تبارك وتعالى عليك ما أوجب عليك لنفسه من حقه الذي هو أصل الحقوق، ثم ما أوجب الله عزّوجل عليك لنفسك من قرنك الى قدمك على اختلاف جوارحك، فجعل عزّوجل للسانك عليك حقاً، ولسمعك عليك حقاً، ولبطنك عليك حقاً، ولفرجك عليك حقاً فهذه الجوارح السبع التي بها تكون الأفعال، ثم جعل عزّوجل لأفعالك عليك حقوقاً فجعل لصلاتك عليك حقاً، ولصومك عليك حقاً، ولصدقتك عليك حقاً، ولهديك عليك حقاً، ولأفعالك عليك حقاً. ثم تخرج الحقوق منك الى غيرك من ذوي الحقوق الواجبة عليك.
فأوجبها عليك حقوق أئمتك، ثم حقوق رعيتك، ثم حقوق رحمك.
فهذه حقوق تتشعب منها حقوق فحقوق أئمتك ثلاثة: أوجبها عليك حق سائسك بالسلطان، ثم حقّ سائسك بالعلم، ثم حق سائسك بالملك وكلُّ سائس إمام.
وحقوق رعيتك ثلاثة: أوجبها عليك حق رعيتك بالسلطان، ثم حق رعيّتك بالعلم فان الجاهل رعية العالم، ثم حق رعيّتك بالملك من الأزواج وما ملكت الايمان، وحقوق رحمك كثيرة متصلة بقدر اتصال الرحم في القرابة، وأوجبها عليك حق امك، ثم حق أبيك، ثم حق ولدك ثم حق أخيك، ثم الأقرب فالأقرب والأولى فالأولى، ثم حق مولاك المنعم عليك ثم حق مولاك الجارية نعمته عليك، ثم حق ذوي المعروف لديك، ثم حق مؤذنك لصلاتك، ثم حق امامك في صلاتك، ثم حق جليسك، ثم حق جارك، ثم حق صاحبك، ثم حق شريكك، ثم حق مالك، ثم حق غريمك الذي تطالبه، ثم حق غريمك الذي يطالبك، ثم حق خليطك، ثم حق خصمك المدعي عليك، ثم حق خصمك الذي تدعي عليه، ثم حق مستشيرك، ثم حق المشير عليك، ثم حق مستنصحك، ثم حق الناصح لك ثم حق من هو أكبر منك، ثم حق من هو أصغر منك، ثم حق سائلك، ثم حق من سألته، ثم حق من جرى لك على يديه مساءة بقول أو فعل عن تعمد منه أو غير تعمد، ثم حق أهل ملتك عليك ثم حق أهل ذمتك، ثم الحقوق الجارية بقدر علل الأحوال وتصرّف الأسباب. فطوبى لمن أعانه الله على قضاء ما أوجب عليه من حقوقه ووفقه لذلك وسدده.
فأما حق الله الأكبر عليك: فأن تعبده لا تشرك به شيئاً، فإذا فعلت ذلك بإخلاص جعل لك على نفسه أن يكفيك أمر الدنيا والآخرة.
وحق نفسك عليك: أن تستعملها بطاعة الله عزّوجل.
وحق اللسان: اكرامه عن الخنى، وتعويده الخير، وترك الفضول التي لا فائدة لها، والبر بالناس وحسن القول فيهم.
وحق السمع: تنزيهه عن سماع الغيبة وسماع ما لا يحل سماعه.
وحق البصر: أن تغضه عما لا يحل لك وتعتبر بالنظر به.
وحق يدك: أن لا تبسطها الى ما لا يحل لك.
وحق رجليك: أن لا تمشي بهما الى ما لا يحل لك، فبهما تقف على الصراط فانظر أن لا تزل بك فتردى في النار.
وحق بطنك أن لا تجعله وعاء للحرام، ولا تزيد على الشبع.
