البابُ الثَلاثون: عليٌ (عليه السلام) وَالقرآن
1 ـ علي عليه السّلام، جمع القرآن.
2 ـ علي عليه السّلام، فسر القرآن.
3 ـ علي عليه السّلام، مع القرآن.
4 ـ علي عليه السّلام، معلم القرآن.
5 ـ علي عليه السّلام، وعدد الآيات النازلة فيه.
6 ـ علي عليه السّلام، وما نزل فيه.
(1) علّي جمع القرآن
روى الخوارزمي بإسناده عن نصر بن سليمان الاحمشي عن أبيه، قال: قال علي عليه السّلام: «ما انزلت آية الاّ وقد علمت فيما أنزلت واين أنزلت وعلى من أنزلت، ان ربي وهب لي لساناً طلقاً وقلباً عقولا»(1).
وباسناده عن عبدالله بن مسعود، قال: «قرأت على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم سبعين سورة، وختمت القرآن على خير الناس علي بن أبي طالب عليه السّلام»(2).
وبإسناده عن علي بن رباح. قال: «جمع القرآن على عهد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم علي بن أبي طالب واُبيّ بن كعب»(3).
وبإسناده عن أبي الطفيل قال: «قال علي بن أبي طالب عليه السّلام: سلوني عن كتاب الله عزّوجل فانّه ليس من آية الاّ وقد عرفت أبليل أنزلت أم بنهار، أم في سهل، أم في جبل»(4).
وباسناده عن عبد خير عن علي عليه السّلام قال: «لما قبض رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أقسمت أو حلفت ان لا أضع ردائي على ظهري حتى أجمع ما بين اللوحين، فما وضعت ردائي على ظهري حتى جمعت القرآن»(5).
وروى ابن النديم باسناده عن عبد خير عن علي عليه السّلام «انّه رأى من الناس طيرة عند وفاة النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم، فأقسم انه لا يضع عن ظهره رداءه حتى يجمع القرآن، فجلس في بيته ثلاثة ايام حتى جمع القرآن. فهو أول مصحف جمع فيه القرآن من قلبه، وكان المصحف عند أهل جعفر، ورأيت أنا في زماننا عند أبي يعلى حمزة الحسني رحمه الله مصحفاً قد سقط منه اوراق بخط علي ابن أبي طالب يتوارثه بنو حسن على مر الزمان»(6).
وروى العلامة المجلسي باسناده عن سليم بن قيس الهلالي، قال: «سمعت عليّاً عليه السّلام يقول: ما نزلت على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم آية من القرآن الاّ أقرأنيها وأملاها عليّ فكتبتها بخطي وعلمني تأويلها وتفسيرها، وناسخها ومنسوخها، ومحكمها ومتشابهها، ودعا الله عزّوجل ان يعلمني فهمها وحفظها. فما نسيت آية من كتاب الله عزّوجل ولا علماً أملاه علي فكتبته وما ترك شيئاً علمه الله عزّوجل من حلال، ولا حرام، ولا أمر، ولا نهي، وما كان أو يكون من طاعة او معصية الاّ علمنيه وحفظته، فلم أنس منه حرفاً واحداً. ثم وضع يده على صدري ودعا الله تبارك وتعالى بأن يملأ قلبي علماً وفماً، وحكمة ونوراً، ولم أنس من ذلك شيئاً ولم يفتني من ذلك شيء لم اكتبه فقلت: يا رسول الله أتتخوف علي النسيان فيما بعد؟ فقال عليه السّلام لست اتخوف عليك نسياناً ولا جهلا، وقد أخبرني ربي عزّوجل انه قد استجاب لي فيك وفي شركائك الذين يكونون من بعدك، فقلت: يا رسول الله، ومن شركائي من بعدي؟ قال: الذين قرنهم الله عزّوجل بنفسه وبي فقال: (أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ)(7) الآية، فقلت: يا رسول الله ومن هم؟ فقال: الأوصياء مني إلى ان يردوا علي الحوض، كلّهم هاد مهتد لا يضرهم من خذلهم، هم مع القرآن والقرآن معهم لا يفارقهم ولا يفارقونه، فبهم تنصر امتي وبهم يمطرون، وبهم يدفع عنهم البلاء وبهم يستجاب دعاؤهم، فقلت: يا رسول الله سمهم لي، فقال: ابني هذا ووضع يده على رأس الحسن، ثم ابني هذا، ووضع يده على رأس الحسين، ثم ابن له يقال له علي، سيولد في حياتك فاقرأه مني السلام، ثم تكملته اثنا عشر اماماً، فقلت بأبي أنت وامّي فسمّهم لي فسمّاهم رجلا رجلا، فقال: فيهم والله ـ يا أخا بني هلال ـ مهدي اُمة محمّد الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلا، كما ملئت ظلماً وجوراً، والله اني لأعرف من يبايعه بين الركن والمقام، وأعرف أسماء آبائهم وقبائلهم»(8).
