(2) علي فسّر القرآن
روى الحاكم الحسكاني باسناده عن أبي صالح في قوله تعالى: (وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ)(1) قال: «علي بن أبي طالب، كان عالماً بالتفسير والتأويل، والناسخ والمنسوخ، والحلال والحرام»(2).
وروى الكنجي باسناده عن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن جده عن أبيه، عن علي عليه السّلام قال: «كنت ادخل على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ليلا ونهاراً فكنت إذا سألته اجابني، وإذا سكت ابتدأني، وما نزلت عليه آية الا قرأتها، وعلمت تفسيرها وتأويلها، ودعا الله لي ان لا أنسى شيئاً علمني اياه فما نسيته من حرام وحلال وأمر ونهي وطاعة ومعصية، وقد وضع يده على صدري، وقال: اللّهم املأ قلبه علماً، وفهماً، وحكماً، ونوراً، ثم قال لي: أخبرني ربي عزّوجل انّه قد استجاب لي فيك»(3).
قال السيوطي: «النوع الثمانون في طبقات المفسرين:
اما الخلفاء فأكثر من روي عنه منهم علي بن أبي طالب، والرواية عن الثلاثة نزرة جداً، وكان السبب في ذلك تقدم وفاتهم، كما أن ذلك هو السبب في قلة رواية أبي بكر رضي الله عنه للحديث، ولا احفظ عن أبي بكر رضي الله عنه في التفسير الاّ آثاراً قليلة جداً، لا تكاد تجاوز العشرة.
وامّا علي فروي عنه الكثير، وقد روى معمر عن وهب بن عبدالله عن أبي الطفيل، قال: شهدت علياً يخطب وهو يقول: سلوني فوالله لا تسألون عن شيء الاّ أخبرتكم، وسلوني عن كتاب الله، فوالله ما من آية الاّ وأنا اعلم، أبليل نزلت، ام بنهار، ام في سهل، ام في جبل. وأخرج أبو نعيم في [الحلية] عن ابن مسعود، قال: ان القرآن أنزل على سبعة احرف ما منها حرف الاّ وله ظهر وبطن، وان علي بن أبي طالب عنده منه الظاهر والباطن.
وأخرج ايضاً من طريق أبي بكر بن عياش، عن نصر بن سليمان الاحمشي عن أبيه عن علي، قال: والله ما نزلت آية الاّ وقد علمت فيم أنزلت واين أنزلت، ان ربي وهب لي قلباً عقولا ولساناً سؤولا»(4).
وقال ايضاً: «فائدة ـ قال ابن أبي جمرة: عن علي رضي الله عنه، انه قال لو شئت ان أوقر سبعين بعيراً من تفسير أم القرآن لفعلت، وبيان ذلك: انّه إذا قال (الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) يحتاج تبيين معنى الحمد، وما يتعلق به الاسم الجليل الذي هو الله وما يليق به من التنزيه. ثم يحتاج إلى بيان العالم وكيفيّته، على جميع أنواعه واعداده، وهي الف عالم اربعمائة في البر، وستمائة في البحر، فيحتاج إلى بيان ذلك كله .
فإذا قال (الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) يحتاج إلى بيان الاسمين الجليلين، وما يليق بهما من الجلال، وما معناهما، ثم يحتاج إلى بيان جميع الاسماء والصفات، ثم يحتاج إلى بيان الحكمة في اختصاص هذا الموضع بهذين الاسمين دون غيرهما.
فإذا قال (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) يحتاج إلى بيان ذلك اليوم وما فيه من المواطن والاهوال، وكيفية مستقره.
فإذا قال: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) يحتاج إلى بيان المعبود من جلالته والعبادة وكيفيتها، وصفتها وادائها على جميع انواعها والعابد في صفته والاستعانة وادائها، وكيفيتها.
فإذا قال: (اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ)(5) إلى آخر السورة، يحتاج إلى بيان الهداية ما هي، والصراط المستقيم واضداده وتبيين المغضوب عليهم، والضالين وصفاتهم، وما يتعلق بهذا النوع، وتبيين المرضي عنهم وصفاتهم وطريقتهم، فعلى هذه الوجوه يكون ما قاله علي من هذا القبيل»(6).
