(سورة هود)
(وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعاً حَسَناً إِلَى أَجَل مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْل فَضْلَهُ وَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْم كَبِير)(1).
روى الحاكم الحسكاني باسناده عن جعفر بن محمّد في قوله تعالى: (وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْل فَضْلَهُ) قال: قال الباقر: «هو علي بن أبي طالب عليه السّلام»(2).
قال السيد شهاب الدين أحمد: «قال الإمام الصالحاني: هذه نزلت في أميرالمؤمنين علي عليه السّلام»(3).
روى السيد البحراني باسناده عن ابن عباس قال قوله تعالى: (وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْل فَضْلَهُ) ان المعني علي بن أبي طالب(4).
قال: علي بن إبراهيم قوله تعالى: (وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْل فَضْلَهُ) فهو علي بن أبي طالب عليه السّلام(5).
(فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَآئِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَن يَقُولُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أَوْ جَاء مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَا أَنتَ نَذِيرٌ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْء وَكِيلٌ)(6).
روى الحاكم الحسكاني باسناده عن جابر بن أرقم، عن أخيه زيد بن أرقم قال: ان جبرئيل الروح الأمين نزل على رسول الله بولاية علي بن أبي طالب عشية عرفة فضاق بذلك رسول الله مخافة تكذيب أهل الإفك والنفاق فدعا قوماً أنا فيهم فاستشارهم في ذلك ليقوم به في الموسم فلم ندر ما نقول له، وبكى صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال له جبرئيل: يا محمّد أجزعت من أمر الله؟ فقال: كلا يا جبرئيل، ولكن قد علم ربي ما لقيت من قريش إذ لم يقروا لي بالرسالة حتى أمرني بجهادهم واهبط الي جنوداً من السماء فنصروني فكيف يقرون لعلي من بعدي فانصرف عنه جبرئيل فنزل عليه: (فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَآئِقٌ بِهِ صَدْرُكَ)(7).
روى علي بن إبراهيم باسناده عن أبي عبدالله عليه السّلام أنه قال سبب نزول هذه الآية: ان رسول الله صلّى الله عليه وآله خرج ذات يوم فقال لعلي: يا علي إني سألت الله الليلة بان يجعلك وزيري ففعل، وسألته ان يجعلك وصيي ففعل وسألته ان يجعلك خليفتي في أمتي ففعل، فقال رجل من أصحابه المنافقين: والله لصاع من تمر في شن بال أحب الي مما سأل محمّد ربه، ألا سأله ملكاً يعضده أو مالا يستعين به على ما فيه ووالله ما دعا علياً قط إلى حق أو إلى باطل إلا اجابه فأنزل الله على رسوله (فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ)الآية(8).
(أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَة مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إَمَاماً وَرَحْمَةً أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَة مِّنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ)(9).
روى الطبري باسناده عن جابر عن عبدالله بن يحيى قال: «قال علي: ما من رجل من قريش الاّ وقد نزلت فيه الآية والآيتان، فقال رجلٌ: فأنت فأي شيء نزل فيك؟ فقال علي: أما تقرأ الآية التي نزلت في هود: (وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ)»(10).
قال الخوارزمي: «قوله تعالى: (أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَة مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ) قال ابن عباس: انه هو علي عليه السّلام أول من شهد للنبي وهو منه»(11).
وروى الزرندي باسناده عن ابن عباس قال: (أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَة مِّن رَّبِّهِ)رسول الله صلّى الله عليه وسلّم (وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ) علي بن أبي طالب خاصة(12).
وروى الحاكم الحسكاني باسناده عن عباد بن عبدالله قال: «كنا مع علي في الرحبة فقام اليه رجلٌ فقال: يا أميرالمؤمنين، أرأيت قول الله تعالى: (أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَة مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ) فقال علي: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ماجرت المواسي على رجل من قريش الاّ وقد نزلت فيه من كتاب الله آية أو آيتان ولأن يعلموا ما فرض الله لنا على لسان النبي الأمي أحب الي من ملء الأرض فضة، واني لأعلم ان القلم قد جرى بما هو كائن، أما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ان مثلنا فيكم كمثل سفينة نوح في قومه، ومثل باب حطة في بني اسرائيل، أتقرأ سورة هود (أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَة مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ)فرسول الله على بيّنة من ربه وأنا أتلوه والشاهد»(13).
