أصحاب علي بن الحسين و تلامذته
رجع الإمام علي بن الحسين عليه السّلام من كربلاء إلى المدينة، وقد أودعه أبوه سيد الشهداء أسرار الإمامة متحملا أعباء الخلافة الإلهية، حجّةً لله على خلقه، فماذا يصنع بعد الإياب؟ أيأخذ بالثأر، أم يصبر وفي العين قذى؟ لأن الظروف لا تسمح له بأخذ الثأر وقد شاهد تلك الفادحة المؤلمة في كربلاء، وأدرك أن وقعة الطف الدامية قد كفته أعباء الحرب بإظهارها ضلال الأمويين، وبعدهم عن تعاليم الإسلام، وهذا ما دعاه الى الاعتزال مؤثراً البعد عن الضجيج والاختلاط بالناس ليحفظ بهذه الطريقة السلبية القويمة دمه الزكي ودماء شيعته الأبرار.
عاصر الإمام في مدة إمامته يزيد بن معاوية، ومعاوية بن يزيد، ومروان بن الحكم، وعبد الملك بن مروان، والوليد بن عبد الملك. وكان سلام الله عليه يتجرع أنواع الآلام والغصص منهم ومن ولاتهم ويقاسي شيعته وأتباعه منهم القسوة والشدة.
مع هذه المشاكل التي سجل التاريخ الخزي على مؤججيها، كان علي بن الحسين مشغولا بنشر العلم وإنارة الأفكار وتهذيب الأخلاق، فكثر تلاميذه والآخذون من معادن حكمه، في أنواع العلوم، ولقد أخذ منه وتلمذ عنده علماء البلاد القريبة والبعيدة، وسجل شيخ الطائفة أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسي أسماءهم على حسب حروف التهجي وهم مائة وواحد وسبعون.
Menu