وحق فرجك أن تحصنه عن الزنا، وتحفظه من أن ينظر اليه.
وحق الصلاة أن تعلم أنها وفادة إلى الله عزّوجل وأنك فيها قائم بين يدي الله عزّوجل، فإذا علمت ذلك قمت مقام العبد الذليل الحقير الراغب الراجي الخائف المستكين المتضرع المعظم لمن كان بين يديه بالسكون والوقار، وتقبل عليها بقلبك، وتقيمها بحدودها وحقوقها.
وحق الحج: أن تعلم أنه وفادة الى ربك وفرار اليه من ذنوبك، وبه قبول توبتك وقضاء الفرض الذي أوجبه الله عليك.
وحق الصوم: أن تعلم أنه حجاب ضربه الله على لسانك وسمعك وبصرك وبطنك وفرجك ليسترك به من النار فان تركت الصوم خرقت ستر الله عليك.
وحق الصدقة أن تعلم أنها ذخرك عند ربك عزّوجل، ووديعتك التي لا تحتاج الى الاشهاد عليها فإذا علمت ذلك كنت بما تستودعه سراً أوثق منك بما تستودعه علانية، وتعلم أنها تدفع البلايا والاسقام عنك في الدنيا، وتدفع عنك النار في الآخرة.
وحق الهدي: أن تريد به وجه الله عزّوجل، ولا تريد به خلقه، ولا تريد به الا التعرض لرحمة الله ونجاة روحك يوم تلقاه.
وحق السلطان: أن تعلم أنك جعلت له فتنة وأنه مبتلى فيك بما جعله الله عزّوجل له عليك من السلطان، وأن عليك أن لا تتعرض لسخطه فتلقى بيدك الى التهلكة، وتكون شريكاً فيما يأتي اليك من سوء.
وحق سائسك بالعلم التعظيم له والتوقير لمجلسه، وحسن الاستماع إليه والاقبال عليه، وأن لا ترفع عليه صوتك وأن لا تجيب أحداً يسأله عن شيء حتى يكون هو الذي يجيب، ولا تحدث في مجلسه أحداً ولا تغتاب عنده أحداً، وأن تدفع عنه إذا ذكر عندك بسوء وأن تستر عيوبه وتظهر مناقبه، ولا تجالس له عدواً ولا تعادي له ولياً، فإذا فعلت ذلك شهد لك ملائكة الله بأنك قصدته وتعلمت علمه لله جل اسمه لا للناس.
وأما حق سائسك بالملك فأن تطيعه ولا تعصيه الاّ فيما يسخط الله عزّوجل، فانه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
وأما حق رعيتك بالسلطان: فأن تعلم أنهم صاروا رعيتك لضعفهم وقوتك، فيجب أن تعدل فيهم وتكون لهم كالوالد الرحيم، وتغفر لهم جهلهم، ولا تعاجلهم بالعقوبة، وتشكر الله عزّوجل على ما آتاك من القوة عليهم. وأما حق رعيتك بالعلم فأن تعلم أن الله عزّوجل انما جعلك قيّما لهم فيما آتاك من العلم وفتح لك من خزائنه فان أحسنت في تعليم الناس ولم تخرق بهم ولم تضجر عليهم زادك الله من فضله وان أنت منعت الناس علمك أو خرقت بهم عند طلبهم العلم منك كان حقّاً على الله عزّوجل أن يسلبك العلم وبهاءه ويسقط من القلوب محلك.
وأما حق الزوجة: فأن تعلم أن الله عزّوجل جعلها لك سكناً وأنساً فتعلم أن ذلك نعمة من الله عليك، فتكرمها وترفق بها وان كان حقّك عليها أوجب فان لها عليك أن ترحمها لأنّها أسيرك وتطعمها وتكسوها فإذا جهلت عفوت عنها.