وروى العلامة المجلسي عن ابن عباس قال: «قال لي علي عليه السّلام يا ابن عباس إذا صليت العشاء الاخرة فالحقني إلى الجبان(7)، قال: فصلّيت ولحقته، وكانت ليلة مقمرة، قال: فقال لي: ما تفسير الالف من الحمد، والحمد جميعاً؟ قال: فما تفسير اللام من الحمد قال: فقلت لا اعلم، قال تكلم في تفسيرها ساعة تامة، ثم قال فما تفسير الحاء من الحمد؟ قال: فقلت لا اعلم، قال: تكلم في تفسيرها ساعة تامة ثم قال لي: فما تفسير الميم من الحمد؟ قال: فقلت لا اعلم، قال: فتكلم في تفسيرها ساعة، ثم قال: فما تفسير الدال من الحمد؟ قال: قلت لا ادري، فتكلم فيها إلى أن برق عمود الفجر، قال، فقال لي: قم يا ابن عباس إلى منزلك فتأهب لفرضك، فقمت وقد وعيت كل ما قال، قال: ثم تفكرت فإذا علمي بالقرآن في علم علي عليه السّلام كالقرارة في المتفجر قال: القرارة: الغدير، المتفجر: البحر»(8).
وقال المجلسي: «سألوه صلوات الله عليه، عن لفظ الوحي في كتاب الله تعالى فقال: منه وحي النبوة، ومنه وحي الالهام، ومنه وحي الاشارة، ومنه وحي أمر، ومنه وحي كذب، ومنه وحي تقدير، ومنه وحي الرسالة.
فامّا تفسير وحي النبوة والرسالة، فهو قوله تعالى (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوح وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإْسْحَقَ وَيَعْقُوبَ)(9) إلى آخر الآية.
وأما وحي الالهام، قوله عزّوجل: (وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ)(10) ومثله: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ)(11).
وامّا وحي الاشارة، فقوله عزّوجل (فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الِْمحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيّاً)(12) اي اشار اليهم لقوله تعالى: (أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاَثَةَ أَيَّام إِلاَّ رَمْزاً)(13).
وأما وحي التقدير فقوله تعالى: (وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاء أَمْرَهَا)(14).
وأما وحي الأمر فقوله سبحانه: (وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُواْ بِي وَبِرَسُولِي)(15).
وأما وحي الكذب فقوله عزّوجل: (شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْض)(16) إلى آخر الآية.
وأما وحي الخبر فقوله سبحانه: (وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاَةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ)(17)»(18).
قال النديم في باب تسمية الكتب المصنفة في تفسير القرآن: «كتاب الباقر محمّد بن علي بن الحسين بن علي»(19).
وروى ابن مردويه بسنده عن انس بن مالك قال: «بينا أنا عند رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: الآن يدخل سيد المسلمين، وأميرالمؤمنين، وخير الوصيين، واولى الناس بالنبيين، اذ طلع علي بن أبي طالب فاخذ رسول الله يمسح العرق من وجهه ويمسح به وجه علي بن أبي طالب، ويمسح العرق من وجه علي ويمسح به وجهه، فقال له علي: يا رسول الله نزل فيّ شيء؟ قال: اما ترضى ان تكون مني بمنزلة هارون من موسى الاّ انّه لا نبي بعدي. أنت أخي ووزيري وخير من اخلف بعدي. تقضي ديني وتنجز وعدي وتبين لهم ما اختلفوا فيه من بعدي، وتعلمهم من تأويل القرآن ما لم يعلموا، وتجاهدهم على التأويل كما جاهدتهم على التنزيل»(20).
روى الشنقيطي باسناده عن أبي الطفيل: «كان علي يقول: سلوني سلوني وسلوني عن كتاب الله تعالى، فوالله ما من آية الاّ وأنا اعلم أنزلت بليل أو نهار… في سهل ام جبل… ولو شئت أوقرت سبعين بعيراً من تفسير فاتحة الكتاب»(21).
قال العاصمي: «رأيت في بعض الكتب: دخل قوم من اليهود على علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وقالوا له: لو لا ثلاث آيات في كتابكم لآمنا برسولكم،فقال علي بن أبي طالب: وما تلك الآيات؟ قال: احداها: (مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ)(22) كيف يكون طاعة المخلوق كطاعة الخالق، والثانية: قوله (كُلَّ يَوْم هُوَ فِي شَأْن)(23) فأي شأن ذلك؟ والثالثة قوله: (وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى)(24)وهذا من صفة النائحة والمسخرة.
