إحتجاج الإمام الرضا و المأمون حول المباهلة
قال المأمون يوماً للرضا عليه السّلام: أخبرني بأكبر فضيلة لأميرالمؤمنين عليه السلام يدل عليها القرآن.
قال له الرضا عليه السلام: فضيلته في المباهلة، قال الله جلّ جلاله: (فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ)(1) فدعا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم الحسن والحسين عليهما السلام فكانا ابنيه، ودعا فاطمة عليها السلام فكانت في هذا الموضع نساءه، ودعا أمير المؤمنين عليه السّلام فكان نفسه بحكم الله عزّوجلّ، وقد ثبت أنه ليس أحد من خلق الله سبحانه أجلّ من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وأفضل فوجب أن لا يكون أحد أفضل من نفس رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بحكم الله عزّوجل.
قال: فقال له المأمون: أليس قد ذكر الله الأبناء بلفظ الجمع وانما دعا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ابنيه خاصه، وذكر النساء بلفظ الجمع، وانّما دعا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ابنته وحدها فلم لا جاز أن يذكر الدعاء لمن هو نفسه ويكون المراد نفسه في الحقيقة دون غيره فلا يكون لأمير المؤمنين عليه السّلام ذكرت من الفضل.
فقال له الرضا عليه السّلام: ليس بصحيح ما ذكرت يا أميرالمؤمنين، وذلك أن الداعي انما يكون داعياً لغيره كما يكون الآمر آمراً لغيره ولا يصح أن يكون داعياً لنفسه في الحقيقة كما لا يكون آمراً لها في الحقيقه، وإذا لم يدع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم رجلا في المباهلة الاّ أميرالمؤمنين عليه السّلام فقد ثبت أنه نفسه التي عناها الله تعالى في كتابه وجعل حكمة ذلك في تنزيله.
فقال المأمون: إذا ورد الجواب سقط السؤال(2).
(1) سورة آل عمران 61.
(2) الفصول المختارة من العيون والمحاسن ص16.