وأما حق مملوكك: فأن تعلم أنه خلق ربك وابن أبيك وأمك ولحمك ودمك وانك تملكه لا انك صنعته دون الله ولا خلقت شيئاً من جوارحه ولا أخرجت له رزقاً، ولكن الله عزّوجل كفاك ذلك، ثم سخره لك وائتمنك عليه واستودعك اياه ليحفظ لك ما تأتيه من خير اليه فأحسن اليه كما أحسن الله اليك وان كرهته استبدلت به، ولم تعذّب خلق الله عزّوجل، ولا قوة الاّ بالله.
وحق امك: أن تعلم أنها حملتك حيث لا يحتمل أحدٌ أحداً، وأعطتك من ثمرة قلبها ما لا يعطى أحدٌ أحداً، ووقتك بجميع جوارحها، ولم تبال أن تجوع وتطعمك، وتعطش وتسقيك، وتعرى وتكسوك ،وتضحى وتظلك وتهجر النوم لأجلك، ووقتك الحر والبرد لتكون لها فانك لا تطيق شكرها الاّ بعون الله تعالى وتوفيقه.
وأما حق ابيك: فان تعلم أنه أصلك، وأنه لو لاه لم تكن، فمهما رأيت في نفسك مما يعجبك فاعلم أنّ أباك أصل النعمة عليك فيه فاحمد الله واشكره على قدر ذلك. ولا قوة الاّ بالله.
وأما حق ولدك: فان تعلم أنه منك ومضاف اليك في عاجل الدنيا بخيره وشره وانك مسؤول عما وليته من حسن الأدب والدلالة على ربه عزّوجل، والمعونة له على طاعته، فاعمل في أمره عمل من يعلم انه مثاب على الاحسان اليه، معاقب على الاساءة إليه.
وأما حق أخيك: فان تعلم أنه يدك وعزك وقوتك، فلا تتخذه سلاحاً على معصية الله، ولا عدة للظلم لخلق الله ولا تدع نصرته على عدوه والنصيحة له، فان أطاع الله والا فليكن الله اكرم عليك منه، ولا قوة الاّ بالله.
وأما حق مولاك المنعم عليك فان تعلم أنه أنفق فيك ماله واخرجك من ذل الرق ووحشته الى عز الحرية وأنسها فأطلقك من أسر الملكة وفك عنك قيد العبودية واخرجك من السجن وملكك نفسك، وفرغك لعبادة ربك و تعلم أنه أولى الخلق بك في حياتك وموتك وان نصرته عليك واجبة بنفسك وما احتاج اليه منك، ولا قوة الاّ بالله.
وأما حق مولاك الذي انعمت عليه: فان تعلم أن الله عزّوجل جعل عتقك له وسيلة اليه، وحجاباً لك من النار، وان ثوابك في العاجل ميراثه إذا لم يكن له رحم مكافأة بما أنفقت من مالك وفي الآجل الجنة.
وأما حق ذي المعروف عليك: فأن تشكره وتذكر معروفه، وتكسبه المقالة الحسنة وتخلص له الدعاء فيما بينك وبين الله عزّوجل فإذا فعلت ذلك كنت قد شكرته سراً وعلانية، ثم ان قدرت على مكافاته يوماً كافيته.
وأما حق المؤذن: أن تعلم أنه مذكر لك بربّك عزّوجل، وداع لك الى حظك،وعونك على قضاء فرض الله عليك، فاشكره على ذلك شكرك للمحسن اليك.
وأما حق إمامك في صلاتك فان تعلم أنه قد تقلد السفارة فيما بينك وبين ربك عزّوجل، وتكلم عنك ولم تتكلم عنه، ودعا لك ولم تدع له، وكفاك هول المقام بين يدي الله عزّوجل، فان كان به نقص كان به دونك، وان كان تماماً كنت شريكه، ولم يكن له عليك فضل فوقى نفسك بنفسه وصلاتك بصلاته، فتشكر له على قدر ذلك.
