بعض علامات الظهور
اعلم انه وقع الخلط في كثير من كتب علماء أهل السنة بالنسبة الى الأحاديث المتعلّقة بآخر الزمان، بين ما هو من أشراط الساعة وعلامات دنوّ القيامة، وبين العلامات التي تسبق ظهور الإمام المهدي المنتظر عجل الله له الفرج. فقد أدرجها البعض في عنوان (الفتن) وآخر تحت عنوان (الملاحم) و(أشراط الساعة) وربما أورد بعضهم الأحاديث المتعلقة بالمهدي في علائم دنوّ القيامة.
والذي يهمنا هنا هو التعرض للعلامات التي جرى ذكرها على لسان الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله والأئمة المعصومين من أهل بيته، كمقدمات لظهور المهدي المنتظر وهي كثيرة، ولكن يمكن تلخيصها في ما يأتي:
1 ـ النداء في السماء.
2 ـ الآيات السماوية والخوارق.
3 ـ المسخ، والخسف، والخسف بالبيداء.
4 ـ الحروب والخراب والدمار.
5 ـ الرايات السود من الشرق.
6 ـ خروج السفياني.
7 ـ قتل النفس الزكية.
8 ـ الدجّال.
9 ـ انحسار الفرات عن جبل من ذهب.
10 ـ رواج الفساد والانحراف في الناس.
11 ـ سائر العلامات.
وقبل أن نذكر الروايات الدالّة على كل واحدة من هذه العلامات بالتفصيل نقول:
قال الشيخ الأجلّ محمّد بن إبراهيم النعماني: «هذه العلامات التي ذكرها الأئمة عليهم السلام مع كثرتها واتصال الروايات بها وتواترها واتّفاقها، موجبة ألا يظهر القائم الاّ بعد مجيئها وكونها، اذ كانوا قد أخبروا أن لابدّ منها، وهم الصادقون، حتى انه قيل لهم: نرجو أن يكون ما نؤمل من أمر القائم عليه السّلام ولا يكون قبله السفياني؟ فقالوا: بلى والله انه لمن المحتوم الذي لا بد منه.
ثم حققوا كون العلامات الخمس التي أعظم الدلائل والبراهين على ظهور الحق بعدها(1)، كما أبطلوا أمر التوقيت وقالوا: من روى لكم عنّا توقيتاً فلا تهابوا ان تكذبوه كائناً من كان، فانا لا نوقّت. وهذا من أعدل الشواهد على بطلان أمر كل من ادّعى أو ادّعى له مرتبة القائم ومنزلته، وظهر قبل مجىء هذه العلامات لا سيما واحوالهم كلها شاهدة ببطلان دعوى من يدّعى له، ونسأل الله أن لا يجعلنا ممن يطلب الدنيا بالزخارف في الدين، والتمويه على ضعفاء المريدين، ولا يسلبنا ما منحنا به من نور الهدى وضيائه، وجمال الحق وبهائه بمنّه وطوله»(2).
ألف النداء في السماء:
روى جمال الدين المقدسي الشافعي بسنده عن أبي عبدالله الحسين بن علي، أنه قال: «إذا رأيتم ناراً من المشرق ثلاثة أيام أو سبعة فتوقعوا فرج آل محمّد ان شاء الله… ثم ينادي من السماء مناد باسم المهدي، فيسمع من بالمشرق والمغرب حتى لا يبقى راقدٌ الاّ استيقظ، ولا نائم الاّ قعد، ولا قاعد الاّ قام على رجليه فزعاً. ورحم الله من سمع ذلك الصوت فأجاب فانه صوت جبرئيل الروح الأمين»(3).
وأورد الحافظ القندوزي الحنفي عن كتاب (الدر المنظّم)(4): «ومن إمارات خروج الإمام المهدي مناد ينادي: ألا ان صاحب الزمان قد ظهر، وهو في ليلة الثالث والعشرين من شهر رمضان، فلا يبقى راقد الاّ قام، ولا قائم الاّ قعد…»(5).
وروى الحافظ الكنجي الشافعي بسنده عن كثير بن مرة عن عبد الله بن عمرو قال: «قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: يخرج المهدي وعلى رأسه ملك ينادي: ان هذا المهدي فاتبعوه»(6).
ثم قال: هذا حديث حسن روته الحفاظ والأئمة من أهل الحديث كأبي نعيم والطبراني وغيرهما.
وروى بسنده عن أبي رومان عن علي عليه السّلام قال: «إذا نادى مناد من السماء ان الحق في آل محمّد فعند ذلك يظهر المهدي»(7).
قال السيوطي: يخرج المهدي وعلى رأسه غمامة، فيأتي مناد ينادي: هذا المهدي خليفة الله فاتبعوه»(8).
قال ابن الخشاب: «… وهو المهدي اسمه محمّد، وكنيته أبو القاسم يخرج في آخر الزمان يقال لأمه نرجس وعلى رأسه غمامة تظلّه عن الشمس تدور معه حيثما دار، تنادي بصوت فصيح: هذا المهدي فاتّبعوه، سلام الله عليه»(9).
روى الحمويني الجويني بسنده عن الحسين بن خالد، عن الإمام الرضا عليه السّلام: «… وهو الذي ينادي مناد من السماء يسمعه الله جميع أهل الأرض بالدعاء اليه، يقول: ألا ان حجة الله قد ظهر عند بيت الله فاتبعوه فان الحق فيه ومعه، وهو قول الله عزّوجل(10): (إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّن السَّمَاء آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ)(11).
وروى جمال الدين المقدسي الشافعي بسنده عن حذيفة عن رسول الله صلّى الله عليه وآله: «… فعند ذلك ينادي مناد من السماء: أيها الناس ان الله عزّوجل قد قطع عنكم مدة الجبارين والمنافقين وأشياعهم وأولادكم خير أمّة محمّد فالحقوه بمكة فانه المهدي»(12).
وأخرج الشبلنجي عن عبدالله بن عمر قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «يخرج المهدي وعلى رأسه غمامة فيها ملك ينادي: هذا خليفة الله المهدي فاتبعوه، أخرجه أبو نعيم والطبراني وغيرهما»(13).
أخرج جمال الدين المقدسي الشافعي بسنده من كتاب أبي الحسن أحمد بن جعفر المنادي عن أميرالمؤمنين قال: «انتظروا الفرج في ثلاث. قال الراوي: وما هن؟ قال:… مناد من السماء يوقظ النائم ويفزع اليقظان وتخرج الفتاة من خدرها، ويسمع الناس كلهم. فلا يجيء رجل من أفق من الآفاق يحدّث انه سمعها»(14).
وأخرج المتقي الهندي عن شهر بن حوشب عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «يكون في رمضان صوت، وفي شوال معمعة، وفي ذي القعدة تتحارب القبائل، وفي ذي الحجة يلتهب الحاج، وفي المحرم ينادي مناد من السماء: ألا! ان صفوة الله تعالى من خلقه فلان فاسمعوا له وأطيعوا»(15).
وأخرج عن نعيم وابن المنادي عن علي قال: «إذ نادى مناد من السماء: ان الحق في آل محمّد فعند ذلك يظهر المهدي على أفواه الناس، ويشربون حبّه فلا يكون لم ذكر غيره»(16).
وروى المتقي الهندي بسنده عن أبي أمامة: «لينادينّ باسم رجل من السماء لا ينكره الدليل ولا يمنع منه الذليل»(17).
أخرج الحافظ القدوزي عن (فصل الخطاب): «وعن ابن عمر قال: سمعت سمعت النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول: ملك من السماء ينادي ويحثّ الناس عليه يقول: انه المهدي فأجيبوه»(18).
قال الصبّان: «وجاء في روايات انه عند ظهوره ينادي فوق رأسه ملك: هذا المهدي خليفة الله فاتبعوه، فتذعن له الناس ويشربون حبه…»(19).
روى المتقي الهندي بسنده عن محمّد بن علي قال: «إذا كان الصوت في شهر رمضان في ليلة جمعة فاسمعوا وأطيعوا، وفي آخر النهار صوت اللعين ينادي: ألا ان فلاناً قد قتل مظلوماً، ليشكّك الناس ويفتنهم فكم من شاك متحير، فإذا سمعتم الصوت في رمضان ـ يعني الأول ـ فلا تشكّوا أنه صوت جبرئيل، وعلامة ذلك أنه ينادي باسم المهدي واسم أبيه»(20).
وروى بسنده عن شهر بن حوشب قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «في المحرم، ينادي مناد من السماء: ألا ان صفوة الله من خلقه فلان، فاسمعوا له واطيعوه. في سنة الصوت المعمعة»(21).