قال ابن أبي الحديد: «وأما قراءته القرآن والاشتغال به، فهو المنظور إليه في هذا الباب، اتفق الكل على انه كان يحفظ القرآن على عهد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ولم يكن غيره يحفظه.
ثم هو أول من جمعه، نقلوا كلهم انه تأخر عن بيعة أبي بكر، فأهل الحديث لا يقولون ما تقوله الشيعة من انه تأخر مخالفة للبيعة، بل يقولون تشاغل بجمع القرآن، فهذا يدل على انه أول من جمع القرآن، لأنه لو كان مجموعاً في حياة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، لما احتاج إلى ان يتشاغل بجمعه بعد وفاته صلّى الله عليه وآله وسلّم. وإذا رجعت إلى كتب القراءات وجدت أئمة القراء كلهم يرجعون اليه كأبي عمرو بن العلاء وعاصم بن أبي النجود وغيرهما، لأنهم يرجعون إلى أبي عبد الرحمن السلمي القاريء، وأبو عبد الرحمن كان تلميذه وعنه أخذ القرآن، فقد صار هذا الفن من الفنون التي تنتهي اليه ايضاً مثل كثير مما سبق»(9).
قال ابن حجر: «علي عليه السّلام أحد من جمع القرآن وعرضه على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وعرض عليه أبو الأسود الدؤلي وأبو عبد الرحمن السلمي، وعبد الرحمن ابن أبي ليلى»(10).
(1) المناقب الفصل السابع ص46، ورواه الوصّابي في أسنى المطالب الباب التاسع ص46 رقم 5 مع فرق.
(2) المصدر ص48 ورواه البدخشي في مفتاح النجاء ص86.
(3) المصدر ص49، ورواه السيد شهاب الدين أحمد في توضيح الدلائل في تصحيح الفضائل ص418.
(4) المصدر، ورواه ابن حجر في الاصابة ج2 ص509 مع فرق، والوصّابي في أسنى المطالب الباب التاسع ص46.
(5) المناقب ص49، ورواه أبو نعيم في حلية الأولياء، ج1 ص67، والسيد شهاب الدين أحمد في توضيح الدلائل ص418.
(6) الفهرست ص30.
(7) سورة النساء: 59.
(8) البحار ج19 ص26 الطبعة القديمة.
(9) شرح نهج البلاغه ط مصر ج1 ص9.
(10) الصواعق المحرقة ص72 قال العلاّمة السيد عبد الحسين شرف الدين: « الاجماع قائم على أن ليس لهم في العصر الأوّل تأليف أصلا وأمّا علي وخاصّته فانهم تصدّوا لذلك في القرن الأول، وأول شيء سجله أمير المؤمنين عليه السّلام كتاب الله العزيز، فانه بعد الفراغ من أمر النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم آلى على نفسه أن لا يرتدي الاّ للصلاة أو يجمعه، فجمعه مرتباً على حسب ترتيبه في النزول، وأشار إلى عامه وخاصه، ومطلقه ومقيّده، ومجمله، ومبينّه، ومحكمه، ومتشابهه، وناسخه ومنسوخه ورخصه، وعزائمه، وآدابه وسننه. ونبّه على أسباب النزول في آياته البينات، وأوضح ما عساه يشكل من بعض الجهات، وكان ابن سيرين يقول: لو أصبت ذلك الكتاب كان فيه العلم، نقله عنه جماعة منهم ابن حجر في ص76 من صواعقه فراجع، وفي ص72 منه ان علياً جمع القرآن وعرضه على النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم. والصحيح ما قلناه، وبه تواترت الأخبار عن أبنائه الاخيار عليهم السّلام» مؤلفوا الشيعة ص13.