أهل البيت كيف يصلّى عليهم؟
روى البخاري باسناده عن عبد الله بن عيسى، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: لقيني كعب بن عجرة، فقال: ألا أهدي لك هدية سمعتها من النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فقلت: بلى فأهدها لي، فقال: سألنا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقلنا: يا رسول الله كيف الصلاة عليكم أهل البيت؟ فان الله قد علّمنا كيف نسلّم، قال: قولوا: اللهم صل على محمّد وعلى آل محمّد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم انك حميد مجيد، اللم بارك على محمّد وعلى آل محمّد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم انك حميد مجيد»(1).
وروى اسماعيل بن اسحاق القاضي، باسناده عن كعب بن عجرة، قال: «لما نزلت هذه الآية (إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)(2) قلنا: يا رسول الله قد علمنا السلام عليك، فكيف الصلاة؟ قال: قولوا: اللهم صل على محمّد وعلى آل محمّد، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم، انك حميدٌ مجيد، وبارك على محمّد وعلى آل محمّد كما باركت وصليت على إبراهيم وآل إبراهيم انك حميدٌ مجيد»(3).
وروى بأسناده عن عقبة بن عمرو قال: «أتى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم رجلٌ حتى جلس بين يديه، فقال: يا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أما السلام عليك فقد عرفناه واما الصلاة فأخبرنا بها كيف نصلي عليك؟ قال: فصمت رسول الله حتى وددنا ان الرجل الذي سأله لم يسأله، ثم قال: إذا صليتم عليّ فقولوا: اللم صلى على محمّد النبي الأمّي، وعلى آل محمّد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وبارك على محمّد النبي الأمّي وعلى آل محمّد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم انك حميد مجيد»(4).
وروى بأسناده عن إبراهيم قال: «قالوا: يا رسول الله قد علمنا السلام عليك، فكيف الصلاة عليك؟ قال: قولوا: اللّهم صلّ على عبدك ورسولك وأهل بيته كما صلّيت على آل إبراهيم انك حميد مجيد، وبارك عليه وأهل بيته كما باركت على إبراهيم انك حميد مجيد»(5).
وروى باسناده عن أبي سعيد الخدري، قال: «قلنا يا رسول الله، هذا السلام عليك فكيف الصلاة عليك؟ قال: قولوا اللهم صل على محمّد عبدك ورسولك كما صليت على إبراهيم وبارك على محمّد وآل محمّد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم»(6).
روى أبو نعيم باسناده عن كعب بن عجرة «ان رجلاً سأل النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال اما السلام فقد عرفت، فكيف الصلاة؟ فقال: اللهم صل على محمّد وعلى آل محمّد كما صليت على إبراهيم انك حميد مجيد، وبارك على محمّد وآل محمّد كما باركت على إبراهيم انك حميد مجيد»(7).
روى الحضرمي عن إبراهيم النخعي مرسلا قالوا: «يا رسول الله قد علمنا السلام عليك فكيف الصلاة عليك؟ فقال: قولوا اللهم صل على محمّد عبدك ورسولك وأهل بيته كما صليت على إبراهيم انك حميدٌ مجيدٌ»(8).
وروى باسناده عن أبي مسعود الانصاري البدري قال: «قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: من صلى صلاة لم يصل علي فيها وعلى أهل بيتي لم تقبل منه»(9).
قال الحضرمي: «ويؤكد ذلك ويزيد بياناً ما روي عنه صلّى الله عليه وآله وسلّم لا تصلّوا علي الصلاة البتراء، قالوا: يا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وما الصلاة البتراء؟ قال تقولون: اللهم صل على محمّد وتمسكون، بل قولوا: اللهم صل على محمّد وعلى آل محمّد»(10).
روى ابن المغازلي باسناده عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن جده عن أبيه عن علي بن أبي طالب، قال: «قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم صلّى على محمّد وعلى ال محمّد مائة مرة قضى الله تعالى له مائة حاجة»(11).
روى الحمويني باسناده عن موسى بن طلحة، قال: «سألت زيد بن خارجة قال: أنا سألت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال: صلّوا عليّ واجتهدوا في الدعاء وقولوا: اللهم صل على محمّد وآل محمّد»(12).
روى السخاوي باسناده عن أبي مسعود الانصاري البدري، قال: قال رسول الله: «من صلى عليّ صلاة واحدةً، لم يصلّ عليّ وعلى أهل بيتي لم تقبل منه»(13).