وروى النعماني بسنده عن أبي جعفر محمّد بن علي عليهما السّلام انه قال: «… ينادي مناد من السماء باسم القائم فيسمع من بالمشرق ومن بالمغرب، لا يبقى راقد الاّ استيقظ، ولا قائم الاّ قعد، ولا قاعد الاّ قام على رجليه فزعاً من ذلك الصوت، فرحم الله من اعتبر بذلك الصوت فاجاب، فان الصوت الأول هو صوت جبرئيل الروح الأمين»(22).
وروى بسنده عن أبي جعفر عليه السّلام، وقد سأله الراوي عن القائم عليه السّلام: «انه لا يكون حتى ينادي مناد من السماء، يسمع أهل المشرق والمغرب، حتى تسمعه الفتاة في خدرها»(23).
ب ـ الآيات السماوية والخوارق:
روى البخاري بسنده عن أبي هريرة ان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:«لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان يكون بينهما مقتلة عظيمة دعوتهما واحدة… وحتى تطلع الشمس من مغربها…»(24).
أخر المتقي الهندي عن أبي أمامة عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «أول الآيات طلوع الشمس من مغربها»(25).
روى جمال الدين المقدسي الشافعي بسنده عن ابن عباس انه قال: «لا يخرج المهدي حتى تطلع مع الشمس آية»(26).
وروي عن الحافظ نعيم بن حماد في كتاب الفتن عن يزيد بن الخليل الأسدي قال: «كنت عند أبي جعفر محمّد بن علي، فذكر آيتين تكونان قبل المهدي لم تكونا منذ هبط آدم، وذلك ان الشمس تنكسف في النصف من شهر رمضان، والقمر ينخسف في آخره، فقال له رجل يا ابن رسول الله، لا بل الشمس في آخر الشهر والقمر في النصف فقال أبو جعفر: الذي يقول اعلم، انهما آيتان لم تكونا منذ هبط آدم…»(27).
روى مسلم بسنده عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال: «اطلع النبي علينا ونحن نتذاكر، فقال: ما تذاكرون؟ قالوا: نذكر الساعة قال: انها لن تقوم حتى تكون قبلا عشر آيات، فذكر الدخان، والدجال، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها…»(28).
روى ابن ماجة بسنده عن حذيفة بن أسيد قال: «اطلع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من غرفة ونحن نتذاكر الساعه فقال: لا تقوم الساعة حتى تكون عشرآيات: طلوع الشمس من مغربها، والدجال…»(29).
أخرج المتقي الهندي عن علي بن عبد الله بن عباس قال: «لا يخرج المهدي حتى تظهر مع الشمس آية»(30).
وأخرج عن الدار قطني في (سننه) عن محمّد بن علي قال: «لمهديّنا أيتان لم تكونا منذ خلق الله السماوات والأرض: ينخسف القمر لأول ليلة من رمضان، وتنكسف الشمس في النصف منه ولم تكونا منذ خلق الله السماوات والأرض»(31).
وأخرج عن كعب قال: «يطلع نجم من المشرق قبل خروج المهدي له ذنب يضيء»(32).
وأخرج عن أبي عبد الله الحسين بن علي قال: «إذا رأيتم علامة من السماء ناراً عظيمة من قبل المشرق تطلع ليلا، فعندها فرج الناس، وهي قدوم المهدي»(33).
وأخرج عن أبي جعفر محمّد بن علي انه قال: «إذا رأيتم ناراً من المشرق ثلاثة أيام أو سبعة أيام فتوقّعوا فرج آل محمّد ان شاء الله تعالى»(34).
روى أبو داود بسنده عن عبد الله بن عمرو، سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «ان أول الآيات خروجاً طلوع الشمس من مغربها»(35).
روى النعماني بسنده عن أبي جعفر محمّد بن علي عليهما السلام انه قال: «إذا رأيتم ناراً من قبل المشرق شبه الهرديّ(36) العظيم تطلع ثلاثة أيام أو سبعة، فتوقعوا فرج آل محمّد ان شاء الله عزّوجل…»(37).
ج ـ المسخ والخسف، والخسف بالبيداء:
قال السيوطي: «وأخرج الطبراني في الأوسط والحاكم عن ام سلمة قالت: قالت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يبايع لرجل بين الركن والمقام عدّة أهل بدر، فيأتيه عصائب أهل العراق وأبدال أهل الشام، فيغزوه جيش من أهل الشام، حتى إذا كانوا بالبيداء خسف بهم»(38).
وأخرج المتّقي الهندي بسنده عن ابن مسعود: «بين يدي الساعة مسخ وخسف وقذف»(39).
وأخرج بسنده عن أبي هريرة: «إذا اتخذ الفيء دولا والامانة مغنماً والزكاة مغرماً وتعلّم لغير الدين وأطاع الرجل امرأته وعق أمه، وأدنى صديقه وأقصى أباه، وظهرت أصوات في المساجد وساد القبيلة فاسقهم، وكان زعيم القوم أرذلهم، وأكرم الرجل مخافة شرّه، وظهرت القينات والمعازف، وشربت الخمور، ولعن آخر هذه الأمّة أوّلها فليرتقبوا عند ذلك ريحاً حمراء وزلزلة وخسفاً ومسخاً وقذفاً، وآيات تتابع كنظام لآل قطع سلكه فتتابع»(40).
وأخرج عن سهل بن سعد: «يكون في آخر أمّتي الخسف والقذف والمسخ»(41).
وأخرج بسنده عن أم سلمة: «سيكون بعدي خسف بالمشرق وخسف بالمغرب، وخسف في جزيرة العرب، قيل: يخسف بالأرض وفيم الصالحون؟ قال: نعم، إذا أكثر أهلها الخبث»(42).
روى مسلم بسنده عن ام سلمة قالت: قال رسول الله: «يعوذ عائذ بالبيت فيبعث اليه بعث فإذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بهم»(43).
وروى بسنده عن حفصة أنها سمعت النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول: «ليؤمن هذا البيت جيش يغزونه حتى إذا كانوا ببيداء من الأرض، يخسف باوسطهم وينادي أولهم آخرهم، ثم يخسف بهم فلا يبقى الاّ الشريد الذي يخبر عنهم»(44).
وروى مثله ابن ماجة في (السنن) ج2 ص1350.
أخرج المتقي الهندي عن عمران بن حصين: «في هذه الأمة خسف ومسخ وقذف، قيل يا سول الله ومتى ذلك؟ قال: إذا ظهرت القينات والمعازف وشربتالخمور»(45).
أخرج السيوطي بسنده عن عبد الله بن عمرو قال: «إذا خسف بالجيش بالبيداء فهو علامة خروج المهدي»(46).
أخرج المتّقي الهندي عن أبي نعيم عن عمرو بن العاص قال: «علامة خروج المهدي إذا خسف بجيش في البيداء فهو علامة خروجه»(47).
وأخرج عن ابن عساكر قال: «يهزم السفياني الجماعة مرتين ثم يملك، ولا يخرج المهدي حتى يخسف بقرية بالغوطة تسمّى حرستا»(48).
روى النعماني بسنده عن أبي بصير قال: «قلت لأبي عبد الله عليه السّلام: قول الله عزّوجل: (عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الاْخِرَةِ)(49) ما هو عذاب خزي الدنيا؟ فقال: وايّ خزي أخزى يا أبا بصير من أن يكون الرجل في بيته وحجاله وعلى اخوانه وسط عياله، اذ شقّ أهله الجيوب عليه وصرخوا، فيقول الناس: ما هذا؟ فيقال: مسخ فلان الساعة، فقلت: قبل قيام القائم أو بعده؟ قال: لا، بل قبله»(50).
د ـ الحروب والخراب والدمار:
روى مسلم بسنده عن أبي هريرة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان، وتكون بينهما مقتلة عظيمة، ودعواهما واحدة»(51).
وروى بسنده عن أبي هريره، ان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: «لا تقوم الساعة حتى يكثر البرح» قالوا: وما البرح يا رسول الله؟ قال: «القتل القتل»(52).
روى ابن ماجة بسنده عن أبي هريرة ان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: «لا تقوم الساعة حتى يفيض المال وتظهر الفتن، ويكثر البرح، قالوا: وما البرح يا رسول الله؟ قال: القتل القتل القتل، ثلاثاً».
ثم قال: في الزوائد: اسناده صحيح، رجاله ثقات، وقد روى الترمذي بعضه(53).
أخرج المتّقي الهندي عن نعيم بن حماد في (الفتن) عن علي عليه السّلام قال: «لا يخرج المهدي حتى يقتل ثلث ويموت ثلث ويبقى ثلث»(54).
