أهل البيت سفن النجاة
روى حديث السفينة جماعةٌ من الصحابة، واليك ما روي عن كل واحد منهم:
ما رواه علي بن أبي طالب:
روى محب الدين الطبري باسناده عن علي قال: «قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركبها نجى ومن تعلَّق بها فاز، ومن تخلف عنها زجّ في النار»(1).
روى مير سيد على الهمداني باسناده عن علي رفعه: «مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من تعلق بها نجى ومن تخلف عنها اولج في النار»(2).
روى السيوطي باسناده عن علي بن أبي طالب قال: «انما مثلنا في هذه الامّة كسفينة نوح، وكباب حطة في بني اسرائيل»(3).
ما رواه ابن عباس:
روى ابن المغازلي باسناده عن هارون، قال: «سمعت المهدي يقول: سمعت المنصور يقول: حدثني أبي عن أبيه ابن عباس، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنهاهلك»(4).
روى محب الدين الطبري باسناده عنه قال: «قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: يا علي مثلك ومثل الأئمة من ولدك بعدي مثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلف عنها غرق»(5).
ما رواه أبو سعيد الخدري:
روى الهيثمي بأسناده عن أبي سعيد الخدري، قال: «سمعت النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول: انما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق، وانما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني اسرائيل من دخله غفر له»(6).
ما رواه أنس بن مالك:
روى الخطيب بأسناده عن أنس بن مالك، قال: «قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: انما مثل أهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجى ومن تخلّف عنها غرق»(7).
ما رواه أياس بن سلمة:
روى ابن المغازلي باسناده عن أياس بن سلمة بن الاكوع عن أبيه قال: «قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجى»(8).
ما رواه عبد الله بن الزبير:
روى الهيثمي باسناده عن عبد الله بن الزبير «ان النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها سلم ومن تركها غرق»(9).
ما رواه أبو ذر الغفاري:
روى الحمويني باسناده عن محمّد بن ادريس الشافعي حدثنا المفضّل بن صالح عن أبي اسحاق السبيعي عن حنش بن المعتمر الكناني، قال «سمعت أبا ذر وهو آخذ بباب الكعبة وهو يقول: يا أيها الناس من عرفني فأنا من قد عرفتم ومن لا يعرف فأنا أبو ذر، اني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: انما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من دخلها نجى ومن تخلف عنها هلك»(10).
روى الهيثمي باسناده عنه قال: «قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركب فيها نجى، ومن تخلف عنها غرق، ومن قاتلنا في آخر الزمان كمن قاتل مع الدّجال»(11).
ما قاله الأعلام:
قال ابن حجر الهيتمي: «جاء من طرق عديدة يقوي بعضها بعضاً: انما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجى، وفي رواية مسلم: ومن تخلف عنها غرق، وفي رواية هلك، واما مثل أهل بيتي فيكم، مثل باب حطة في بني اسرائيل من دخله غفر له، وفي رواية غفر له الذنوب… ان الله جعل دخول ذلك الباب الذي هو باب اريحا أو بيت المقدس مع التواضع والاستغفار سبباً للمغفرة وجعل لهذه الأمة مودة أهل البيت سبباً لها»(12).
قال الحمويني: «قال الواحدي رحمه الله: انظر كيف دعا الخلق الى التشبث الى ولائهم والسير تحت لوائهم بضرب مثلهم بسفينة نوح عليه السّلام.
جعل صلّى الله عليه وآله وسلّم ما في الآخرة من مخاوف الاخطار وأهوال النار كالبحر الذي يلج براكبه، فيورده مشارع المنيّة، ويفيض عليه سجال البلية وجعل أهل بيته عليه وعليهم السلام سبب الخلاص من مخاوفه، والنجاة من متالفه، فكما لا يعبر البحر المهياج عند تلاطم الأمواج الاّ بالسفينة كذلك لا يأمن لفح الجحيم، ولا يفوز بدار النعيم الاّ من تولّى أهل بيت النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ونحن لهم ودّه ونصحه واكّد في موالاتهم عقيدته، فان الذين تخلفوا عن تلك السفينة آلوا شرّ مآل، وخرجوا من الدنيا الى أنكال وجحيم ذات أغلال، وكما ضرب مثلهم بسفينة نوح، قرنهم بكتاب الله تعالى فجعلهم ثاني الكتاب وشفع التنزيل»(13).