وروى باسناده عن أنس بن مالك «في قوله عزّوجل: (أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَة مِّن رَّبِّهِ)قال: هو محمّد (وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ) قال: هو علي بن أبي طالب، كان والله لسان رسول الله إلى أهل مكة في نقض عهدهم مع رسول الله»(14).
وروى باسناده عن زاذان قال: «سمعت علياً يقول: لو ثنيت لي الوسادة فجلست عليها لحكمت بين أهل التوراة بتوراتهم، وبين أهل الانجيل بانجيلهم، وبين أهل الزبور بزبورهم، وبين أهل الفرقان بفرقانهم، بقضاء يزهر يصعد إلى الله والله ما نزلت آية في ليل أو نهار ولا سهل ولا جبل ولا بر ولا بحر الاّ وقد عرفت أي ساعة نزلت، وفيمن نزلت، وما من قريش رجل جرى عليه المواسي الاّ قد نزلت فيه آية من كتاب الله تسوقه إلى جنة أو تقوده الى نار، فقال قائلٌ: فما نزل فيك يا أميرالمؤمنين؟ قال: (أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَة مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ). فمحمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم على بينة من ربه وأنا الشاهد منه أتلو آثاره»(15).
وروى ابن أبي الحديد عن عبدالله بن الحرث قال: «قال علي عليه السّلام على المنبر: ما أحد جرت عليه المواسي الاّ وقد أنزل الله فيه قرآناً فقام إليه رجل من مبغضيه فقال له: فما أنزل الله تعالى فيك؟ فقام الناس إليه يضربونه، فقال: دعوه، أتقرأ سورة هود؟ قال: نعم، قال: فقرأ (أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَة مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ) ثم قال: الذي كان على بيّنة من ربه محمّد والشاهد الذي يتلوه أنا»(16).
وروى الكنجي باسناده عن علي عليه السّلام قال: «رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم على بيّنة من ربه، وأنا الشاهد منه»(17).
وروى العياشي باسناده عن أبي جعفر عليه السّلام قال: الذي على بيّنة من ربه رسول الله صلّى الله عليه وآله، والذي تلاه من بعده الشاهد منه أميرالمؤمنين عليه السّلام ثم اوصياؤه واحد بعد واحد(18).
أقول: روى البحراني في غاية المرام حول هذه الآية من طريق العامة ثلاثة وعشرين حديثاً ومن الخاصة أحد عشر حديثاً.
(1) سورة هود: 3.
(2) شواهد التنزيل ج1 ص271 رقم 267.
(3) توضيح الدلائل في تصحيح الفضائل ص318 مخطوط.
(4) البرهان ج2 ص206 رقم /5.
(5) تفسير القمّي ج1 ص321.
(6) سورة هود: 12.
(7) شواهد التنزيل ج1 ص372 رقم 368، ورواه العيّاشي في تفسيره ج2 ص141 رقم /10 والسيد البحراني في البرهان في تفسير القرآن ج2 ص210 رقم /4.
(8) تفسير القمي ج1 ص324، وروى الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل ج1 ص274 مع فرق.
(9) سورة هود: 17.
(10) جامع البيان (الطبري) ج 12 ص15 ورواه السيوطي في الدر المنثور ج3 ص324.
(11) المناقب: الفصل السابع عشر ص197.
(12) نظم درر السمطين ص90، ورواه الحبري الكوفي: في ما نزل من القرآن ص61.
(13) شواهد التنزيل ج1 ص276، رقم /375، ورواه ابن المغازلي في مناقب علي بن أبي طالب ص270 رقم318، والقندوزي في ينابيع المودة الباب السادس والعشرون ص99، والمتقي في منتخب كنز العمال هامش مسند أحمد ج1 ص449.
(14) شواهد التنزيل ج1 ص280 رقم 383.
(15) شواهد التنزيل رقم /384.
(16) شرح نهج البلاغة طبع مصر ج1 ص208.
(17) كفاية الطالب ص235، ورواه ابن عساكر في ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ مدينة دمشق ج2 ص421 رقم 921، والسيوطي في الدر المنثور) ج3 ص324.
(18) التفسير ج2 ص143. رقم /12.