روى جمال الدين المقدسي الشافعي عن الحافظ أبي نعيم في كتابه (صفة المهدي) عن علي بن هلال عن أبيه قال: «دخلت على رسول الله في الحالة التي قبض فيها، وذكر الحديث بطوله، وفي آخره قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: يا فاطمة والذي بعثني بالحق ان منهما ـ يعني الحسن والحسين ـ مهدي هذه الأمّة، إذا صارت الدنيا هرجاً ومرجاً، وتظاهرت الفتن، وتقطعت السبل، وانمار بعضهم على بعض، فلا كبير يرحم صغيراً ولا صغير يوقّر كبيراً، فيبعثه الله تعالى عند ذلك فيفتح حصون الضلالة وقلوباً غلفاً يقوم به في آخر الزمان كما قمت في أوله، ويملأ الدنيا عدلا كما ملئت جوراً»(55).
وروى بسنده عن أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب قال: «بين يدي المهدي موت أحمر وموت أبيض، وجراد في حينه وجراد في غير حينه، كألوان الدم، أما الموت الأحمر فالسيف، وأما الموت الأبيض فالطاعون»(56).
قال ابن الصبّاغ المالكي في عداد علامات قيام القائم عجّل الله فرجه: «وموت ذريع ونقص من الأنفس وفي الأموال والثمرات»(57).
أخرج المتّقي عن نعيم بن حماد، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ستكون بعدي فتن منها فتنة الأحلاس يكون فيها حرب وهرب، ثم بعدها فتنة أشدّ منها، ثمّ تكون فتنة كلما قيل: انقطعت، تمادت، حتى لا يبقى بيت الاّ دخلته، ولا مسلم الاّ وصلته، حتى يخرج رجل من عترتي»(58).
وأخرج عن نعيم، عن علي بن أبي طالب قال: «يخرج رجل قبل المهدي من أهل بيته بالمشرق يحمل السيف على عاتقه ثمانية عشر شهراً، يقتل ويمثّل ويتوجه الى بيت المقدس فلا يبلغه حتى يموت»(59).
وأخرج عن أبي قبيل قال: «يملك رجل من بني هاشم، فيقتل بني أمية فلا يبقى منهم الاّ اليسير، لا يقتل غيرهم، ثم يخرج رجل من بني أمية فيقتل بكل رجل رجلين حتى لا يبقى الاّ النساء، ثم يخرج المهدي»(60).
هـ ـ الرايات السود من المشرق:
روى ابن ماجة بسنده عن علقمة عن عبد الله عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «ان أهل بيتي سيلقون بعدي بلاءً وتشريداً وتطريداً، حتى يأتي قوم من قبل المشرق مع رايات سود فيسألون الخير فلا يعطونه، فيقاتلون فينصرون، فيعطون ما سألوا فلا يقبلونه، حتى يدفعوها الى رجل من أهل بيتي فيملأها قسطاً، كما ملأوها جوراً، فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حبواً على الثلج»(61).
وروى بسنده عن ثوبان قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «يقتتل عند كنزكم ثلاثة، كلهم ابن خليفة، ثمّ لا يصير الى واحد منهم، ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق، فيقتلونكم قتلا لم يقتله قوم». ثم ذكر شيئاً لا أحفظه فقال: «فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حبواً على الثلج، فانه خليفة الله المهدي»(62).
روى الحاكم النيسابوري بسنده عن عبد الله بن مسعود، قال: « أتينا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فخرج الينا مستبشراً يعرف السرور في وجهه فما سألناه عن شيء الاّ أخبرنا به، ولا سكتنا الاّ ابتدأنا حتى مرّت فتية من بني هاشم فيهم الحسن والحسين فلما رآهم التزمهم وانهملت عيناه فقلنا: يا رسول الله ما نزال نرى في وجهك شيئاً نكرهه، فقال: انا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا وانّه سيلقى أهل بيتي من بعدي تطريداً وتشريداً في البلاد حتى ترتفع رايات سود من المشرق، فيسألون الحق فلا يعطونه، ثم يسألونه فلا يعطونه، ثم يسألونه فلا يعطونه، فيقاتلون فينصرون، فمن أدركه منكم أو من أعقابكم فليأت امام أهل بيتي ولو حبواً على الثلج فانها رايات هدى، يدفعونها الى رجل من أهل بيتي…»(63).
وروى الحافظ القندوزي نظير ذلك مع اختلاف يسير في (ينابيع المودة ص193).
أخرج المتّقي الهندي عن نعيم عن علي عليه السّلام قال: «تخرج رايات سود مقابل السفياني فيهم شاب من بني هاشم، في كفّه اليسرى خال، وعلى مقدمته رجل من بني هاشم يدعى شعيب بن صالح فيهزم أصحابه»(64).
أخرج السيوطي بسنده عن أحمد بن حنبل والترمذي ونعيم بن حماد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «تخرج من خراسان رايات سود فلا يردّها شيء، حتى تنصب بايليا»(65) ثمّ قال: «قال ابن كثير: هذه الرايات السود ليست هي التي اقبل بها أبو مسلم الخراساني، فاستلب بها دولة بني أمية، بل رايات سود أخرى تأتي صحبة المهدي».
وأخرج عن ثوبان قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «تجيء الرايات السود من قبل المشرق كأن قلوبهم زبر الحديد، فمن سمع بهم فليأتهم فليبايعهم ولو حبواً على الثلج»(66).
و ـ خروج السفياني:
روى الحاكم النيسابوري بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «يخرج رجل يقال له السفياني في عمق دمشق، وعامة من يتبعه من كلب، فيقتل حتى يبقر بطون النساء ويقتل الصبيان، فتجمع لهم قيس فيقتلها حتى لا يمنع ذنب تلعة(67) ويخرج رجل من أهل بيتي في الحرّة، فيبلغ السفياني فيبعث اليه جنداً من جنده فيهزمهم فيسير اليه السفياني بمن معه حتى إذا صار ببيداء من الأرض خسف بهم فلا ينجو منهم الاّ المخبر عنهم»(68).
ثم قال: هذا حديث صحيح الاسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
ورواه المتّقي الهندي في (كنز العمّال) ج14 ص272.
أخرج المتقي الهندي عن نعيم عن علي عليه السّلام قال: «إذا خرجت خيل السفياني الى الكوفة بعث في طلب أهل خراسان، ويخرج أهل خراسان في طلب المهدي فيلتقي هو والهاشمي برايات سود على مقدمته شعيب بن صالح، فيلتقي هو وأصحاب السفياني بباب اصطخر، فتكون بينهم ملحمة عظيمة فتظهر الرايات السود وتهرب خيل السفياني، فعند ذلك يتمنى الناس المهدي ويطلبونه»(69).
وأخرج عن نعيم عن علي قال: «إذا هزمت الرايات السود خيل السفياني التي فيها شعيب بن صالح تمنّى الناس المهدي فيطلبونه»(70).
قال كمال الدين ابن طلحة الشافعي في كتابه (الدر المنظّم): «ومن إمارات ظهور الإمام المهدي، خروج السفياني، يرسل ثلاثين ألفاً الى مكة، وفي البيداء تخسفهم الأرض فلا ينجو منهم الاّ رجلان، وتكون مدة حكمه ثمانية أشهر، وظهور المهدي في هذه السنة»(71).
أخرج جمال الدين المقدسي الشافعي بسنده عن عبد الله بن عباس قال: «إذا خسف جيش السفياني قال صاحب مكة: هذه العلامة التي كنتم تخبرون بها فيصيرون الى الشام فيبلغ صاحب دمشق وهو السفياني فيرسل اليهم بيعته، فيبايعه، ثم يأتيه كلب ويقولون ما صنعت؟ أبطلت بيعتنا، فخلعتها وجعلتها له، فيقول: ما أصنع أسلمني الناس فيقولون: أنا معك، فاستقل بيعتك فيرسل الى الهاشمي فيستقيله البيعة، ثم يقاتلون فيهزمهم الهاشمي، أخرجه أبو عبد الله نعيم بن حماد في كتاب الفتن»(72).
وأخرج عن أبي جعفر محمّد بن علي انه قال: «السفياني والمهدي في سنةواحدة»(73).
وأخرج بسنده عن أميرالمؤمنين قال: «يظهر السفياني على الشام، ثم يكون بينهم وقعة بقرقيسيا تشبع طير السماء وسباع الأرض من جيفهم، ثم ينفتق عليهم فتقاً فيقتل طائفة منهم حتى يدخلوا أرض خراسان في طلب المهدي أخرجه أبو عبد الله الحاكم في (مستدركه)»(74).
وأخرج بسنده عن أبي عبد الله الحسين بن علي انه قال: «ان لله مأدبة بقرقيسيا، يطلع مناد من السماء فينادي: يا طير السماء ويا سباع البر هلمّوا الى الشبع من لحوم الجبارين»(75).
