علي أحد الثقلين
روى الحاكم النيسابوري باسناده عن زيد بن أرقم قال: «لما رجع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم من حجة الوداع ونزل غدير خم أمر بدوحات فقممن فقال: كأني قد دعيت فأجبت، اني قد تركت فيكم الثقلين، أحدهما أكبر من الآخر، كتاب الله تعالى وعترتي فانظروا كيف تخلفوني فيهما، فانهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض، ثم قال: ان الله عزّوجل مولاي وأنا مولى كل مؤمن، ثم أخذ بيد علي فقال: من كنت مولاه فهذا وليه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه»(1).
وروى باسناده عنه يقول: «نزل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بين مكة والمدينة عند شجرات خمس دوحات عظام فكنس الناس ما تحت الشجرات، ثم راح رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم عشية فصلى، ثم قام خطيباً، فحمد الله واثنى عليه وذكر ووعظ، فقال ما شاء الله ان يقول، ثم قال: ايّها الناس اني تارك فيكم امرين، لن تضلوا ان اتبعتموهما، وهما كتاب الله وأهل بيتي عترتي، ثم قال: اتعلمون اني أولى بالمؤمنين من أنفسهم ـ ثلاث مرات ـ قالوا: نعم، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: من كنت مولاه فعلي مولاه»(2).
وروى الخوارزمي باسناده عن مجاهد، قال: «قيل لابن عباس: ما تقول في علي بن أبي طالب؟ فقال: ذكرت ـ والله ـ أحد الثقلين، سبق بالشهادتين، وصلى القبلتين، وبايع البيعتين، واعطي السبطين وهو أبو السبطين الحسن والحسين، وردّت عليه الشمس مرتين بعدما غابت عن الثقلين، وجرد السيف تارتين، وهو صاحب الكرتين، فمثله في الأمة مثل ذي القرنين، ذاك مولاي علي بن أبي طالب»(3).
وروى الكنجي باسناده عن أبي ذر الغفاري، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «ترد علي الحوض راية أميرالمؤمنين وامام الغر المحجلين، فأقوم فآخذ بيده فيبيض وجهه ووجوه اصحابه. وأقول: ما خلفتموني في الثقلين بعدي؟ فيقولون: تتبعنا الأكبر وصدقناه ووازرنا الأصغر ونصرناه، وقاتلنا معه، فأقول: ردوا رواء مرويين فيشربون شربة لا يظمأون بعدها أبداً، وجه امامهم كالشمس الطالعة ووجوههم كالقمر ليلة البدر أو كأضوأ نجم في السماء.
وفي هذا الخبر بشارة ونذارة من النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم، أما البشارة، فلمن آمن بالله عزّوجل ورسوله، واحب أهل بيته، وأما النذارة فلمن كفر بالله ورسوله، وابغض أهل بيته، وقال ما لا يليق بهم، ورأى رأي الخوارج أو رأي النواصب، وهو بشارة لمن أحب أهل بيته، فانه يرد الحوض ويشرب منه ولا يظمأ أبداً، وهو عنوان دخول الجنة، ومن منع من ورود الحوض لا يزال في ظمأ وذلك عنوان دوام العطش وحرمان دخول جنة المأوى.
وأما الثقلان فاحدهما كتاب الله عزّوجل، والآخر عترة النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وأهل بيته، وهما اجل الوسائل واكرم الشفعاء عند الله»(4).
وروى الذهبي باسناده عن ابن عباس: «ستكون فتنة فمن ادركها فعليه بالقرآن وعلي بن أبي طالب، فاني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وهو آخذ بيد علي، يقول: هذا أول من آمن بي وأول من يصافحني، وهو فاروق الأمة وهو يعسوب المؤمنين والمال يعسوب الظلمة وهو الصديق الأكبر، وهو خليفتي من بعدي»(5).
(1) المستدرك على الصحيحين ج3 ص109.
(2) المصدر ص110.
(3) المناقب الفصل التاسع عشر ص236.
(4) كفاية الطالب ص76.
(5) ميزان الاعتدال ج2 ص416 رقم /4295.