(سورة القيامة)
(فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صَلَّى * وَلَكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى * ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى)(1).
روى الحاكم الحسكاني بإسناده عن عمّار بن ياسر قال: «كنت عند أبي ذر الغفاري في مجلس لابن عباس وعليه فسطاط وهو يحدّث الناس إذ قام أبو ذر حتى ضرب بيده الى عمود الفسطاط، ثم قال: أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني أنبأته باسمي، أنا جندب بن جنادة أبو ذر الغفاري، سألتكم بحق الله وحق رسوله. أسمعتم رسول الله يقول: ما أقلّت الغبراء ولا أظلت الخضراء ذا لهجة أصدق من أبي ذر؟ قالوا: اللهم نعم، قال: أتعلمون أيها الناس أن رسول الله جمعنا يوم غدير خم ألف وثلاثمائة رجل، وجمعنا يوم سمرات خمسمائة رجل، وفي كل ذلك يقول: اللهم من كنت مولاه فان علياً مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه فقام عمر فقال: بخ بخ لك يا ابن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة، فلما سمع ذلك معاوية بن أبي سفيان اتكأ على المغيرة بن شعبة وقام وهو يقول: لا نقرّ لعلي بولاية، ولا نصدق محمّداً في مقالته، فأنزل الله تعالى على نبيّه (فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صَلَّى * وَلَكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى * ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى) تهدّداً من الله تعالى وإنتهاراً. فقالوا: اللهم نعم»(2).
وروى باسناده عن حذيفة بن اليمان قال: «كنت والله جالساً بين يدي رسول الله وقد نزل بنا غدير خم، وقد غص المجلس بالمهاجرين والأنصار فقام رسول الله على قدميه فقال: يا أيها الناس إن الله أمرني بأمر فقال: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ) ثم نادى علي بن أبي طالب فأقامه عن يمينه، ثم قال: يا أيها الناس الم تعلموا أني أولى منكم بأنفسكم؟ قالوا: اللهم بلى، قال: من كنت مولاه فعلي مولاه اللّهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره واخذل من خذله، فقال حذيفة: فوالله لقد رأيت معاوية قام وتمطّى وخرج مغضباً واضعاً يمينه على عبد الله بن قيس الأشعري ويساره على المغيرة بن شعبة. ثم قام يمشي متمطّئاً وهو يقول: لا نصدّق محمّداً على مقالته ولا نقرّ لعلي بولايته، فأنزل الله (فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صَلَّى * وَلَكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى * ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى) فهمّ به رسول الله أن يردّه فيقتله فقال له جبرئيل: لا تحرك به لسانك لتعجل به فسكت عنه»(3).
(1) سورة القيامة: 31ـ33.
(2) شواهد التنزيل ج2 ص295 رقم 1040، ورواه فرات بن إبراهيم الكوفي في تفسيره ص295.
(3) شواهد التنزيل ج2 ص296 رقم 1041، ورواه فرات الكوفي في تفسيره ص195.