قال الصبّان: «… وان السفياني يبعث اليه من الشام جيشاً فيخسف بهم بالبيداء فلا ينجو منهمن الاّ المخبر، فيسير اليه السفياني بمن معه، ويسير الى السفياني بمن معه، فتكون النصرة للمهدي ويذبح السفياني…»(76).
قال المتّقي الهندي: «ومن الفتن المتصلة بخروج المهدي أمارة السفياني، وخسف جيشه بالبيداء وذبح المهدي السفياني آخر الأمر، وهذه العلامة قريبة الى حدّ التواتر»(77).
وأخرج عن خالد بن سعد قال: «يخرج السفياني، وبيده ثلاثة قضبان، لا يقرع بها أحداً إلاّ مات أخرجه الحافظ نعيم بن حماد أيضاً»(78).
وأخرج عن ضمرة بن حبيب ومشايخه قالوا: «يبعث السفياني في خيله وجنوده فيبلغ عامة المشرق من أرض خراسان وأرض فارس فيثور بهم أهل المشرق فيقاتلونهم قتالا شديداً ويكون بينهم وقعات في غير موضع، فإذا طال عليهم قتالهم ايّاه بايعوا رجلا من بني هاشم، وهم يومئذ في آخر المشرق، فيخرج بأهل خراسان على مقدمته رجل من بني تميم مولى لهم يقال له: شعيب بن صالح، اصفر، قليل اللحية، يخرج اليه في خمسة الآف فإذا بلغه خروجه بايعه فيصيّره على مقدمته، لو يستقبل بهم الجبال الرواسي لهدّها فيلتقي هو وخيل السفياني فيهزمهم، فيقتل منهم مقتلة عظيمة، ثم تكون الغلبة للسفياني ويهرب الهاشمي، ويخرج شعيب بن صالح مستخفياً الى بيت المقدس، يوطىء للمهدي منزله إذا بلغه خروجه الى الشام»(79).
وأخرج عن أبي قبيل قال: «يبعث السفياني جيشاً الى المدينة فيأمر بقتل من فيها من بني هاشم، فيقتلون ويفترقون هاربين الى البراري والجبال، حتى يظهر أمر المهدي، فإذا ظهر بمكة اجتمع كل من شذّ منهم اليه بمكة»(80).
وأخرج عن أبي هريرة قال: «يخرج السفياني والمهدي كفرسي رهان، فيغلب السفياني على ما يليه والمهدي على مايليه»(81).
وعقد النعماني باباً في كتاب (الغيبة) سمّاه (باب ما جاء في ذكر السفياني وان أمره من المحتوم وانه قبل قيام القائم عليه السّلام) أورد فيه ثمانية عشر حديثاً مسنداً الى الأئمة الأطهار من أهل البيت عليهم السلام حول السفياني، فراجع منه ص299 ـ 206.
ز ـ قتل النفس الزكيّة:
روى جمال الدين المقدسي الشافعي عن نعيم بن حماد في (كتاب الفتن) عن عمّار بن ياسر، قال: «إذا قتل النفس الزكية، نادى مناد من السماء: ألا ان أميركم فلان، يعني المهدي، يملأ الأرض حقاً وعدلا»(82).
وروى بسنده عن كعب الأخبار من جهة ما ذكره فيما يقع قبل ظهور المهدي قال: «تستباح المدينة وتقتل النفس الزكيّة»(83).
وروى بسنده عن الحسين بن علي أنه قال: «للمهدي خمس علامات: السفياني، واليماني، والصيحة من السماء، والخسف بالبيداء، وقتل النفس الزكيّة»(84).
أخرج المتقي عن مجاهد، قال: حدثني فلان ـ رجل من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم: «ان المهدي لا يخرج حتى تقتل النفس الزكية، فإذا قتلت النفس الزكية غضب عليهم من في السماء ومن في الأرض، فأتى الناس فزفّوه كما تزفّ العروس الى زوجها ليلة عرسها، وهو يملأ الأرض قسطاً وعدلا، وتخرج الأرض نباتها، وتمطر السماء مطرها، وتنعم أمّتي في ولايته نعمة لم تنعمها قط»(85).
وأخرج عن عمّار بن ياسر: «إذا قتلت النفس الزكيّة وأخوه، يقتل بمكة ضيعة، نادى مناد من السماء: ان أميركم فلان، وذلك المهدي الذي يملأ الأرض حقاً وعدلا»(86).
روى النعماني بسنده عن أبي عبد الله عليه السّلام أنه قال: «النداء من المحتوم، والسفياني من المحتوم، واليماني من المحتوم، وقتل النفس الزكيّة من المحتوم…»(87).
وروى بسنده عن أبي عبد الله عليه السّلام قال: «قلت له: ما من علامة بين يدي هذا الأمر؟ فقال: بلى، قلت: وما هي؟ قال: هلاك العباسي، وخروج السفياني، وقتل النفس الزكيّة، والخسف بالبيداء، والصوت من السماء…»(88).
ح ـ الدجّال:
روى البخاري بسنده عن أنس بن مالك قال: قال النبي صلّى الله عليه وسلّم «يجيء الدجال حتى ينزل في ناحية المدينة، ثم ترجف المدينة ثلاث رجفات، فيخرج اليه كل كافر ومنافق»(89).
وروى بسنده عن عبد الله بن عمر قال: «قام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في الناس فأثنى على الله بما هو أهله، ثم ذكر الدجّال فقال: اني لأنذركموه، وما من نبي الاّ وقد أنذره قومه، ولكن سأقول لكم فيه قولا لم يقله نبي لقومه، انه أعور وان الله ليس بأعور»(90).
وروى بسنده عن عروة أن عائشة قالت: «سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يستعيذ في صلاته من فتنة الدجّال»(91).
روى مسلم بسنده عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ما من نبي الاّ وقد أنذر أمّته الأعور الكذاب، الاّ انه أعور، وان ربكم ليس بأعور، ومكتوب بين عينيه ك ف ر»(92).
روى بسنده عن أنس بن مالك ان نبي الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «الدجال مكتوب بين عينيه ك ف ر، أي كافر»(93).
وروى بسنده عن أنس بن مالك ان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:يتبع الدجّال من يهود اصبهان سبعون ألفاً عليهم الطيالسة»(94).
روى ابن ماجة بسنده عن حذيفة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «الدجال أعور عين اليسرى، جفال الشعر، معه جنة ونار، فناره جنة وجنّته نار»(95).
أخرج المتّقي الهندي عن ابن مسعود: «لا يخرج الدجّال، حتى لا يكون شيء أحب الى المؤمن من خروج نفسه»(96).
وأخرج عن المصعب بن جثامة: «لا يخرج الدجّال حتى يذهل الناس عن ذكره، وحتى يترك الأئمة ذكره على المنابر»(97).
ط ـ انحسار الفرات عن جبل من ذهب:
روى مسلم بسنده عن أبي هريرة ان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبل من ذهب، يقتتل الناس عليه، فيقتل من كل مائة تسعة وتسعون، ويقول كل رجل منهم: لعلي أكون أنا الذي أنجو»(98).
وروى بسنده عن أبي هريره قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «يوشك الفرات أن يحسر عن كنز من ذهب، فمن حضره فلا يأخذ منه شيئاً»(99).
وروى بسنده عن أبي بن كعب قال: «سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «يوشك الفرات أن يحسر عن جبل من ذهب، فإذا سمع به الناس ساروا اليه، فيقول من عنده: لئن تركنا الناس يأخذون منه ليذهبن به كله، قال: فيقتتلون عليه، فيقتل من كل مائة تسعة وتسعون»(100).
روى ابن ماجة بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبل من ذهب، فيقتل الناس عليه، فيقتل من كلّ عشرة تسعة»(101).
أخرج المتّقي الهندي عن ابن ماجة والطبراني: «لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبل من ذهب يقتتل عليه الناس، ويقتل تسعة أعشارهم»(102).
وأخرج عن نعيم بن حماد في (الفتن): «يحسر الفرات عن جبل من ذهب وفضة، فيقتل عليه من كل تسعة سبعة، فإذا أدركتموه فلا تقربوه»(103).
ى ـ رواج الفساد والإنحراف في الناس:
قال ابن الصبّاغ المالكي: «وعن أبي جعفر أيضاً قال: المهدي منا منصور بالرعب مؤيد بالظفر، تطوى له الأرض وتظهر له الكنوز، ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب، ويظهر الله دينه على الدين كله ولو كره المشركون، فلا يبقى في الأرض خراب الاّ عمره، ولا تدع الأرض شيئاً من نباتها الاّ أخرجته، ويتنعم الناس في زمانه نعمة لم يتنعموا مثلها قطّ.