وروى باسناده عن جابر أنه كان يقول: «لو صلّيت صلاة لم أصلّ فيها على محمّد وعلى آل محمّد ما رأيت انها تقبل وهي حجّة القائل:
يا أهل بيت رسول الله حبّكم *** فرض من الله في القرآن انزله
كفاكم من عظيم القدر انّكم *** من لم يصلّ عليكم لا صلاة له»(14)
قال نور الدين علي بن أحمد السمهودي: «قد بيّن في رواية البيهقي والخلعي وغيرهما بسند جيّد من طريق ابن أبي ليلى عن كعب بن عجرة سبب سؤالهم عن ذلك، ولفظه لما نزلت (إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) قلنا: يا رسول الله قد علمنا كيف نسلّم عليك فكيف نصلّي عليك؟ الحديث… فظهر بذلك ان المسؤول عنه الصلاة المأمور بها في الآية المذكورة، ودلّت الرواية التي في مستدرك الحاكم على ان المراد من هذا الأمر الصلاة عليه وعلى آله لقوله: كيف الصلاة عليكم أهل البيت؟ يعني النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وآله، ودلّ على صحة ذلك: قوله صلّى الله عليه وسلّم في رواية الصحيحين في جواب قولهم: فكيف نصلي عليك؟ قال: قولوا: «اللهم صل على محمّد وعلى آل محمّد، الحديث… وقد جاء كذلك في الروايات التي فيها بيان ان سبب سؤالهم نزول الآية المذكورة، فدل بيانه صلّى الله عليه وآله وسلّم للكيفّية المأمور بها بذلك على انه من جملة المأمور به، وانه صلّى الله عليه وآله وسلّم أقامهم في ذلك مقام نفسه، إذ القصد من الصلاة عليه أن ينيله مولاه عزّوجل من الرحمة المقرونة بتعظيمه وتكريمه ما يليق به، ومن ذلك ما يفيضه عزّوجل منه على أهل بيته، فانه من جملة تعظيمه وتكريمه، وقد سبقت الاشارة اليه في طرق أحاديث إدخاله صلّى الله عليه وآله وسلّم من أدخل من أهل بيته في الكساء أو الثوب من قوله: اللهم هؤلاء آل محمّد فاجعل صلواتك وبركاتك على آل محمّد، الحديث. وقوله صلّى الله عليه وآله وسلّم الرواية الاخرى: اللهم انهم مني وأنا منهم فاجعل صلواتك ورحمتك ومغفرتك ورضوانك عليّ وعليهم. ومقتضى استجابة هذا الدعاء ان الله عزّوجل خصهم بالصلاة عليهم معه، وإذا كانت صلاة الله عليه وعليهم كذلك شرعت صلاة المؤمنين عليهم معه كما يقتضيه سياق الآية الكريمة، فينتج من ذلك دخولهم في قوله عزّوجل (إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ) مع ان المراد اكمل صلاة واتمها، فيكون عليه وعلى آله، فما رتبه عزّوجل على ذلك من أمر المؤمنين بالصلاة عليه يكون لطلب الصلاة عليه وعلى آله ايضاً، ومنشأ ذلك الحاقهم به في التطهير كما سبق، ويروى عنه صلّى الله عليه وآله وسلّم: لا تصلّوا علي الصلاة البتراء، قالوا وما الصلاة البتراء؟ قال تقولون: اللهم صل على محمّد وتمسكون، بل قولوا اللهم صل على محمّد وعلى آل محمّد»(15).
(1) صحيح البخاري كتاب بدء الخلق ـ ج4 ص178 وروراه السخاوي في استجلاب ارتقاء الغرف باب مشروعية الصلاة عليهم ص71.
(2) سورة الاحزاب: 56.
(3) فضل الصلاة على النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ص56.
(4) المصدر ص57.
(5) المصدر ص62.
(6) المصدر ص64.
(7) اخبار اصبهان ج1 ص131.
(8 ـ 9) وسيلة المآل ص135ـ138.
(11) المناقب ص295، الحديث ص338.
(12) فرائد السمطين ج1 ص25.
(13) استجلاب ارتقاء الغرف ص74.
(14) المصدر.
(15) جواهر العقدين، العقد الثاني، الذكر الثاني ص153.