(سورة القلم)
(ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ * مَا أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُون * وَإِنَّ لَكَ لاََجْراً غَيْرَ مَمْنُون * وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُق عَظِيم * فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ * بِأَييِّكُمُ الْمَفْتُونُ * إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)(1).
روى الحاكم الحسكاني باسناده عن كعب بن عجرة وعبد الله بن مسعود، قالا: قال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وسئل عن علي فقال: علي أقدمكم إسلاماً وأوفركم إيماناً وأكثركم علماً وأرجحكم حلماً واشدكم في الله غضباً، علّمته علمي واستودعته سري ووكلته بشأني فهو خليفتي في أهلي وأميني في أمتي. فقال بعض قريش: لقد فتن عليّ رسول الله حتى ما يرى به شيئاً فأنزل الله تعالى: (فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ * بِأَييِّكُمُ الْمَفْتُونُ).
وروى باسناده عن عبدالله بن مسعود قال: غدوت إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فدخلت المسجد والناس أجفل ما كانوا، كأنّ على رؤوسهم الطير، إذ أقبل علي بن أبي طالب حتى سلّم على النبي فتغامز به بعض من كان عنده، فنظر اليهم النبي فقال: ألا تسألوني عن أفضلكم؟ قالوا: بلى، قال: أفضلكم علي بن أبي طالب، أقدمكم إسلاماً، وأوفركم ايماناً، واكثركم علماً، وارجحكم حلماً وأشدكم غضباً في الله وأشدكم نكاية في العدو، فهو عبد الله وأخو رسوله، فقد علمته علمي، واستودعته سري وهو أميني على أمتي، فقال بعض من حضر: لقد فتن عليٌ رسول الله حتى لا يرى به شيئاً فأنزل الله: (فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ * بِأَييِّكُمُ الْمَفْتُونُ).
وروى باسناده عن جعفر بن محمّد الخزاعي عن أبيه قال: سمعت أبا عبد الله يقول: نزل (وَإِنَّ لَكَ لاََجْراً غَيْرَ مَمْنُون) في تبليغك في علي ما بلغت، وساقها إلى أن بلغ إلى قوله (بِأَييِّكُمُ الْمَفْتُونُ).
وروى باسناده عن جابر، قال: قال أبو جعفر: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: كذب يا علي من زعم أنه يحبني ويبغضك، فقال رجلٌ من المنافقين: لقد فتن رسول الله بهذا الغلام، فأنزل الله (فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ * بِأَييِّكُمُ الْمَفْتُونُ).
وروى باسناده عن الضحاك بن مزاحم قال: «لما رأت قريش تقديم النبي عليّاً وإعظامه له، نالوا من علي وقالوا: قد افتتن به محمّد فأنزل الله تعالى: (ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ) هذا قسم أقسم الله به (مَا أَنتَ) يا محمّد (بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُون… وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُق عَظِيم) يعني القرآن وساق الكلام الى قوله: (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ) وهم النفر الذين قالوا ما قالوا (وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)يعني علي ابن أبي طالب».
قال أبو نواس:
«واليت آل محمّد *** وهم السبيل إلى الهداية
وبرئت من أعدائهم *** وهم النهاية في الكفاية»(2)
(1) سورة القلم: 1ـ7.
(2) شواهد التنزيل ج2 ص267 ـ 269، الأرقام 1002 ـ 1006.