قال الراوي فقلت له: يا ابن رسول الله فمتى يخرج قائمكم؟ قال: إذا تشبّه الرجال بالنساء، والنساء بالرجال، وركبت ذوات الفروج السروج، وأمات الناس الصلاة واتّبعوا الشهوات وأكلوا الربا واستخفوا بالدماء وتعاملوا بالرياء وتظاهروا بالزنا وشيّد البناء واستحلوا الكذب وأخذوا الرشا واتبعوا الهوى وباعوا الدين بالدنيا وقطعوا الأرحام ومنوا بالطعام، وكان الحلم ضعفاً والظلم فخراً والامراء فجرة والوزراء كذبة والامناء خونة والاعوان ظلمة والقراء فسقة، وظهر الجور وكثر الطلاق وبدا الفجور وقبلت شهادة الزور وشربت الخمور وركبت الذكور الذكور، واشتغلت النساء بالنساء، واتخذ الفيء مغنماً والصدقة مغرماً، واتقي الاشرار مخافة ألسنتهم، وخرج السفياني من الشام واليمن، وخسف خسف بالبيداء بين مكة والمدينة، وقتل غلام من آل محمّد بين الركن والمقام، وصاح صائح من السماء بأن الحق معه ومع أتباعه، فعند ذلك خروج قائمنا»(104).
روى الصدوق بسنده عن ابن عباس قال: «قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: لما عرج بي الى ربي جل جلاله… فقلت: الهي وسيدي ومتى يكون ذلك؟ فأوحى الله اليّ جل وعز: يكون ذلك إذا رفع العلم وظهر الجهل، وكثر القرّاءوقلّ العمل وكثر قتل، وقلّ الفقهاء الهادون، وكثر فقهاء الضلالة والخونة، وكثر الشعراء، واتخذ قبل قبورهم مساجد، وحليت المصاحف وزخرفت المساجد وكثر الجور والفساد، وصارت الأمراء كفرة وأوليائهم فجرة واعوانهم ظلمة، وذوي الرأي منهم فسقة، وعند ذلك ثلاثة خسوف خسف بالمشرق وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، وخراب البصرة على يد رجل من ذريتك يتبعه الزنوج»(105).
أخرج ابن عساكر بسنده عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «لا تقوم الساعة حتى يجعل كتاب الله عاراً، ويكون الاسلام غريباً، وحتى ينقص العلم، ويهرم الزمان، وينقص عمر البشر، وتنقص السنون والثمرات، يؤتمن التهماء ويصدق الكاذب، ويكذب الصادق، ويكثر البرح، قالوا: وما البرح يا رسول الله؟ قال: القتل القتل، وحتى تبنى الغرف فتطاول، وحتى تخزن ذوات الأولاد، وتفرح العواقر، ويظهر البغي والحسد والشحّ، ويغيض العلم غيضاً، ويفيض الجهل فيضاً، ويكون الولد غيظاً والشتاء قيضاً، وحتى يجهر بالفحشاء وتزول الأرض زوالا»(106).
أخرج المتقي الهندي عن مطر الوراق قال: «لا يبايع المهدي حتى يكفر بالله جهراً»(107).
وروى الكليني بسنده عن حمران عن أبي عبد الله عليه السّلام: «… ألا تعلم أن من انتظر أمرنا وصبر على ما يرى من الأذى والخوف هو غداً في زمرتنا، فإذا رأيت الحق قد مات وذهب أهله، ورأيت الجور قد شمل البلاد ورأيت القرآن قد خلق وأحدث فيه ما ليس فيه ووجّه على الأهواء، ورأيت الدين قد انكفى كما ينكفي الماء ورأيت أهل الباطل قد استعلوا على أهل الحق ورأيت الشر ظاهراً لا ينهى عنه ويعذر أصحابه ورأيت الفسق قد ظهر، واكتفى الرجال بالرجال والنساء بالنساء ورأيت المؤمن صامتاً لا يقبل قوله ورأيت الفاسق يكذب ولا يردّ عليه كذبه وفريته، ورأيت الصغير يستحقر بالكبير، ورأيت الأرحام قد تقطّعت ورأيت من يمتدح بالفسق يضحك منه ولا يردّ عليه قوله، ورأيت الغلام يعطي ما تعطي المرأة. ورأيت النساء يتزوجن النساء ورأيت الثناء قد كثر، ورأيت الرجل ينفق المال في غير طاعة الله فلا ينهى ولا يؤخذ على يديه، ورأيت الناظر يتعوذ بالله مما يرى المؤمن فيه من الاجتهاد ورأيت الجار يؤذي جاره وليس له مانع، ورأيت الكافر فرحاً لما يرى في المؤمن، مرحاً لما يرى في الأرض من الفساد. ورأيت الخمور تشرب علانية ويجتمع عليها من لا يخاف الله عزّوجل، ورأيت الأمر بالمعروف ذليلا، ورأيت الفاسق فيما لا يحب الله قوياً محموداً، ورأيت أصحاب الآيات يحقرون ويحتقر من يحبهم، ورأيت سبيل الخير منقطعاً وسبيل الشر مسلوكاً، ورأيت بيت الله قد عطّل ويؤمر بتركه، ورأيت الرجل يقول ما لا يفعله ورأيت الرجال يتسمنون للرجال والنساء للنساء، ورأيت الرجل معيشته من دبره ومعيشة المرأة من فرجها، ورأيت النساء يتخذن المجالس كما يتخذها الرجال، ورأيت التأنيث في ولد العباس قد ظهر وأظهروا الخضاب وامتشطوا كما تمتشط المرأة لزوجها، واعطوا الرجال الأموال على فروجهم وتنوفس في الرجل وتغاير عليه الرّجال.
وكان صاحب المال أعزّ من المؤمن، وكان الربا ظاهراً لا يعيّر، وكان الزنا تمتدح به النساء، ورأيت المرأة تصانع زوجها على نكاح الرجال، ورأيت أكثر الناس وخير بيت من يساعد النساء على فسقهنّ، ورأيت المؤمن محزوناً محتقراً ذليلا، ورأيت البدع والزنا قد ظهر، ورأيت الناس يعتدّون بشاهد الزور، ورأيت الحرام يحلّل والحلال يحرّم، ورأيت الدين بالرأي وعطّل الكتاب وأحكامه ورأيت الليل لا يستخفى به من الجرأة على الله، ورأيت المؤمن لا يستطيع أن ينكر الا بقلبه، ورأيت العظيم من المال ينفق في سخط الله عزّوجل.
ورأيت الولاة يقرّبون أهل الكفر ويباعدون أهل الخير، ورأيت الولاة يرتشون في الحكم، ورأيت الولاية قبالة لمن زاد، ورأيت ذوات الأرحام ينكحن ويكتفى بهن، ورأيت الرجل يقتل على التهمة وعلى الظنّة ويتغاير على الرجل الذكر فيبذل له نفسه وماله، ورأيت الرجل يعير على اتيان النساء، ورأيت الرجل يأكل من كسب امرأته من الفجور، يعلم ذلك ويقيم عليه.
ورأيت المرأة تقهر زوجها وتعمل ما لا يشتهي وتنفق على زوجها، ورأيت الرجل يكري امرأته وجاريته ويرضى بالدنّي من الطعام والشراب، ورأيت الأيمان بالله عزّوجل كثيرة على الزور، ورأيت القمار قد ظهر، ورأيت الشراب يباع ظاهراً ليس له ويعظّم، ورأيت النساء يبذلن انفسهن لأهل الكفر، ورأيت الملاهي قد ظهرت يمرّ بها لا يمنع أحدٌ أحداً ولا يجتري أحدٌ على منعها، ورأيت الشريف يستذله الذي يخاف سلطانه، ورأيت أقرب الناس من الولاة من يمتدح بشتمنا أهل البيت، ورأيت من يحبّنا يزوّر ولا تقبل شهادته، ورأيت الزور من القول يتنافس فيه، ورأيت القرآن قد ثقل على الناس استماعه وخفّ على الناس استماع الباطل، ورأيت الجار يكرم الجار خوفاً من لسانه.