وأما حق جليسك فأن تلين له جانبك، وتنصفه في مجاراة اللفظ، ولا تقوم من مجلسك الاّ بإذنه ومن يجلس اليك يجوز له القيام عنك بغير اذنك، وتنسى زلاته، وتحفظ خيراته، ولاتسمعه الاّ خيراً.
وأما حق جارك: فحفظه غائباً، واكرامه شاهداً، ونصرته إذا كان مظلوماً، ولا تتبع له عورة فان علمت عليه سوءاً سترته عليه ، وان علمت أنه يقبل نصيحتك نصحته فيما بينك وبينه، ولا تسلمه عند شديدة وتقيل عثرته، وتغفر ذنبه، وتعاشره معاشرة كريمة، ولا قوة الاّ بالله.
وأما حق الصاحب: فأن تصحبه بالتفضل والانصاف، وتكرمه كما يكرمك. ولا تدعه يسبق الى ملومة فان سبق كافيته وتوده كما يودك، وتزجره فيما يهم من معصيته، وكن عليه رحمة ولا تكن عليه عذاباً ولا قوة الاّ بالله.
وأما حق الشريك فان غاب كفيته وان حضر رعيته، ولا تحكم دون حكمه. ولا تعمل برأيك دون مناظرته، وتحفظ عليه ماله، ولا تخونه فيما عز أو هان من أمره، فان يد الله تبارك وتعالى على الشريكين ما لم يتخاونا ولا قوة الاّ بالله.
وأما حق مالك: فأن لا تأخذه الاّ من حله، ولا تنفقه الاّ في وجهه، ولا تؤثر على نفسك من لا يحمدك. فاعمل فيه بطاعة ربك، ولا تبخل به فتبوء بالحسرة والندامة مع السعة، ولا قوة الاّ بالله.
وأما حق غريمك الذي يطالبك فان كنت موسراً اعطيته، وان كنت معسراً أرضيته بحسن القول ورددته عن نفسك رداً لطيفاً.
وحق الخليط: أن لا تغره ولا تغشه، ولا تخدعه، وتتقي الله تبارك وتعالى في أمره.
وحق الخصم المدعي عليك: فان كان ما يدعي عليك حقاً كنت شاهده على نفسك ولم تظلمه وأوفيته حقه، وان كان ما يدعي باطلا رفقت به، ولم تأت في أمره غير الرفق، ولم تسخط ربك في أمره ولا قوة الاّ بالله.
وحق خصمك الذي تدّعي عليه ان كنت محقاً في دعوتك أجملت مقاولته، ولم تجحد حقه، وان كنت مبطلا في دعوتك اتقيت الله عزّوجل وتبت اليه، وتركت الدّعوى.
وحق المستشير: ان علمت أن له رأياً أشرت عليه، وان لم تعلم أرشدته الى من يعلم.
وحق المشير عليك: أن لا تتهمه فيما لا يوافقك من رأيه، فان وافقك حمدت الله عزّوجل. وحق المستنصح: أن تؤدي اليه النصيحة، وليكن مذهبك الرحمة له والرفق به. وحق الناصح: أن تلين له جناحك وتصغي اليه بسمعك، فان أتى الصواب حمدت الله عزّوجل، وان لم يوافق رحمته، ولم تتهمه وعلمت أنه أخطأ، ولم تؤاخذه بذلك الاّ أن يكون مستحقاً للتهمة فلا تعبأ بشيء من أمره على حال، ولا قوة الاّ بالله. وحق الكبير: توقيره لسنّه، وإجلاله لتقدمه في الاسلام قبلك، وترك مقابلته عند الخصام، ولا تسبقه الى طريق ولا تتقدمه ولا تستجهله، وان جهل عليك احتملته واكرمته لحق الاسلام وحرمته. وحق الصغير: رحمته في تعليمه، والعفو عنه، والستر عليه، والرفق به والمعونة له. وحق السائل: اعطاؤه على قدر حاجته. وحق المسؤول: ان أعطى فاقبل منه بالشكر والمعرفة بفضله، وان منع فاقبل عذره. وحق من سرك لله تعالى ذكره ان تحمد الله عزّوجل أولا ثم تشكره. وحق من ساءك أن تعفو عنه، وان علمت أن العفو عنه يضر انتصرت قال الله تبارك وتعالى: (وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيل)(2).