فقال علي كرم الله وجهه: أما قوله: (مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ) فكأنه يقول ان لم تبلغ تماماً إلى طاعتي فلا تقصر في طاعة الرسول لكي أهب تقصيرك في طاعتي بحرمة طاعة الرسول، واما قوله: (كُلَّ يَوْم هُوَ فِي شَأْن)فمن شأنه ثلاثة اشياء: أولها ينقل قوماً من أصلاب الآباء إلى ارحام الامهات، وقوماً ينقلهم من أرحام الامهات إلى الدنيا، وقوماً يخرجهم من الدنيا إلى الآخرة، فهو ينقل هذه العساكر الثلاثة آناء الليل وآناء النهار، واما قوله: (أَضْحَكَ وَأَبْكَى)فمعناه أضحك الأرض بالأشجار والأشجار بالأنوار، وأبكى السماء بالامطار»(25).
قال ابن أبي الحديد: «ومن العلوم علم تفسير القرآن وعنه أخذ ومنه فرع، وإذا رجعت إلى كتب التفسير علمت صحة ذلك، لأن أكثره عنه وعن عبد الله بن عباس، وقد علم الناس حال ابن عباس في ملازمته له وانقطاعه إليه وانه تلميذه وخريجه وقيل له: اين علمك من علم ابن عمك؟ فقال: كنسبة قطرة من المطر إلى البحر المحيط»(26).
روى محمّد بن رستم باسناده عن أنس عن رسول الله أنه قال لعلي: «أنت أخي ووزيري وخير من أخلّف بعدي وتقضي ديني وتنجز موعدي وتبيّن لهم ما اختلفوا فيه من بعدي، وتعلّمهم من تأويل القرآن ما لم يعلموا، وتجاهدهم على التأويل كما جاهدتهم على التنزيل»(27).
قال الزرندي: «قال الشعبي: ما كان أحد من هذه الأمة اعلم بما بين اللوحين وبما أنزل على محمّد صلّى الله عليه وآله من علي»(28).
وروى ابن عساكر باسناده عن سيف بن وهب، قال: «دخلت على رجل بمكة يكنى أبا الطفيل، فقال: أقبل علي بن أبي طالب ذات يوم حتى صعد المنبر فحمد الله واثنى عليه، ثم قال: يا أيّها الناس سلوني قبل ان تفقدوني. فوالله ما بين لوحي المصحف آية تخفى علي، فيما أنزلت ولا اين نزلت ولا ما عني بها»(29).
وروى باسناده عنه قال: «سمعت علياً وهو يخطب الناس فقال: يا أيّها الناس سلوني فانكم لا تجدون احداً بعدي هو اعلم بما تسألونه منّي، ولا تجدون احداً اعلم بما بين اللوحين مني، فسلوني»(30).
قال أبو جعفر الاسكافي: ذكروا ان ابن الكواء لما سمع علياً عليه السّلام يقول: سلوني قبل ان تفقدوني، سلوني فان العلم يقبض قبضاً، سلوني فإن بين الجوانح مني علماً جمّاً.
فقام إليه ابن الكوّاء فقال: أنا أسألك يا أميرالمؤمنين، فقال: سل تفقهاً ولا تسأل تعنتاً. وسل عمّا يعنيك ودع ما لا يعنيك، قال: يا أميرالمؤمنين، ما (وَالذَّارِيَاتِ ذَرْواً)؟ قال: تلك الرياح.
قال: فما (فَالْحَامِلاَتِ وِقْراً)؟ قال: تلك السحاب.
قال: فما (فَالْجَارِيَاتِ يُسْراً)؟ قال: تلك السفن.
قال: فما (فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْراً)(31)؟ قال: تلك الملائكة.
قال: فحدثني عن قول الله: (وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ * وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ)(32).
قال: ذلك الضراح(33) بيت في السماء يدخله كل يوم سبعون ألف ملك.
قال: فحدثني عن ذي القرنين، أنبي أم ملك؟ قال: ليس واحد منهما. ولكن كان عبداً نصح الله فنصح الله له واحبّ الله فأحبه.
قال: فأخبرني فيمن نزلت هذه الآية: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللّهِ كُفْراً وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ)(34) قال: هم الأفجران من قريش، بنو امية وبنو المغيرة، فاما بنو المغيرة فقطع الله دابرهم يوم بدر، واما بنوا امية فمتعوا إلى حين.
قال: فحدثني عن قوله: (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالاَْخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً)(35) قال: هم أهل حروراء.