ورأيت الحدود قد عطّلت وعمل فيها بالأهواء، ورأيت المساجد قد زخرفت، ورأيت أصدق الناس عند الناس المفتري الكذب، ورأيت الشرّ قد ظهر والسعي بالنميمة، ورأيت البغي قد فشا، ورأيت الغيبة تستملح ويبشر بها الناس بعضهم بعضاً، ورأيت طلب الحج والجهاد لغير الله، ورأيت السلطان يذلّ للكافر(108) المؤمن، ورأيت الخراب قد أديل من العمران، ورأيت الرجل معيشته من بخس المكيال والميزان، ورأيت سفك الدماء يستخف بها، ورأيت الرجل يطلب الرئاسة لغرض الدنيا ويشهر نفسه بخبث اللسان ليتّقى وتسند اليه الأمور، ورأيت الصلاة قد استخفّ بها، ورأيت الرجل عنده المال الكثير ثم لم يزكّه منذ ملكه، ورأيت الميت ينبش من قبره ويؤذى وتباع أكفانه، ورأيت الهرج قد كثر، ورأيت الرجل يمسي نشوان ويصبح سكران لا يهتم بما الناس فيه، ورأيت البهائم تنكح، ورأيت البهائم تفرس بعضها بعضاً، ورأيت الرجل يخرج الى مصلاّه ويرجع وليس عليه شيء من ثيابه.
ورأيت قلوب الناس قد قست وجمدت أعينهم وثقل الذكر عليهم، ورأيت السحت قد ظهر يتنافس فيه، ورأيت المصلي انما يصلي ليراه الناس، ورأيت الفقيه يتفقّه لغير الدين، يطلب الدنيا والرئاسة، ورأيت الناس مع من غلب، ورأيت طالب الحلال يذمّ ويعيّر وطالب الحرام يمدح ويعظّم، ورأيت الحرمين يعمل فيهما بما لا يحب الله لا يمنعهم مانع ولا يحول بينهم وبين العمل القبيح أحد، ورأيت المعازف ظاهرة في الحرمين، ورأيت الرجل يتكلم بشيء من الحق ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فيقوم اليه من ينصحه في نفسه فيقول: هذا عنك موضوع، ورأيت الناس ينظر بعضهم الى بعض ويقتدون بأهل الشرور.
ورأيت مسلك الخير وطريقه خالياً لا يسلكه أحد، ورأيت الميت يهزأ به فلا يفزع له أحد، ورأيت كل عام يحدث فيه من الشر والبدعة أكثر مما كان ورأيت الخلق والمجالس لا يتابعون الاّ الأغنياء، ورأيت المحتاج يعطى على الضحك به ويرحم لغير وجه الله، ورأيت الآيات في السماء لا يفزع لها أحد، ورأيت الناس يتسافدون كما يتسافد البهائم لا ينكر أحد منكراً تخوّفاً من الناس، ورأيت الرجل ينفق الكثير في غير طاعة الله ويمنع اليسير في طاعة الله.
ورأيت العقوق قد ظهر واستخفّ بالوالدين وكانا من أسوأ الناس حالا عند الولد ويفرح بأن يفترى عليهما، ورأيت النساء وقد غلبن على الملك وغلبن على كل أمر لا يؤتى الاّ ما لهن فيه هوى، ورأيت ابن الرجل يفتري على أبيه ويدعو على والديه ويفرح بموتهما، ورأيت الرجل إذا مرّ به يوم ولم يكسب فيه الذنب العظيم من فجور أو بخس مكيال أو ميزان أو غشيان حرام أو شراب مسكر كئيباً حزيناً يحسب أن ذلك اليوم عليه وضيعة من عمره، ورأيت السلطان يحتكر الطعام، ورأيت أموال ذوي القربي تقسم في الزور ويتقامر بها وتشرب بها الخمور، ورأيت الخمر يتداوى بها ويوصف للمريض ويستشفى بها.
ورأيت الناس قد استووا في ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وترك التديّن به، ورأيت رياح المنافقين وأهل النفاق قائمة ورياح أهل الحق لا تحرّك، ورأيت الأذان بالأجر والصلاة بالأجر، ورأيت المساجد محتشية ممن لا يخاف الله، مجتمعون فيها للغيبة وأكل لحوم أهل الحق ويتواصفون فيها شراب المسكر، ورأيت السكران يصلي بالناس وهو لا يعقل ولا يشان بالسكر وذا سكر أكرم واتقى وخيف وترك لا يعاقب ويعذر بسكره، ورأيت من أكل اموال اليتامى يحمد بصلاحه، ورأيت القضاة يقضون بخلاف ما أمر الله، ورأيت الولاة يأتمنون الخونة للطمع،، ورأيت الميراث قد وضعته الولاة لأهل الفسوق والجرأة على الله، يأخذون منهم ويخلونهم وما يشتهون، ورأيت المنابر يؤمر عليها بالتقوى ولا يعمل القائل بما يأمر، ورأيت الصلاة قد استخفّ بأوقاتها، ورأيت الصدقة بالشفاعة لا يراد با وجه الله ويعطى لطلب الناس.
ورأيت الناس همّهم بطونهم وفروجهم، لا يبالون بما أكلوا وما نكحوا، ورأيت الدنيا مقبلة عليهم ورأيت اعلام الحق قد درست. فكن على حذر واطلب الى الله عزّوجل النجاة واعلم ان الناس في سخط الله عزّوجل وانما يمهلهم لأمر يرادبهم، فكن مترقّباً واجتهد ليراك الله عزّوجل في خلاف ما هم عليه فان نزل بهم العذاب وكنت فيهم عجّلت الى رحمة الله وان أخّرت ابتلوا وكنت قد خرجت مما هم فيه من الجرأة على الله عزّوجل، واعلم ان الله لا يضيع أجر المحسنين وان رحمة الله قريب من المحسنين»(109).
ك ـ سائر العلامات:
روى المتّقي الهندي بسنده عن حذيفة بن اليمان «عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، في قصة المهدي عليه السّلام ومبايعته بين الركن والمقام، وخروجه متوجهاً الى الشام قال: وجبرئيل على مقدمته، وميكائيل على ساقته، يفرح به أهل السماء والأرض، والطّير والوحش والحيتان في البحر»(110).
ثم قال: أخرجه أبو عمر وعثمان بن سعيد المقريء في سننه.
وأخرج عن كتاب (عقد الدرر): «فمن ذلك أحوال كريهة المنظر، صعبة المراس، وأهوال أليمة المخبر وفتن الاحلاس، وخروج علج من جهة المشرق يزيل ملك بني العباس، لا يمرّ بمدينة إلاّ فتحها، ولا يتوجه الى جهة الاّ منحها، ولا ترفع اليه راية الاّ مزقها، ولا يستولي على قرية الاّ أخربها وأحرقها، ولا يحكم على نعمة الاّ أزالها، وقلّ ما يروم من الأمور شيئاً الاّ نالها، وقد نزع الله الرحمة من قلبه وقلب من حالفه، وسلّطهم على من عصاه وخالفه، لا يرحمون من بكى ولا يجيبون من شكى. يقتلون الآباء والامهات والبنين والبنات، ويملكون بلاد العجم والعراق ويذيقون الأمة من بأسهم أمر المذاق، وفي ضمن ذلك حرب وهرب وادبار وفتن شداد وكرب وبوار، وكلما قيل انقطعت تمادت وامتدت ومتى قيل تولّت توالت واشتدت، حتى لا يبقى بيت الاّ دخلته ولا مسلم الاّ وصلته، ومن ذلك سيف قاطع واختلاف شديد وبلاء عام حتى تغبط، الرمم البوالي، وظهور نار عظيمة من قبل المشرق تظهر في السماء ثلاث ليال، وخروج ستين كذّاباً كل يدعي أنه مرسل من عند الله الواحد المعبود، وخسف قرية من قرى الشام تسمّى حرستا، وهدم مسجد الكوفة مما يلي دار ابن مسعود، وطلوع نجم بالمشرق يضىء كما يضيء القمر ثم ينعطف حتى يلتقي طرفاه أو يكاد، وحمرة تظهر في السماء وتنشر في أفقها وليست كحمرة الشفق المعتاد وعند الجسر ممّا يلي الكرخ بمدينة السلام، وارتفاع ريح سوداء بها، وخسف يهلك فيه كثير من الأنام ويتوفر الفرات حتى يدخل الماء على أهل الكوفة فيخرب كوفتهم، ونداء من السماء يعمّ أهل الأرض ويسمع أهل كل لغة بلغتهم، ومسخ قوم من أهل البدع، وخروج العبيد من طاعة ساداتهم، وصوت في ليلة النصف من رمضان يوقظ النائم ويفزع اليقظان ومعمعة في شوال وفي ذي القعدة حرب وقتال، ينهب الحاج في ذي الحجة، ويكثر القتل حتى يسيل الدم على المحجّة، وتهتك المحارم وترتكب العظائم عند البيت المعظم، ثم العجب كل العجب بين جمادى ورجب ويكثر الهرج، ويطول فيه اللبث، ويقتل الثلث ويموت الثلث ويكون ولاة الأمر كل منهم جائراً.