قال المناوي: (ان مثل أهل بيتي) فاطمة وعلي وأبنيهما وبنيهما أهل العدل والديانة (فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخفّ عنها هلك) وجه التشبيه أن النجاة ثبتت لأهل السفينة من قوم نوح فأثبت المصطفى صلى الله عليه وسلّم لأمته بالتمسك بأهل بيته النجاة وجعلهم وصلة اليها. ومحصوله: الحث على التعلق بحبهم وحبلهم واعظامهم شكراً لنعمة مشرّفهم والأخذ بهدي علمائهم فمن أخذ بذلك نجا من ظلمات المخالفة، وأدّى شكر النعمة المترادفة، ومن تخلّف عنه غرق في بحار الكفران وتيار الطغيان، فاستحق النيران، لما أن بغضهم يوجب النار كما جاء في عدة أخبار، كيف وهم أبناء أئمة الهدى ومصابيح الدجى الذين احتج الله بهم على عباده، وهم فروع الشجرة المباركة وبقايا الصفوة الذين أذهب عنهم الرجس وطهّرهم وبرأهم من الآفات وافترض مودتهم في كثير من الآيات وهم العروة الوثقى ومعدن التقى»(14).
قال نور الدين علي بن أحمد السمهودي: «قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم (مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح في قومه) الحديث، وجهه ان النجاة ثبتت لأهل سفينة من قوم نوح عليه السلام، وقد سبق في الذكر قبله في حثه صلّى الله عليه وآله وسلّم على التمسك بالثقلين كتاب الله وعترته قوله صلّى الله عليه وسلّم (فانهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض) وقوله في بعض الطرق (نبّأني بذلك اللطيف الخبير) فاثبت لهم بذلك النجاة، وجعلهم وسيلة اليها، فتم التمثيل المذكور، ومحصله الحث على التعلق بحبلهم وحبهم واعظامهم، شكراً لنعمة مشرّفهم صلى الله وسلّم عليه وعليهم، والأخذ بهدى علمائهم ومحاسن اخلاقهم وشيمهم، فمن أخذ بذلك نجا من ظلمات المخالفة وادّى شكر النعمة الوارفة، ومن تخلّف عنهم غرق في بحار الكفران وتيار الطغيان فاستوجب النيران، لما سيأتي في الذكر الحادي عشر من انّ بغضهم يوجب دخول النار ويرشد لذلك ما سبق في الذكر الحادي عشر من انّ بغضهم يوجب دخول النار. ويرشد لذلك ما سبق في الذكر قبله من حديث أبي سعيد مرفوعاً: ان لله عزّوجل ثلاث حُرُمات، فمن حفظهن حفظ الله تعالى دينه ودنياه ومن لم يحفظهن لم يحفظ الله له ديناً ولا آخرته قلت: وما هن؟ قال صلّى الله عليه وآله وسلّم حرمة الاسلام، وحرمتي، وحرمة رحمي.
قلت: فمن حفظ الحرمات الثلاثة فقد ركب في سفينة النجاة ومن لم يحفظهن فقد تخلّف عن سفينة النجاة. وسيأتي في الذكر العاشر حديث (يرد الحوض أهل بيتي، ومن أحبهم من امّتي كهاتين السبابتين) خرجه الملاّ. ويشهد له قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم المرء مع من أحب»(15).
أقول: روى حديث السفينة علماء أهل السنّة وحفاظهم ونذكر بعضهم:
1 ـ جلال الدين السيوطي، فقد روى حديث السفينة في تفسيره (الدر المنثور) ج3 ص334. وفي (الجامع الصغير) بشرح المناوي ج2 ص915 رقم 2442 وفي (الخصائص الكبرى).
