(سورة القصص)
(وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الاَْرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الاَْرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ)(1).
روى الحاكم الحسكاني باسناده عن حنش عن علي قال: «من أراد أن يسأل عن أمرنا وأمر القوم، فانّا واشياعنا يوم خلق السماوات والأرض على سنة موسى وأشياعه، وان عدونا يوم خلق السماوات والأرض على سنة فرعون وأشياعه، فليقرأ هؤلاء الآيات (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِي الاَْرْضِ)(2) (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا) إلى قوله (يَحْذَرُونَ) فأقسم بالذي فلق الحبة وبرأ النسمة وأنزل الكتاب على موسى صدقاً وعدلا، ليعطفنّ بينكم هؤلاء الآيات عطف الضروس على ولدها»(3).
وروى باسناده عن فاطمة بنت الحسين عن أبيها الحسين بن علي عليهم السّلام قال: نحن المستضعفون ونحن المقهورون، ونحن عترة رسول الله، فمن نصرنا فرسول الله نصر، ومن خذلنا فرسول الله خذل، ونحن واعداؤنا نجتمع (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْس مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْر مُّحْضَراً)(4).
وروى باسناده عن المفضل بن عمر، قال: «سمعت جعفر بن محمّد الصادق يقول: انّ رسول الله نظر إلى علي والحسن والحسين فبكى وقال: انتم المستضعفون بعدي ـ قال المفضّل فقلت له: ما معنى ذلك يا ابن رسول الله؟ قال معناه: انّكم الأئمة بعدي، ان الله تعالى يقول: (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الاَْرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ) فهذه الآية فينا جارية إلى يوم القيامة(5).
قال علي عليه السّلام: لتعطفن الدنيا علينا بعد شماسها عطف الضروس على ولدها. وتلا عقيب ذلك (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الاَْرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ)(6).
(قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَاناً فَلاَ يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا أَنتَُما وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ)(7).
روى الحاكم الحسكاني باسناده عن انس عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: «بعث النبي مصدقاً إلى قوم فعدوا على المصدّق فقتلوه، فبلغ ذلك النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فبعث علياً فقتل المقاتلة وسبى الذرية، فبلغ ذلك النبي فسرّه فلما بلغ علي ادنى المدينة تلقاه رسول الله فاعتنقه وقبّل بين عينيه وقال: بأبي أنت وامي من شد الله عضدي به كما شد عضد موسى بهارون»(8).
(أَفَمَن وَعَدْنَاهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لاَقِيهِ كَمَن مَّتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الُْمحْضَرِينَ)(9).
روى الزرندي عن مجاهد في قوله تعالى: (أَفَمَن وَعَدْنَاهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لاَقِيهِ)قال: «نزلت في علي وحمزة» (كَمَن مَّتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) أبو جهل(10).
وروى الحاكم الحسكاني باسناده عن عبدالله بن عباس في قول الله تعالى (أَفَمَن وَعَدْنَاهُ) قال: «نزلت في حمزة وجعفر وعلي، وذلك ان الله وعدهم في الدنيا الجنة على لسان نبيه صلّى الله عليه وآله وسلّم فهؤلاء يلقون ما وعدهم الله في الآخرة. ثم قال: (كَمَن مَّتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) وهو أبو جهل ابن هشام (ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الُْمحْضَرِينَ) يقول: من المعذَّبين(11).
(وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ * وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ)(12).
روى البحراني عن أنس بن مالك قال: «سألت رسول الله عن هذه الآية فقال ان الله خلق آدم من الطين كيف يشاء ويختار وان الله تعالى اختارني وأهل بيتي على جميع الخلق فانتجبنا فجعلني الرسول وجعل علي بن أبي طالب الوصي، ثم قال (مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ) يعني ما جعلت للعباد ان يختاروا ولكني اختار من اشاء، فانا وأهل بيتي صفوته وخيرته من خلقه، ثم قال سبحان الله يعني تنزيهاً لله عما يشركون به كفار مكة، ثم قال: وربك يعني يا محمّد يعلم ما تكنّ صدورهم من بغض المنافقين لك ولأهل بيتك وما يعلنون من الحب لك ولأهل بيتك»(13).
قال علي بن إبراهيم: يختار الله الامام وليس لهم أن يختاروا، ثم قال (وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ) قال ما عزموا عليه من الاختيار، واخبر الله نبيه عليه السّلام قال ذلك(14).
(تِلْكَ الدَّارُ الاْخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الاَْرْضِ وَلاَ فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)(15).
روى ابن عساكر باسناده عن زاذان عن علي أنّه كان يمشي في الاسواق وحده وهو وال يرشد الضال، وفي حديث عبد الجبار ينشد الضال ويعين الضعيف ويمرّ بالبيّاع والبقال، فيفتح عليه القرآن ويقرأ (تِلْكَ الدَّارُ الاْخِرَةُ)(16).
(1 و 2) سورة القصص: 5 ـ 6.
(3) شواهد التنزيل ج1 ص431 .
(4) شواهد التنزيل ج1 ص434 والآية في سورة آل عمران 30 .
(5) شواهد التنزيل ج1 ص434 .
(6) نهج البلاغة الباب المختار من حكم أميرالمؤمنين عليه السّلام رقم 209.
(7) سورة القصص: 35.
(8) شواهد التنزيل ج1 ص435 رقم /598.
(9) سورة القصص: 61.
(10) نظم درر السمطين ص91، ورواه السيد البحراني في البرهان ج3 ص234 رقم /1.
(11) شواهد التنزيل ج1 ص436 رقم /601.
(12) سورة القصص: 68ـ69.
(13) غاية المرام الباب الثالث والثلاثون ص331.
(14) تفسير القمى ج2 ص143.
(15) سوره القصص: 83.
(16) ترجمة الامام علي بن أبي طالب من تاريخ مدينة دمشق ج3 ص202 رقم /1252، ورواه أحمد في الفضائل ج1 رقم 184.