ويمسي الرجل مؤمناً ويصبح كافراً ولعل هذا الكفر مثل كفران العشير، فانه في بعض الروايات الى ذلك يشير، وانثياب الكفر ونزولهم جزيرة العرب، ويجهز الجيوش ويقتل الخليفة ويشتد الكرب، وينادي مناد على سور دمشق: ويل للعرب من شر قد اقترب، ومن ذلك رجل من كندة أعرج يخرج من جهة المغرب مقرون بألوية النصر، لا يزال سائراً بجيشه وقوّة حاسّته حتى يظهر على مصر.
ومن ذلك خراب معظم البلاد حتى تعود حصيداً كأن لم تغن بالامس، واستيلاء السفياني وجوره على الكور الخمس وذبح رجل هاشمي بين الركن والمقام، وركود الشمس وخسوفها في النصف من شهر الصيام، وخسف القمر في آخره عبرة للأنام وتلك آيتان للامام لم تكونا منذ أهبط الله آدم عليه السّلام، وفتن وأهوال كثيرة، وقتل ذريع بين الكوفة والحيرة.
ومن ذلك خروج السفياني ابن آكلة الأكباد من الوادي اليابس وعتوه بجنيدة الأجناد وذوي القلوب القاسية والوجوه العوابس، وتخريبه المدارس والمساجد، وتعذيبه كل راكع وساجد، واظهار الظلم والفجور والفساد، وظهور أمره وتغلبه على البلاد وقتله العلماء والفضلاء والزهاد مستبيحاً سفك الدماء المحرّمة، ومعاندته لآل محمّد صلّى الله عليه وسلّم أشدّ العناد ومتجرّياً على اهانة النفوس المكرّمة، والخسف بجيشه بالبيداء ومن معهم من حاضر وباد ولا يعاذرهم عذرهم مثله للعباد، ولم يبلغوا ما أملوا، وآخر الفتن والعلامات قتل النفس الزكيّة. فعند ذلك يخرج المهدي بالسيرة المرضية، والله أعلم»(111).
روى النعماني بسنده عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد عليهما السلام: «انّ أميرالمؤمنين حدّث عن أشياء تكون بعده الى قيام القائم، فقال الحسين: يا أميرالمؤمنين متى يطهّر الله الأرض من الظالمين؟ فقال أمير المؤمنين: لا يطهّر الله الأرض من الظالمين حتى يسفك الدم الحرام ـ ثم ذكر أمر بني أمية وبني العباس في حديث طويل ـ ثمّ قال: إذا قام القائم بخراسان وغلب على أرض كوفان وملتان، وجاز جزيرة بني كاوان، وقام منّا قائم بجيلان وأجابته الأبر والديلمان وظهرت لولدي رايات الترك متفرقات في الأقطار والجنبات، وكانوا بين هنات وهنات، إذا خربت البصرة، وقام أمير الأمرة بمصر، فحكى عليه السّلام حكاية طويلة، ثم قال: اذا جهزت الألوف وصفت الصفوف وقتل الكبش الخروف، هناك يقوم الآخر، ويثور الثائر، ويهلك الكافر، ثم يقوم القائم المأمول والإمام المجهول، له الشرف والفضل، وهو من ولدك يا حسين، لا ابن مثله، يظهر بين الركنين، وفي دريسين باليين يظهر على الثقلين، ولا يترك في الأرض دمين، طوبى لمن أدرك زمانه، ولحق أوانه وشهد أيّامه»(112).
روى الصدوق بسنده عن النزال بن سبرة قال: «خطبنا أميرالمؤمنين علي ابن أبي طالب عليه السّلام فحمد الله عزّوجل وأثنى عليه وصلّى على محمّد وآله، ثم قال: سلوني أيها الناس قبل أن تفقدوني ـ ثلاثاً ـ فقام اليه صعصعة بن صوحان فقال: يا أمير المؤمنين، متى يخرج الدجّال؟ فقال له عليّ عليه السّلام: اقعد فقد سمع الله كلامك وعلم ما أردت، والله ما المسؤول عنه بأعلم من السائل، ولكن لذلك علامات وهيئات يتبع بعضها بعضاً كحذو النعل بالنعل، وان شئت أنبأتك بها؟ فقال: نعم يا أمير المؤمنين.
فقال عليه السّلام: احفظ فان علامة ذلك: إذا أمات الناس الصلاة، وأضاعوا الأمانة، واستحلّوا الكذب، وأكلوا الربا، وأخذوا الرُّشا، وشيّد البنيان، وباعوا الدين بالدنيا، واستعملوا السفهاء وشاوروا النساء، وقطعوا الأرحام، واتبعوا الأهواء، واستخفّوا بالدماء، وكان الحلم ضعفاً، والظلم فخراً، وكانت الأمراء فجرة والوزراء ظلمة والعرفاء خونة والقرّاء فسقة، وظهرت شهادات الزور، واستعلن الفجور، وقول البهتان، والاثم والطغيان، وحليت المصاحف، وزخرفت المساجد، وطوّلت المنارات واكرمت الأشرار، وازدحمت الصفوف، واختلفت القلوب، ونقضت العهود، واقترب الموعود، وشارك النساء أزواجهن في التجارة حرصاً على الدنيا، وعلت أصوات الفساق واستمع منهم، وكان زعيم القوم أرذلهم، واتّقي الفاجر مخافة شرّه وصدّق الكاذب، وائتمن الخائن، واتخذت القيان والمعازف، ولعن آخر هذه الأمّة أولها، وركب ذوات الفروج السروج، وتشبّه النساء بالرجال والرجال بالنساء، وشهد الشاهد من غير أن يستشهد، وشهد الآخر قضاء لذمام بغير حق عرفه، وتفقّه لغير الدين، وآثروا عمل الدنيا على الآخرة، ولبسوا جلود الضأن على قلوب الذئاب وقلوبهم أنتن من الجيف وأمرّ من الصبر، فعند ذلك الوحا الوحا، ثم العجل العجل، خير المساكن يومئذ بيت المقدس، وليأتين على الناس زمان يتمنى أحدهم أنه من سكّانه.
فقام اليه الأصبغ بن نباتة فقال: يا أميرالمؤمنين من الدجّال؟ فقال: ألا ان الدجّال صائد بن الصيد، فالشقي من صدّقه والسعيد من كذّبه، يخرج من بلدة يقال لها اصفهان، من قرية تعرف باليهودية، عينه اليمنى ممسوحة والعين الأخرى في جبهته تضيء كأنها كوكب الصبح، فيها علقة كأنّها ممزوجة بالدم، بين عينيه مكتوب كافر، يقرؤه كل كاتب وأميّ، يخوض البحار وتسير معه الشمس بين يديه جبل من دخان وخلفه جبل أبيض يرى الناس أنه طعام، يخرج حين يخرج في قحط شديد تحته حمار أقمر، خطوة حماره ميلٌ تطوى له الأرض منهلا منهلا، لا يمرّ بماء الاّ غار الى يوم القيامة، ينادي بأعلى صوته يسمع ما بين الخافقين من الجنّ والانس والشياطين يقول: اليّ أوليائي: أنا الذي خلق فسوّى وقدّر فهدى، أنا ربكم الأعلى. وكذب عدوّ الله انه أعور يطعم الطعام، ويمشي في الأسواق، وان ربكم عزّوجل ليس بأعور، ولا يطعم ولا يمشي ولا يزول، تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً.
ألا وانّ أكثر أتباعه يومئذ أولاد الزنا، وأصحاب الطيالسة الخضر، يقتله الله عزّوجل بالشام على عقبة تعرف بعقبة أفيق لثلاث ساعات مضت من يوم الجمعة على يد من يصلي المسيح عيسى بن مريم خلفه، الاّ أن بعد ذلك الطامة الكبرى.
قلنا: وما ذلك يا أمير المؤمنين؟ قال: خروج دابة من الأرض من عند الصفا معها خاتم سليمان بن داود، وعصا موسى، يضع الخاتم على وجه كل مؤمن فينطبع فيه: هذا مؤمن حقّاً. ويضعه على وجه كل كافر فينكتب هذا كافر حقاً، حتى ان المؤمن لينادي، الويل لك يا كافر وان الكافر يادي طوبى لك يا مؤمن، وددت اني اليوم كنت مثلك فأفوز فوزاً عظيماً.
ثم ترفع الدابة رأسها فيراها من بين الخافقين بإذن الله جل جلاله، وذلك بعد طلوع الشمس من مغربها فعند ذلك ترفع التوبة، فلا توبة تقبل ولا عمل يرفع و(لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً)(113).