قال: يا أميرالمؤمنين، فحدثني عن هذه المجرة ما هي؟ قال: هذه اسراج السماء ومنها هبط من السماء الماء المنهمر.
قال: يا أميرالمؤمنين: فحدثني عن قوس قزح؟ قال: لا تقل قوس قزح، ولكنها قوس الله وامان من الغرق.
قال: فحدثني عن هذا المحق الذي في القمر ما هو؟ قال: قال الله (فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً)(36) كان ضوء القمر مثل ضوء الشمس فمحاه الله.
قال: فحدثني عن اصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: سل عمن احببت، قال: عبد الله بن مسعود، قال: قرأ القرآن وقام عنده.
قال: فحدثني عن أبي ذر الغفاري، قال: عالم شحيح على علمه.
قال: فعن حذيفة بن اليمان حدثني، قال: عرف المنافقين وسأل عن المعضلات ولو سألتموه وجدتموه بها خبيراً.
قال: فحدثني عن سلمان الفارسي؟ قال: علم علم الأول وعلم الآخر وهو بحر لا ينزح، ويحك ومن لك بلقمان الحكيم؟ وهو منّا أهل البيت.
قال: فحدثني عن عمّار بن ياسر، قال: خالط الايمان شعره وبشره ولحمه ودمه وعصبه وعظامه وهو محرّم على النار، كيف زال الحق زال معه عمّار.
قال: فحدثني عن نفسك، قال: قال الله: (فَلاَ تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ)(37) قال: وقد قال: (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ)(38).
قال: ويحك كنت أول داخل على النبي وآخر خارج من عنده، وكنت إذا سألت اعطيت وإذا سكتّ ابتديت، وكنت أدخل على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في كل يوم دخلة وفي كل ليلة دخلة. وربما كان ذلك في بيتي يأتيني رسول الله عليه الصلاة والسلام أكثر من ذلك في منزلي، فإذا دخلت عليه في بعض منازله أخلا بي واقام نساءه فلم يبق عنده غيري، وإذا أتاني لم يقم فاطمة ولا احداً من ولدي، فإذا سألته اجابني وإذا سكت عنه ونفدت مسائلي ابتدأني، فما نزلت على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم آية من القرآن الا اقرأنيها وأملاها عليّ وكتبتها بخطّي فدعا الله ان يفهمني ويعطيني، فما نزلت آية من كتاب الله الاّ حفظتها وعلمني تأويلها.
وما تركت شيئاً من حلال ولا حرام الا وقد حفظته وعلمني تأويله، لم أنس منه حرفاً واحداً منذ وضع يده صلّى الله عليه وآله وسلّم على صدري فدعا الله ان يملأ قلبي فهماً وعلماً وحكماً ونوراً»(39).
روى البدخشي باسناده عن ابن مسعود قال: «ان القرآن أنزل على سبعة احرف ما من حرف الاّ وله ظهر وبطن. وان علي بن أبي طالب عليه السّلام عنده منه الظاهر والباطن»(40).
(1) سو رة الرعد: 43.
(2) شواهد التنزيل ج1 ص310 رقم /427.
(3) كفاية الطالب ص199.
(4) الاتقان في علوم القرآن ج2 ص187.
(5) سورة الفاتحة 1ـ6.
(6) الاتقان ص186.
(7) الجبّان: في الاصل الصحراء، معجم البلدان ـ مراصد الاطلاع.
(8) بحار الأنوار ج19 ص28 الطبعة القديمة.
(9) سورة النساء: 163.
(10) سورة النحل: 68.
(11) سورة القصص: 7.
(12) سورة مريم: 11.
(13) سورة آل عمران: 41.
(14) سورة فصلت: 12.
(15) سورة المائدة: 111.
(16) سورة الانعام: 112.
(17) سورة الانبياء: 73.
(18) بحار الأنوار ج19 ص98 ط قديم .
قال الذهبي: «مبلغه من العلم: كان رضي الله عنه بحراً في العلم، وكان قوي الحجّة، سليم الاستنباط أوتي الحظ الاوفر من الفصاحة، والخطابة والشعر، وكان ذا عقل قضائي ناضج، وبصيرة نافذة إلى بواطن الأمور وكثيراً ما كان يرجع إليه الصحابة في فهم ما خفي، واستجلاء ما أشكل، وقد ولاّه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قضاء اليمن، ودعا له بقوله «اللّهم ثبّت لسانه واهد قلبه» فكان موفقاً ومسدداً، فيصلا في المعضلات حتى ضرب به المثل فقيل «قضيةٌ ولا أبا حسن لها» ولا عجب، فقد تربّى في بيت النبوة وتغذّى بلبان معارفها، وعمّته مشكاة انوارها.