2 ـ أبو المؤيد الموفق بن أحمد المكي في (مقتل الحسين) ج1 ص104.
3 ـ الشيخ محمّد صدر العالم في (معارج العلى في مناقب المرتضى) ص146.
4 ـ يوسف بن قزاوغلي سبط ابن الجوزي في (تذكرة الخواص) ص323.
5 ـ جمال الدين الزرندي الحنفي في (نظم درر السمطين) ص235.
6 ـ علي بن محمّد بن الصباغ المالكي في (الفصول المهمّة) ص26.
7 ـ السيد أحمد زيني المشهور بدحلان في (الفتح المبين في فضائل الخلفاء الراشدين وأهل البيت الطاهرين) ط هامش السيرة النبوية ج2 ص282.
8 ـ ملك العلماء شهاب الدين الدولت آبادي في (هداية السعداء)ص 723.
9 ـ محمّد الصبّان في (اسعاف الراغبين) بهامش (نور الأبصار) ص111.
10 ـ الشيخ عبد الرؤوف المناوي المصري في (كنوز الحقائق) نقله القندوزي في ينابعى المودة الباب السادس والخمسون ص181.
11 ـ مجد الدين ابن الأثير، في (النهاية) والأثر ج2 ص298.
12 ـ محمّد مرتضى الزبيدي في (تاج العروس) ج2 ص259.
وقد أفرد العلامة السيد حامد حسين قدس سره لحديث السفينة جزءاً من موسوعته القيّمة (عبقات الأنوار في إمامة الأئمة الأطهار).
(1) ذخائر العقبى ص20 ورواه الحضرمي في وسيلة المآل ص120.
(2) ينابيع المودّة ص245.
(3) الدر المنثور ج1 ص71 ذيل آية: 58 سورة البقرة.
(4) المناقب ص132 رقم 173، ورواه السخاوي في استجلاب ارتقاء الغرف ص81 مخطوط، ورواه الحضرمي في وسيلة المآل ص120.
(5) فرائد السمطين ج2 ص244 رقم 517، ورواه القندوزي الحنفي في ينابيع المودة ص28.
(6) مجمع الزوائد ج9 ص168، ورواه السخاوي في استجلاب ارتقاء الغرف ص81، والحمويني في فرائد السمطين ج2 ص242 رقم516، والقندوزي في ينابيع المودة ص28، والكنجي في كفاية الطالب ص378، والحضرمي في وسيلة المآل ص121.
(7) تاريخ بغداد ج12 ص91.
(8) المناقب ص132 رقم 174، ورواه القندوزي الحنفي ينابيع المودة ص28.
(9) مجمع الزوائد ج9 ص168، ورواه السخاوي في استجلاب ارتقاء الغرف ص81، والحضرمي في وسيلة المآل ص120.
(10) فرائد السمطين ج2 ص246 رقم519، ورواه البدخشي في نزل الأبرار ص6 مع فرق.
ورواه الحاكم النيسابوري في المستدرك على الصحيحين ج2 ص344 وفي ج3 ص150. والقندوزي في ينابيع المودة ص27 مع فرق.
(11) مجمع الزوائد ج9 ص168، ورواه ابن المغازلي في المناقب ص134 رقم177 ورواه الذهبي في ميزان الاعتدال ج1 ص482 رقم /1826، وقال: وفي لفظ ]ومن قاتلهم فكأنما قاتل مع الدجال[ ورواه العاصمي في زين الفتى في وجه الشبه مع نوح ص373. وروى 2 و3 البدخشي في مفتاح النجاء ص15.
(12) الصواعق المحرقة ص91 الآية السابعة.
(13) فرائد السمطين ج2 ص249 رقم 519.
(14) فيض القدير ج2 ص519.
(15) جواهر العقدين، العقد الثاني، الذكر الخامس ص190.