وحق أهل ملتك: اضمار السلامة والرحمة لهم، والرفق بمسيئهم، وتألفهم واستصلاحهم، وشكر محسنهم وكفّ الأذى عنهم وتحب لهم ما تحب لنفسك وتكره لهم ما تكره لنفسك وأن تكون شيوخهم بمنزلة أبيك، وشبابهم بمنزلة اخوتك، وعجائزهم بمنزلة أمك، والصغار بمنزلة اولادك. وحق أهل الذمة أن تقبل منهم ما قبل الله عزّوجل، ولا تظلمهم ما وفوا لله عزّوجل بعهده»(3).
(1) لقد كثر اللهو والطرب زمن الأمويين، وتعددت يومئذ مجالس الغناء والميسر، وكان ملوك أمية يغدقون بسخاء ويبذلون على هذه الاجتماعات وعلى لياليهم الساهرة الأموال الطائلة ولم يكن يدعوهم الى هذا اللون من السلوك الاستهتار فقط، وانما كان هدفم من وراء ذلك اماتة الروح الاسلامية الصحيحة ليبعدوا الناس عن سلالة النبيين فلا يهمهم بعد هذا أمر الخلافة، وليهيئوا الأذهان أيضاً إلى قبول الرأي القائل بأن الخلافة ليست الاّ ملكاً وأن الله تعالى لم ينص على إمام بعينه كما يتراءى النص الى فريق كبير من المسلمين وكان من الطبيعي للامام السجاد ـ وهو في وسط هذا المجتمع المريض ـ أنيداوي هذه النفوس ويرجع بها الى الأخلاق السامية التي تعيد للأمة تعاليم الاسلام التي كاد الأمويون أن يقضوا على معظمها بآرائهم الفاسدة وأعمالهم التي لا تليق بأمة تعرف مكانتها المرموقة بين الأمم المتحضرة الطامحة للمجد والسؤدد والخلود. اجل لقد تفسخت الأخلاق يومئذ تفسخاً يهدد بخطر عظيم، الأمر الذي دعا الغيارى على الدين والأخلاق أن يهتموا الاهتمام كله بصدّ هذا التيار الجارف. وكان أول من لفت الأنظار الى هذا الخطر المحدث بالناس جميعاً الإمام زين العابدين عليه السّلام فقد نشط في جهاده نشاطاً عظيماً منقطع النظير فكان يلقى على الأمة بآرائه الاصلاحية تارة عن طريق المناجاة، وطوراً عن طريق القلم، وهذه (رسالة الحقوق) أملاها عليه السّلام دستوراً عاماً يتضمن كل ما تحتاجه البشرية من حقوق، فلم يترك حقاً من حقوق الله على عباده، أو حقوق العباد أو حقوق العباد بعضهم على بعض الاّ ذكره ونبه عليه، وقد قدم الأهم فالأهم من هذه الحقوق ببيان رائع، ومنطق لا يقبل الرد، ولا أعرف أسلوباً أروع من هذا الأسلوب، وفكراً صالحة للمجتمع أصلح من هذه الفكر، وهي مواضيع عامة منبعثة عن حاجات المجتمع الانساني يصلح تطبيقها، والسير على نهجها في كل زمان، وهي تكفل للناس السعادة والهناءة في الدارين». (محمّد صادق الصدر في: رسالة الحقوق ص36).
(2) سورة الشورى: 41.
(3) الخصال للشيخ الصدوق ج2، أبواب الخمسين.