روى علقمة عن ابن مسعود، قال: كنا نتحدّث ان اقضى المدينة علي بن أبي طالب. وقيل لعطاء: أكان في اصحاب محمّد اعلم من علي؟ قال: لا والله لا أعلمه.
وروى سعيد بن جبير عن ابن عبّاس قال: «إذا ثبت لنا الشيء عن علي لم نعدل عنه إلى غيره والذي يرجع إلى اقضية علي رضي الله عنه وخطبه ووصاياه، يرى أنه قد وهب عقلا ناضجاً، وبصيرة نافذة، وحظاً وافراً من العلم وقوة البيان.
مكانته في التفسير: جمع علي رضي الله عنه إلى مهارته في القضاء والفتوى، علمه بكتاب الله وفهمه لا سراره وخفي معانيه فكان اعلم الصحابة بمواقع التنزيل، ومعرفة التأويل وقد روى عن ابن عباس أنه قال: «ما أخذت من تفسير القرآن فعن علي بن أبي طالب» وأخرج أبو نعيم في الحلية عن علي رضي الله عنه أنه قال: «والله ما نزلت آية الاّ وقد علمت فيم نزلت، واين نزلت، ان ربي وهب لي قلباً عقولا ولساناً سؤولا».
وعن أبي الطفيل قال: «شهدت علياً يخطب وهو يقول: سلوني، فوالله لا تسألوني عن شيء إلا أخبرتكم، وسلوني عن كتاب الله، فوالله ما من آية الاّ وأنا اعلم. أبليل نزلت. أم بنهار، ام في سهل ام في جبل».
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود قال: «انّ القرآن أنزل على سبعة أحرف ما منها حرف، الا وله ظهر وبطن، وان علي بن أبي طالب عنده منه الظاهر والباطن» وغير هذا كثير من الآثار التي تشهد له بأنّه كان صدر المفسّرين والمؤيد فيهم».
الرواية عن علي ومبلغها من الصحة: كثرت الرواية في التفسير عن علي رضي الله عنه كثرة جاوزت الحد الأمر الذي لفت أنظار العلماء النقاد، وجعلهم يتتبعون الرواية عنه، بالبحث والتحقيق، ليميزوا ما صح من غيره».
وقال في أشهر المفسرين في الصحابة: «اما علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فهو أكثر الخلفاء الراشدين رواية عنه في التفسير والسبب في ذلك راجع إلى تفرغه من مهام الخلافة مدة طويلة دامت إلى نهاية خلافة عثمان رضي الله عنه، وتأخر وفاته إلى زمن كثرت فيه حاجة الناس إلى من يفسّر لهم ما خفي عنهم من معاني القرآن، وذلك ناشيء من اتساع رقعة الاسلام، ودخول كثير من الأعاجم في دين الله، مما كاد يذهب بخصائص اللغة العربية». التفسير والمفسرون ج1 ص88 وص63.
(19) الفهرست ص 36.
(20) كتاب اليقين ص12 مخطوط.
(21) كفاية الطالب بمناقب علي بن أبي طالب ص47.
(22) سورة النساء: 80.
(23) سورة الرحمن: 29.
(24) سورة النجم: 43.
(25) زين الفتى في تفسير سورة هل أتى ص251 ص252 مخطوط.
(26) شرح نهج البلاغة طبع مصر ج1 ص6.
(27) تحفة المحبين بمناقب الخلفاء الراشدين ص185 مخطوط.
(28) نظم درر السمطين ص128.
(29 و5) ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ مدينة دمشق ج3 ص20 رقم 1036 وص 22 رقم 1040.
(31) سورة الذاريات: 1ـ4.
(32) سورة الطور: 4ـ5.
(33) الضراح بيت في السماء حيال الكعبة وقد جاء ذكره في حديث على ومجاهد. النهاية ج3 ص81.
(34) سورة إبراهيم: 28.
(35) سورة الكهف: 103ـ104.
(36) سورة الاسراء: 12.
(37) سورة النجم: 32.
(38) سورة الضحى: 11.
(39) المعيار والموازنة ص298.
(40) مفتاح النجاء ص86.