ثم قال: لا تسألوني عما يكون بعد هذا فانه عهدٌ عهده اليّ حبيبي رسول الله صلّى الله عليه وآله أن لا أخبر به غير عترتي. قال النزال بن سبرة: فقلت لصعصعة بن صوحان: يا صعصعة ما عنى أميرالمؤمنين بهذا؟ فقال صعصعة: يا ابن سبرة ان الذي يصلي خلفه عيسى بن مريم هو الثاني عشر من العترة، التاسع من ولد الحسين بن علي عليهما السلام وهو الشمس الطالعة من مغربها يظهر عند الركن والمقام فيطهّر الأرض، ويضع ميزان العدل فلا يظلم أحدٌ أحداً، فأخبر أمير المؤمنين عليه السّلام أن حبيبه رسول الله صلّى الله عليه وآله عهد اليه أن لا يخبر بما يكون بعد ذلك غير عترته الأئمة صلوات الله عليهم أجمعين»(114).
(1) وهذه العلامات الخمس هي: اليماني، والسفياني، والنداء، وخسف البيداء، وقتل النفس الزكية وذلك لما روى النعماني نفسه بسنده عن أبي عبد الله عليه السّلام انه قال «للقائم خمس علامات: السفياني واليماني، والصيحة من السماء وقتل النفس الزكية، والخسف بالبيداء». (الغيبة ص252).
واورد هذا الحديث المتقي الهندي فقال: «عن أبي عبد الله الحسين بن علي انه قال: «للمهدي خمس علامات: السفياني واليماني، والصيحة من السماء، والخسف بالبيداء، وقتل النفس الزكية» (البرهان في علامات مهدي آخر الزمان ص114).
والظاهر ان عبارة «الحسين بن علي» زيادة من المتقي الهندي، فالمروي عنه هو الإمام الصادق عليه السّلام.
(2) الغيبة ص282.
(3) عقد الدرر في اخبار المهدي المنتظر ـ الباب الرابع، الفصل الثالث.
(4) كتاب الدر المنظم في السر الأعظم للشيخ أبي سالم كمال الدين محمّد بن طلحة القرشي الشافعي المتوفي سنة652 هجرية بحلب، وله كتاب (مطالب السؤول في مناقب آل الرسول) أيضاً.
(5) ينابيع المودة ص414.
(6) البيان في أخبار صاحب الزمان ص93 وروى مثله المتقي الهندي في البرهان ص72.
(7) المصدر.
(8) العرف الوردي في أخبار المهدي ج2 ص128.
(9) ينابيع المودة 491.
(10) فرائد السمطين ج2 ص337.
(11) سورة الشعراء: 4.
(12) عقد الدرر في أخبار المهدي المنتظر، الباب الرابع، الفصل الثاني، الحديث 128.
(13) نور الابصار ص200، الفصول المهمة لابن الصباغ ص298.
(14) عقد الدرر ـ الباب الرابع، الحديث 143.
(15) كنز العمال ج14 ص274.
(16) كنز العمال ص588، البرهان في علامات مهدي آخر الزمان ص73.
(17) المصدر ص584، البرهان في علامات مهدي آخر الزمان ص72.
(18) ينابيع المودة ص435.
(19) اسعاف الراغبين، هامش نور الابصار للشبلنجي ص137.
(20) البرهان في علامات مهدي آخر الزمان، ص74.
(21) البرهان ص75.
(22) الغيبة ص254.
(23) المصدر ص257.
(24) صحيح البخاري ج9 ص74.
(25) كنز العمال ج14 ص348.
(26) عقد الدرر الباب الرابع، الفصل الثالث.
(27) عقد الدرر ـ الباب الرابع، الفصل الأول.
(28) صحيح مسلم ج4 ص2226، سنن ابن ماجة ج2 ص1341.
(29) سن ابن ماجة ج2 ص1347.
(30) البرهان في علامات مهدي آخر الزمان ص107.
(31) البرهان ص107.
(32) المصدر ص108.
(33) المصدر ص109.
(34) المصدر.
(35) سن أبي داود ج4 ص163.
(36) الهردى ـ بضم الهاء ككرسي ـ المصبوغ بالهرد وهو الكركم الأصفر وطين أحمر، وعروق يصبغ بها.
(37) الغيبة ص253.
(38) العرف الوردي في أخبار المهدي ج2 ص129.
(39) كنز العمال ج14 ص276، سنن ابن ماجة ج2 ص1349.
(40) المصدر .
(41) المصدر السابق ج14 ص277، سنن ابن ماجة ج2 ص1350.
(42) كنز العمال ج14 ص280.
(43) صحيح مسلم ـ كتاب الفتن ج4 ص2209.
(44) المصدر السابق ج4 ص2210.
(45) كنز العمال ج14 ص280.
(46) العرف الوردي ج2 ص136.
(47) البرهان في علامات مهدي آخر الزمان ص119.
(48) البرهان ص130 حرستا: بالتحريك وسكون السين المهملة وتاء منقوطة فوقها، قرية كبيرة عامرة في وسط بساتين دمشق على طريق حمص، بينها وبين دمشق أكثر من فرسخ (مراصد الاطلاع).
(49) سورة فصّلت: 16.
(50) الغيبة ص269.
(51) صحيح مسلم ـ كتاب الفتن ج4 ص2214.
(52) المصدر ص2215.
(53) سنن ابن ماجة ج2 ص1344.
(54) كنز العمال ج14 ص587، البرهان ص112.
(55) عقد الدرر ـ الباب التاسع ـ الفصل الثالث.
(56) المصدر السابق ـ الباب الرابع، الفصل الأول.
(57) الفصول المهمة ص301.
(58) البرهان في علامات مهدي آخر الزمان ص103.
(59) المصدر.
(60) المصدر ص106.
(61) سن ابن ماجة ـ كتاب الفتن ـ باب خروج المهدي ج2 ص1366، البيان في أخبار صاحب الزمان للحافظ الكنجي الشافعي ص69.
(62) المصدر السابق ص1367.
(63) المستدرك على الصحيحين ج4 ص464.
(64) كنز العمال ج14 ص588.
(65) العرف الوردي في اخبار المهدي، ضمن الحاوى للفتاوى ج2 ص128.
(66) المصدر السابق ج2 ص133.
(67) ذنب تلعة: يريد بذلك الكثرة، وانه لا يخلو منه موضع، ومنه الحديث «مطر لا يمنع منه ذنب تلعة».
(68) المستدرك على الصحيحين ج4 ص520.
(69) كنز العمال ج14 ص588.
(70) المصدر ص590.
(71) ينابيع المودة ص414.
(72) عقد الدرر، الباب 4، الحديث 131.
(73) عقد الدرر، الباب 4، الحديث 133.
(74) المصدر، الحديث 134.
(75) المصدر، الحديث 135.
(76) اسعاف الراغبين، هامش نور الابصار للشبلنجي ص138.
(77) البرهان في علامات مهدي آخر الزمان ص112.
(78) المصدر ص115.
(79) المصدر السابق ص121.
(80) البرهان 123.
(81) البرهان ص123 .
(82) عقد الدرر الباب الرابع، الفصل الأول.
(83) المصدر.
(84) عقد الدرر، الفصل الثالث.
(85) البرهان في علامات مهدي آخر الزمان ص112.
(86) المصدر.
(87) الغيبة ص252.
(88) الغيبة ص262.
(89) صحيح البخاري ـ كتاب الفتن ـ ج9 ص74.
(90) صحيح البخاري ـ كتاب الفتن ـ ج9 ص75.
(91) المصدر.
(92) صحيح مسلم ج4 ص2248.
(93) المصدر.
(94) المصدر السابق ص2266.
(95) سنن ابن ماجة ج2 ص1353.
(96) كنز العمّال ج14 ص323.
(97) المصدر.
(98) صحيح مسلم ـ كتاب الفتن واشراط الساعة ج4 ص2219.
(99) صحيح البخاري ج9 ص73، وصحيح مسلم ج4 ص2220، وسنن أبي داوود ج4 ص164.
(100) صحيح مسلم ج4 ص2221، البرهان في علامات مهدي آخر الزمان ص110.
(101) سنن ابن ماجة ج2 ص1343.
(102) البرهان في علامات مهدي آخر الزمان ص111.
(103) المصدر.
(104) الفصول المهمة ص302.
(105) كمال الدين، منتخب الأثر ص424 ورواه الشبلنجي عن أبي جعفر عليه السلام ص301.
(106) تاريخ مدينة دمشق ج6 ص169.
(107) البرهان في أخبار صاحب الزمان ص104.
(108) كذا، ولعل الصحيح هكذا: ورأيت السلطان الكافر يذلّ المؤمن.
(109) روضة الكافي ج8 ص38.
(110) البرهان في علامات مهدي آخر الزمان ص77.
(111) البرهان في علامات مهدي آخر الزمان ص136.
(112) الغيبة ص572.
(113) سورة الانعام: 158.
(114) كمال الدين ص525.